مركبات فضائية مطورة لرحلات إلى المريخ واستكشاف أعماقه

«ناسا» تختبر نوعين منها لإرسالها في الأعوام المقبلة

مركبة صممت على شكل صحن لرحلات المريخ
مركبة صممت على شكل صحن لرحلات المريخ
TT

مركبات فضائية مطورة لرحلات إلى المريخ واستكشاف أعماقه

مركبة صممت على شكل صحن لرحلات المريخ
مركبة صممت على شكل صحن لرحلات المريخ

أنجز باحثون في وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) مركبة صاروخية على شكل صحن جرى أخيرا تركيبها النهائي في قاعدة التجارب الصاروخية في المحيط الهادي في كاواي بهاواي التابعة للبحرية الأميركية. ويطلق على المركبة رمز «إل دي إس دي»، وهو مختصر لعبارة «مركبة الهبوط التباطؤية ذات السرعة فوق الصوتية، في أجواء من الكثافة المنخفضة» Low - Density Supersonic Decelerator LDSD.

* رحلات إلى المريخ
وقد صمم الاختبار التحليقي لهذه المركبة لتحري التقنيات الجديدة التي من شأنها أن تفيد في الرحلات المستقبلية لاستكشاف كوكب المريخ، بما في ذلك تلك التي تنطوي على رحلات مأهولة إلى هذا الكوكب الأحمر.
وسبق الإطلاق التجريبي الأول المقرر في صباح الثالث من يونيو (حزيران) المقبل، ثلاثة أسابيع من الاختبارات والتمارين وعمليات المحاكاة. وقد شيدت «إل دي إس دي» في مختبر الدفع النفاث في باسادينا في كاليفورنيا التابع لـ«ناسا»، قبل شحنها إلى كاواي لغرض تجميعها نهائيا وتحضيرها للإطلاق.
وفي هذا الصدد يقول مارك ألدر، مدير المشروع الخاص بهذا الباحث في المختبر، إنه «منذ وصول المركبة إلى قاعدة التجارب البحرية الصاروخية، ونحن نستعد لإطلاقها بعدما جرت هناك إحدى عمليات التجميع الكبرى في 30 من شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما أقرنا المركبة مع صاروخ «ستار - 48 بوستر».
وخلال التجربة التي ستجري الأسبوع المقبل، سيقوم منطاد بحمل مركبة الاختبار من القاعدة في هاواي، إلى ارتفاع 120 ألف قدم. ومن هناك سيجري إسقاطها ليقوم الصاروخ بدفعها ثانية إلى ارتفاع 180 ألف قدم بسرعة تبلغ أربعة أضعاف سرعة الصوت. وحالما تصبح المركبة هذه التي هي على شكل صحن فوق المحيط الهادئ، ستبدأ بسلسلة من الاختبارات الأوتوماتيكية لنوعين من التقنيات الجديدة المبتكرة.
ولغرض إرسال حمولات واسعة وإيصالها إلى الكوكب الأحمر، وبالتالي تمهيد الطريق للرحلات البشرية المأهولة، تعد التقنيات المتطورة مثل «إل دي إس دي» أمرا حاسما. ومن بين التطبيقات الأخرى التي تسهل هذه التقنية الفضائية الجديدة، تسليم المؤن والمواد الضرورية للرحلات الطويلة الأمد إلى المريخ. وتعد الطبقات العليا من الغلاف الجوي الأرضي بيئة مشابهة تماما لخصائص غلافه الجوي الرقيق.
وتخطط «ناسا» لرحلات طموحة متزايدة إلى هذا الكوكب، ممهدة الطريق إلى رحلات استكشافية بشرية علمية أكثر تعقيدا، التي تتطلب مركبات فضائية أثقل وزنا وأكبر حجما للهبوط بسلام، ومثل هذه التقنية الجديدة ستمكن من القيام بها.

