ارتكبت القوات النظامية أمس مجزرة جديدة في مدينة حلب، عبر غارات جوية متفرقة استهدفت حي طريق الباب، ومدينة الباب وبلدة تادف، الواقعتين شمال شرقي حلب، مما أدى إلى مقتل 44 شخصا على الأقل وجرح العشرات من المدنيين. وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان مقاتلين معارضين إسلاميين سيطرتهم على حقل العمر النفطي بدير الزور، لتخسر القوات النظامية سيطرتها على كل الحقول النفطية في المنطقة الشرقية.
وقصف الطيران الحربي حي طريق الباب، مما أدى إلى مقتل 30 شخصا في محصلة أولية، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى عشرات الجرحى. واستهدفت الغارات الجوية سوقا للخضار في حي كرم البيك الصغير المحاذي لدوار الحلوانية، ظهر أمس، خلال وقت الذروة وازدحام السوق بروادها. وأظهر شريط فيديو بثه ناشطون على موقع «يوتيوب» عددا من الأشخاص وهم متجمعون على كومة من الركام بعد انهيار مبنى، فيما كان آخرون يبحثون عن ناجين تحت الأنقاض. فيما أظهر شريط فيديو آخر عددا من الأشخاص وهم يطفئون النار في حافلة صغيرة وسط الركام.
ورجح المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع عدد القتلى بسبب وجود عدد كبير من الجرحى في حالات خطرة، مشيرا من جهة أخرى إلى مقتل نحو 20 شخصا على الأقل من جراء قصف بالطيران الحربي استهدف مدينة الباب وبلدة تادف. ولم تستهدف القوات النظامية منذ نحو ستة أشهر تجمعات للمدنيين بهذا الشكل في مدينة حلب، مع انشغالها بالقتال على جبهات أخرى.
وفي دير الزور، أعلن مقاتلون إسلاميون سيطرتهم على واحد من أكبر وأهم الحقول النفطية الاستراتيجية في محافظة دير الزور، إذ تمكن مقاتلو «جبهة النصرة» وكتائب إسلامية أخرى من السيطرة بشكل كامل أمس على حقل العمر النفطي، عقب اشتباكات ليلية مع القوات النظامية استمرت حتى فجر أمس وانتهت بالسيطرة الكاملة على الحقل الذي يعد أكبر وأهم حقل نفط في سوريا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قدرة الحقل الإنتاجية تبلغ 75 ألف برميل في اليوم، لافتا إلى سيطرة المقاتلين الإسلاميين أيضا على آليات عسكرية ومعدات نفطية.
وأظهر شريط فيديو بثه ناشطون معارضون على موقع «يوتيوب» عددا من المقاتلين وهم يتجولون عند مدخل الحقل النفطي، فيما يقود آخرون دبابة تابعة للنظام استولوا عليها بعد انسحاب قواته. وقال أحد الناشطين إن مقاتلي المعارضة سيطروا على سبع دبابات للنظام.
وتعد محافظة دير الزور من أوائل المحافظات المنتجة للنفط في سوريا منذ عام 1977، وتضم حقولا عدة أبرزها حقل العمر، الذي كانت القوات النظامية لا تزال تحتفظ به، فيما حقل رحيم الخاضع لسيطرة المعارضة متوقف عن الإنتاج، بعد قصفه من القوات النظامية. ويعتبر حقل الورد أبرز حقول النفط في دير الزور الخاضع لسيطرة المعارضة أيضا من دون أن يتوقف عن الإنتاج. وتشكل حقول النفط السورية محط أطماع مقاتلي المعارضة والمقاتلين الأكراد، بينما يصارع النظام من أجل الحفاظ على حقل رميلان بالحسكة.
ونقلت صحيفة «تشرين» الرسمية عن مؤسسة النفط السورية، في الثاني عشر من الشهر الحالي، بلوغ قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي أصابت قطاع النفط في سوريا نتيجة الأزمة المستمرة في البلاد، نحو 17.7 مليار دولار أميركي.
وفي جبال القلمون بريف دمشف، تعرضت المنطقة أمس لقصف نظامي استهدف بشكل خاص أنحاء في بلدات النبك ويبرود ودير عطية التي تمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة عليها قبل يومين. ونفذ الطيران الحربي غارات جوية استهدفت أمس مناطق بمحيط بلدة الدير سلمان والمرج، مما أدى لسقوط عدد من الجرحى.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتعرض النبك لقصف مستمر من القوات النظامية، بالتزامن مع غارات جوية تجاوز عددها 12 غارة حتى الظهر، مما أدى لأضرار في الممتلكات وسقوط عدد من الجرحى، وسط انقطاع تام للكهرباء والماء ووسائل الاتصال والإنترنت منذ يومين.
