ليلة سعودية بامتياز، كشفت للعالم نهجها الحازم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، للتصدي لكل ما يهدد الأمن سواء من الداخل أو الخارج، كاشفة حجم إنجازات العمل والطموح التي أصبحت واضحة المعالم. في حين تصدت لصاورخ حوثي باليستي، كانت هنالك قرارات حازمة تجاه محاربة الفساد، لتعلن الرياض أن العمل للتطوير والتطوير للمستقبل، شعارات السعودية التي تتحدث وتكون لغتها متساوية بالفعل في ذلك الطموح، وكل ما سيكون في المقبل هدفه الصعود للقمة التي تستحقها البلاد.
قوة الدفاع
مساء الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، شعر السكان بصدى اعتراض صاروخ باليستي جاء من حوثي اليمن، الجديد أنه اقترب من أجواء العاصمة الرياض، وتصدت له قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي، كما هي العادة، بعد أكثر من 77 صاروخاً باليستياً كانت جميعها في مرمى الدفاع الجوي.
قصص الصواريخ الحوثية، هي ناتج من صواريخ الأفكار الإيرانية التي نجحت إيران في تهريبها للحوثيين قبل بدء عملية عاصفة الحزم التي تقترب من مرور 3 أعوام على بدايتها، دعماً للشرعية اليمنية التي حاول الحوثي الانقلاب عليها.
فالتحالف العربي بقيادة السعودية أفقد إيران كثيراً من أدوات اللعبة، ودمر كثيراً مما كانوا يعدون العدة له، بمواجهة المشروع الفارسي الحالم بتطويق المنطقة، ولم يعد بيد الحوثي أي محاولة للمغامرة في المجالات السياسية أو العسكرية، ولعل محاولات الانقلابيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وضع دول تحظى بالقبول لدى عدد من دول التحالف في موقف المفاوض الموثوق بغية وضع حد لخسائرهم، وإعادة ترتيب صفوفهم ورفع الأوراق الأخرى التي يخبئونها، دليل آخر على الوهن.
صاروخ الحوثيين الأخير الذي تم اعتراضه وسقطت شظاياه على مقربة من مطار الملك خالد الدولي بالرياض، يشابه كل صواريخهم التي حاولت استهداف العمق السعودي، وإن كان مداه كبيراً، لكنه لم يعد يشكّل كثيراً من الأخطار في ظل تفوق السعوديين الدفاعي.
وأثبتت الأيام أن الحوثي يلجأ إلى تلك الصواريخ، في محاولة لتحقيق بعض المكاسب لاستغلالها في الدعاية الإعلامية بعد أن ألحق بهم الحزم السعودي تجاههم على الحدود وقوات الشرعية في العمق اليمني، خسائر فادحة على مستوى العمل الاستراتيجي، وهو ما يثبت فقدانهم حلم السيطرة على الجمهورية اليمنية، في مواجهة دولية ترفض ذلك الانقلاب.
صرامة ضد الفساد
لم يمر ظهور تلفزيوني لولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، دون أن يعرج بحديث كبير عن الفساد وما تسبب به، كانت عبارة «كائناً من كان» قبل الأمير محمد مجرد عبارة إلى حد كبير تسير في طريق لا تتضح نهايتها، اليوم أضحت الصرامة وعدم التهاون في مجابهة ذلك جلية إلى حد كبير.
عودة إلى الوراء قليلاً، بالتحديد في شهر أبريل (نيسان) الماضي، حيث أصدر الملك سلمان، أمراً ملكياً بإعفاء وزير الخدمة المدنية الأسبق، هو لم يكن إعفاء عادياً، بل كان الأمر الملكي واضحاً في شرح الأسباب: «ارتكاب الوزير تجاوزات بما في ذلك استغلاله النفوذ والسلطة»، كذلك إحالته للتحقيق. لذلك أصبحت الرسالة السعودية واضحة، لا تهاون أمام جبل الفساد.
كذلك كان مساء الرابع من نوفمبر، قوة أمام الفساد المالي والإداري، حين أصدر الملك سلمان أول من أمس، أمراً ملكياً بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد بصلاحيات واسعة، وبرئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
حماية للنزاهة وكيان التنمية، كان كذلك في الطموح المحلي، في الوقت الذي لمس فيه السعوديون أكبر مهدد لهم منذ عقود بالوقوف من قبل السلطة الأولى في البلاد ضد الفساد، حيث أكد الملك سلمان: «لن تقوم للوطن قائمة ما لم يتم اجتثاث الفساد من جذوره ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالبلد وتطاول على المال العام».
الأمر الملكي الجديد جاء متسقاً مع خطاب المرحلة السعودية الجديدة، التي تتجه إلى صناعة نموذج تنموي مختلف، في رفع الغطاء على كل المفسدين وأرباب الفساد الذي لم تسقطه سنوات الغياب، خصوصاً من مسؤولين سابقين ووزراء كانوا في محيط الجبل الذي بدأ بالتآكل، ولم يسلم منه أيضاً من يحمل لقب الأمير.
جبهة السعودية الخارجية في قوة الحماية الدفاعية التي تقودها القوات العسكرية، وتحضر جبهتها الداخلية في مستوى أكثر تقدمية بضرب مكامن الخلل والمحاسبة التي تتربص بقطار التنمية السعودي المنطلق بقوة نحو موقع يراه مسيرو العمل للوصول إلى رؤية 2030، التي لا تحتمل أن يكون للفساد ولو حتى حيز في نطاقها الواسع.