«لوحة لكل بيت».. مشروع يزاوج بين الثقافة والفن

اللوحة التشكيلية تماثل قصيدة أو كتابا أو معزوفة فنية

الفنان زمان جاسم أمام إحدى لوحاته في المعرض
الفنان زمان جاسم أمام إحدى لوحاته في المعرض
TT

«لوحة لكل بيت».. مشروع يزاوج بين الثقافة والفن

الفنان زمان جاسم أمام إحدى لوحاته في المعرض
الفنان زمان جاسم أمام إحدى لوحاته في المعرض

يفتش الفنانون التشكيليون عن ذائقة بصرية تكسر غربة اللوحة وتحطم أسوارها، وتستلهم صورتها الجمالية، ورسالتها، بوصفها مكونا ثقافيا أصيلا لا يقل عن القصيدة الشعرية أو الرواية أو المعزوفة الموسيقية. فلطالما شعر الفنانون أن لوحاتهم سجينة المعارض لا تتدفق في مجرى التنفس الثقافي، ولا تشارك في إنتاج الوعي وتشكيل الجمال.
لكن مبادرة بدأت وانتعشت في جدة غربي السعودية، وتواصلت في المنطقة الشرقية، مثلت مزاوجة ثقافية مع الفن التشكيلي، وهدفت لحث الجمهور على التعامل مع اللوحة بوصفها مكونا ثقافيا وجماليا في آنٍ.
لا يهدف مشروع «لوحة لكل بيت» الذي يختتم إحدى محطاته الفنية اليوم، إلى تحقيق الربح، فقيمة اللوحة رمزية، ولكن يهدف إلى تجسير الفجوة بين الجمهور واقتناء اللوحات التشكيلية، وإضفاء لغة بصرية على الثقافة.
يقول الفنان التشكيلي زمان جاسم: «الفكرة هي امتداد لمشاريع سابقة بدأت في جدة قبل سنوات، وهدفت لجعل الفن التشكيلي أحد مكونات الحياة الثقافية للمجتمع. وبسبب قلة الإقبال على اقتناء اللوحات الفنية، لم تعد تمثل هذه اللوحة وجودا رئيسا داخل المشهد، مثلها مثل الكتاب والقصيدة والمعزوفة الفنية».
المبادرة الأخيرة التي أطلقها زمان جاسم، ومعه عدد من الفنانين التشكيليين أمثال: عبد العظيم الضامن، ومنير الحجي، وحميدة السنان، وخلود السالم، وعبد العظيم آل شلي.. وغيرهم، تمكنت من جمع 90 فنانا تشكيليا من الجنسين، شاركوا بنحو 220 لوحة فنية في معرض جماعي (يختتم اليوم) في القطيف.
يقول زمان: «حرص المشاركون على أن تكون اللوحة الفنية في متناول الجميع، تحت سقف سعري لا يزيد على ألف ريال (نحو 250 دولارا)، مما يعني أن المشاركين سيتعين عليهم التنازل عن حصة من قيمة اللوحة لصالح الفكرة التي يؤمنون بها».
ويضيف: «المفاجأة كانت في إقبال الجمهور. فقد جرى بيع نصف المعرض تقريبا في اليومين الأولين، كما أن الإقبال كان متنوعا في اختيار التجارب الحديثة والتجريدية، ولم يكن المتلقي متشبثا بالكلاسيكية، كما كان معروفا عنه».
أما الفنان التشكيلي عبد العظيم الضامن، وهو واحد من رواد هذه التجربة، فيقول: «هذه الأفكار والمشاريع كلها تصب في قالب واحد وهو أن تكون اللوحة ليست للنخب فقط، بل لكل الناس، مثلها مثل الكتاب والمسرح، والقصيدة.. وبالنسبة للوحة، فإن انتشارها يساهم في نشر الجمال، وهي قطعة فنية تمنح مقتنيها شعورا بالاعتزاز». ويضيف الضامن: «معرض (لوحة لكل بيت) تعالج نقصا في ثقافتنا لا يجعل من اللوحة شريكا كاملا في الحصة الثقافية، وترمم الثقافة المفقودة في مجتمعنا التي تقصر الفن التشكيلي داخل قاعات عرض لا يحضرها سوى الفنانين أو أصدقائهم أو التجار، لذا ستكون مثل هذه المعارض دعوة للبسطاء بامتلاك لوحات فنية كغيرهم من الميسورين».