* استكشاف أعماق المريخ
وتلقت وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وشركاؤها الدوليون الموافقة على المضي قدما في تشييد مركبة هبوط جديدة على كوكب المريخ، بعدما أنجزت أخيرا مراجعة أساسية ناجحة خاصة بتصميم الرحلة.
ومهمة «ناسا» هذه تسمى «إن سايت»، وهي مختصر لعبارة: استكشاف الأعماق عن طريق الأبحاث الزلزالية، وعمليات المساحة والانتقال الحراري Interior Exploration Using Seismic Investigations Geodesy and Heat Transport InSight، من شأنها الغور في باطن سطح المريخ لدراسة تركيبه الداخلي. ومن شأن هذه الدراسة معرفة كيفية تشكل الكواكب التي تشبه الأرض، وتطور طبقاتها، وتركيب نواتها الداخلية، وغلافها وقشرتها. كما ستجمع المعلومات عن هذه المناطق الداخلية من سطح الكوكب باستخدام معدات لم تستعمل قط من قبل.
وسيجري إطلاق «إن سايت» من قاعدة فاندنبيرغ التابعة لسلاح الجو الأميركي الواقعة في وسط ساحل ولاية كاليفورنيا قرب لومبوك، وذلك في مارس (آذار) من عام 2016. وهذه هي الرحلة الأولى بين الكواكب التي سيجري إطلاقها من كاليفورنيا التي ستساعد وكالة «ناسا» في مهمتها المقبلة لإرسال بشر إلى الكوكب الأحمر في الثلاثينات من القرن الحالي.
وكان فريق «إن سايت» قدم نتائج تصميم الرحلة قبل أسابيع إلى هيئة المراجعة في وكالة «ناسا»، التي أقرت بموجب ذلك الشروع بالمرحلة المقبلة من عمليات التحضير.
ولغرض التحري عن جوف الكوكب الأحمر، ستقوم المركبة التي ستكون ثابتة لا تتحرك، بحمل ذراع روبوتية التي ستنشرها حال هبوطها، مع عدد وأدوات أسهمت بها كل من فرنسا وألمانيا.
وتشترك وكالتا الفضاء الفرنسية والألمانية «سي إن إي إس» و«دي إل آر» على التوالي مع «ناسا»، عن طريق تأمين جهازين علميين أساسيين لـ«إن سايت»؛ إذ ستقوم «سي إن إي إس» بصنع التركيب الداخلي لمعدات التجارب الزلزالية بالاشتراك مع «دي إل آر»، ووكالات الفضاء في كل من سويسرا والمملكة المتحدة. وستقوم هذه المعدات بقياس الموجات الأرضية وحركتها داخل جوف الكوكب، كما تولدت وحصلت أثناء الزلازل التي اجتاحت الكوكب، وفي أعقاب اصطدام الشهب والنيازك على سطحه.
وستتوجه مركبة الهبوط هذه الثلاثية القوائم إلى موقع قرب خط الاستواء في المريخ، لتأمين المعلومات طيلة فترة الرحلة التي ستستغرق 720 يوما، أي نحو سنتين. وستقوم «إن سايت» بتبني تصميم من رحلة مركبة الهبوط السابقة «فينيكس مارس لاندر» التي أنجزتها «ناسا» بنجاح، والتي تفحصت خلالها الثلج والجليد الموجود على التربة في أقاصي شمال المريخ، وذلك في عام 2008.
وستكون رحلة «إن سايت» أطول بمدة 630 يوما من رحلة «فينيكس»، مما يعني أنها ستتحمل مجموعة واسعة من الأحوال البيئية والمناخية على سطح الكوكب.
وبموجب الصور التي ستلتقطها المركبة لما يحيط بها، ستقوم الذراع الروبوتية بوضع المقياس الزلزالي على سطح الكوكب قبل وضع غطاء واقٍ فوقها بغية تخفيف تأثيرات الريح والحرارة على عمل الأجهزة الحساسة. وستقوم الذراع بوضع مسبار الدفق الحراري في موقع لكي يقوم بالحفر في الأرض إلى عمق يصل إلى ثلاثة أو خمسة أمتار تقريبا.
ويتألف فريق «إن سايت» العلمي الدولي من باحثين من النمسا، وبلجيكا، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، واليابان، وبولندا، وإسبانيا، وسويسرا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.



دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة
TT

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

إن مسألة ما إذا كان الانحباس الحراري العالمي يتسارع، هي مسألة مثيرة للجدال بشدة بين علماء المناخ، ففي حين زعم ​​البعض أن معدل الانحباس الحراري الحالي -الذي بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في العام الماضي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة انبعاثات الوقود الأحفوري وبالتالي يتماشى مع نماذج المناخ الحالية؛ يُحذر آخرون من أن الأرض أضحت أكثر حساسية لتأثيرات الوقود الأحفوري مما كان يُعتقد سابقاً، وأن البشرية تتجه نحو نقاط تَحوّل لا يمكن العودة منها.