* «لوحة لكل بيت»
ومشروع «لوحة لكل بيت»، لم يكن جديدا ولم يبدأ في المنطقة الشرقية، فقد سبق لـ«أتيليه جدة» أن نفذ قبل سنوات هذا المشروع.
يقول لـ«الشرق الأوسط» هشام قنديل، مدير «أتيليه جدة» وصاحب فكرة معرض «لوحة لكل بيت»، إن هذا المشروع «يهدف إلى أن نعيش الجمال في بيوتنا العربية، وأن ننتقل من حالة المشاهدة العابرة إلى مرحلة دخول الفن وتذوقه بصفته أحد مفردات سلوكنا الطبيعي المعتاد، ويؤثر فينا ونتأثر به في حياتنا اليومية».
يضيف قنديل: «ندرك يقينا أن ذلك هدف لا نقوى بمفردنا على النهوض به في (أتيليه جدة)، لكننا ندرك أكثر أننا استطعنا تحقيق أشياء كثيرة في هذا الطريق من خلال معارضنا الستة السابقة التي تحمل الاسم نفسه، ثم لأننا ندرك أن بيوتنا تستحق أن يسكنها الجمال لترى أجيالا قادمة تكمل مسيرة نجتهد في التمهيد للسير والتقدم بها خطوات».
تمكن «أتيليه جدة» وعبر معارض متعددة لتسويق فكرة «لوحة لكل بيت» أن يبيع أكثر من 500 لوحة تشكيلية، ويقول قنديل: «أكثر من خمسمائة بيت انحاز للجمال وفتح أبوابه وجدرانه، مما يجعلنا على يقين تام بأن الجمال هو الفطرة الطبيعية وأن التذوق الفني أصيل في تركيبتنا الشخصية».
لكن ماذا يمثل الفن بوصفه قالبا ثقافيا؟ يقول قنديل: «في زمن الاختلاف يعد الفن حياة وغذاء للروح المتعبة المنهكة من منغصات الحياة. وعندما يتحول الفن إلى (لوحة لكل بيت)، فإن ذلك يمثل رؤيتنا بأن الفن مهرب من حياة ضعيفة إلى حياة رحبة ملؤها الحلم والمثل العليا».
ويضيف: «(لوحة لكل بيت) دعوة للتأمل والاستمتاع بالفن الجميل.. تأمل يعيننا على تحمل أعباء الحياة ومنغصات السياسة».

* وجبة بصرية
أما الفنان التشكيلي والناقد المغربي، المقيم في جدة، محمد الشهدي، فيرى «اللوحة الفنية أكثر من كونها طبقا خاصا نقدمه باعتداد لضيوفنا أو زوارنا، بوصفها وجبة بصرية إن في مستواها الجمالي أو قياسا ببعدها الخطابي، فوجودها ينسحب على أكثر من مشهد». ويضيف: «الجداريات في الشوارع والأماكن العامة على سبيل المثال هي من قبيل إثراء مواقع كهذه بالجمال وبالحركة البصرية، ليمتد هذا التماثل إلى استعارة اللوحة في واجهات الكتب بوصفها ناصية تكون في جل الأحيان ممهدة لما تحويه هذه المؤلفات من النصوص على اعتبار أن ما يجيز تكاملية كهذه بين الصنفين (اللوحة والمتن) أنهما في الثقافة سواء». ويزيد الشهدي: «هناك أيضا الدور الدبلوماسي للأعمال الفنية الذي يعمل على تلاقح ثقافات الأمم رغم شسوع المسافات الجغرافية، المتجلي في أن نتاج الفنان الواحد يوجد في العديد من الأقطار، وبغض النظر عن أي تباين حضاري، فاللوحة خطاب بين الفنان والممثل».



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.