وتيرة ارتفاع الحرارة أقل داخل مومباي والقاهرة

في دراسة حديثة، زادت مجموعة من الباحثين من جامعة ملبورن تعقيد هذا النقاش من خلال تحليل معدلات الانحباس الحراري في جميع أنحاء العالم والأسباب المحتملة للاختلافات الإقليمية.

النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها: تزداد حرارة الكرة الأرضية بمعدل أسرع، لكن هذا التسارع يحدث بشكل غير متساوٍ. ولكن من المثير للدهشة أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مع التركيزات الكبيرة من الفقر -المدن الكبرى مثل القاهرة ومومباي-ـ ترتفع درجة حرارتها ببطء أكثر من المراكز الحضرية في أوروبا وأميركا الشمالية.

دقائق الهباء الجوي تعكس أشعة الشمس

لماذا؟ وجد الباحثون أن الكمية الكبيرة من دقائق الهباء الجوي في الهواء في المدن شديدة التلوث تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، وعلى الأقل في الأمد القريب، يمكن أن يكون لها تأثير تبريدي صافٍ على السكان.

وأشادت إديث دي جوزمان، المتخصصة في سياسة التكيف في مركز لوسكين للابتكار بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، بالباحثين، على عملهم.

وأكد مؤلفو الورقة البحثية أن النتيجة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها علامة جيدة. فمن ناحية، من المرجح أن تكون مؤقتة فقط. وثانياً، تأتي الحماية، كما هي، فقط من الملوثات الضارة. ووافقت دي جوزمان على هذا الاستنتاج، قائلةً إن الاحترار المتسارع يعني أن «السكان الذين هم بالفعل عُرضة بشكل صارخ لمجموعة متنوعة من الظلم البيئي والمناخي سوف يكونون أكثر عرضة للخطر».

التخلص من التلوث الجوي يزيد الحرارة

ومع تطور البلدان اقتصادياً، تميل حكوماتها إلى تبني سياسات لتنقية البيئة من التلوث، ولكن مع صفاء الهواء، سوف تتعرض الفئات السكانية الضعيفة لخطر التعرض للحرارة الشديدة. وقد قدم كريستوفر شوالم، مدير برنامج المخاطر في مركز «وودويل لأبحاث المناخ»، مثال الصين، حيث بدأت الحكومة في تجهيز محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بتقنيات الحد من الانبعاثات مثل أجهزة التنظيف، لمنع السخام من التسرب من المنشأة. وقال إن مثل هذه التدابير جيدة لجودة الهواء، لكنها ستسمح بتسرب مزيد من الحرارة من الشمس.

الفقر يزيد تأثيرات ارتفاع الحرارة

وسوف يكون الأكثر تضرراً هم أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى مكيفات الهواء والمناطق المظللة. وأضاف شوالم: «كلما كنت أكثر فقراً، ارتفعت درجة الحرارة، حيث تكون الحرارة استعارة لجميع أشكال اضطراب المناخ».

وأوضح شوالم أن المجتمع العلمي لديه نحو ثلاثين نموذجاً مناخياً متطوراً للغاية يُنظر إليه بشكل جماعي على أنه «لجنة من الخبراء» حول مسار الانحباس الحراري العالمي. يعتقد أن دراسة الاحترار المتسارع مفيدة لأنها يمكن أن تساعد البلدان على التخطيط لتدابير التكيف مع المناخ وفهم مدى واقعية أهداف سياسة المناخ الحالية -أو عدمها.

تغيرات مناخية مؤثرة

في العام الماضي، لم يحقق العالم أهداف الانبعاثات من اتفاقية باريس لعام 2015، وهو في طريقه لفعل نفس الشيء هذا العام. أصبح العلماء أكثر صراحةً بشأن ما تسمى وفاة التزام اتفاقية باريس بالحفاظ على العالم دون زيادة في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، في محاولات لإجبار صناع السياسات على التعامل مع حتمية موجات الحر المتفاقمة والأحداث الجوية المتطرفة القادمة.

يقدم مؤلفو ورقة ملبورن رؤى مطلوبة بشدة حول شكل المستقبل وكيف يجب على الدول الاستعداد: «يجب أن تشجع نتائجهم «استراتيجيات التكيف مع المناخ المستهدفة» الموجهة إلى أفقر المجتمعات الحضرية في جميع أنحاء العالم.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».