وبينما أعلنت الكتائب المقاتلة الحي الغربي في النبك منطقة عسكرية، تداولت صفحات المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي أمس مضمون رسالة وجهها مقاتلو المعارضة إلى أهالي بلدة دير عطية بالقلمون، ذات الغالبية المسيحية، عبر مآذن الجوامع، وذلك بعد السيطرة على البلدة أول من أمس. وقال مقاتلو المعارضة في رسالتهم «إلى إخوتنا وأهلنا المسيحيين في دير عطية، نحن نعلم مدى الخوف والرعب الذي زرعه النظام اﻷسدي في قلوبكم تجاهنا، ونقدر خوفكم، ولكن نتعهد أمام الله وأمامكم.. أنكم إخواننا في الله وأننا سنبذل الغالي والرخيص لحمايتكم وحماية المسلمين من إجرام نظام (الرئيس السوري بشار) اﻷسد. ونؤكد لكم أننا والله ما خرجنا للجهاد إلا لنرد عنكم الأذى والإجرام ونحرركم من هذه العصابة القذرة التي عاثت في سوريا الفساد والإرهاب».
وأبدى مقاتلو المعارضة «الجهوزية» لمحاسبة أي أحد يتعدى على أهالي البلدة و«لو بالكلام»، مبدين كذلك استعدادهم «لتأمين جميع ما يلزمهم من دواء أو طعام أو مأمن». وكانت مناطق في الغوطة الشرقية ومدينتي معضمية الشام وداريا وبلدة بيت سحم ومخيم خان الشيح تعرضت ليل الجمعة - السبت لقصف نظامي، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة، وفق المرصد، بين القوات النظامية، مدعمة بقوات جيش الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني ومقاتلي «لواء أبو الفضل العباس» من جهة ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة من جهة أخرى، على أطراف بلدة بيت سحم من جهة مطار دمشق الدولي. وأوقعت الاشتباكات خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
وفي العاصمة دمشق، دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة على أطراف حي جوبر، بالتزامن مع قصف نظامي استهدف الحي. وفي محافظة حمص، وسط سوريا، دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة في محيط بلدة الكم، ذات الغالبية الشيعية وأطراف بلدة تلبيسة، التي استهدفها القصف النظامي. كما حصلت اشتباكات عنيفة في مزرعة اصمد بريف حمص الشرقي، التي تعتبر خط الدفاع عن قرية تل جديد التي يقطنها مواطنون من الطائفة العلوية والإسماعيلية، انتهت بسيطرة المعارضة.
وبريف حماه، أعلن مقاتلو المعارضة سيطرتهم على بلدتي البرغوتية والعصافرة بريف حماه، خلال معركة «قادمون»، وفق الهيئة العامة للثورة السورية، بالتزامن مع اشتباكات أخرى على جبهة بلدة البوبلايا وقصف الطيران المروحي لأحياء مدينة كفرزيتا بالبراميل المتفجرة.
ومن جهة اخرى قالت مصادر في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» إن لقاء سيجمع وفدا مصغرا من أعضائه بنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في جنيف اليوم، لبحث الاستعدادات لعقد مؤتمر «جنيف 2» للسلام الخاص بسوريا.
وأوضحت أن «الائتلاف لن يشارك في المفاوضات من أجل حل النزاع في سوريا من دون ضمانات دولية لتنفيذ مقررات «جنيف 1».
ويلتقي الأمين العام للائتلاف الوطني السوري بدر جاموس، وأعضاء الائتلاف عبد الحكيم بشار وعبد الأحد اصطيفو ونذير الحكيم، في جنيف اليوم، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، للتباحث معه حول عقد مؤتمر «جنيف 2» المرتقب أواسط الشهر المقبل. كما يلتقي الوفد ممثلا عن الجانب الأميركي، والمبعوث الدولي والعربي في سوريا الأخضر الإبراهيمي.
وأوضحت تقارير إعلامية أمس أن «الوفد سيسعى للوصول إلى ثوابت مشتركة حول الخطوة التالية التي يمكن أن يخطوها الائتلاف باتجاه الحل السياسي، وباتجاه المشاركة في المؤتمر». وقال المتحدث باسم الائتلاف الوطني المعارض لؤي صافي لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف من هذه اللقاءات التحضير لمؤتمر «جنيف 2»، موضحا أن «المعارضة لا تريد أن تذهب إلى المفاوضات من دون ضمانات دولية تلزم النظام بتنفيذ المقررات التي ستفضي عن المؤتمر».
وأكد صافي «ضرورة التوصل إلى توافق مع مختلف الأطراف حول مطالبنا التي تتمحور حول الالتزام الكامل من قبل النظام ببيان «جنيف 1» وإجراء خطوات أساسية كإطلاق المعتقلين وإيقاف أعمال القتل ضد المدنيين. وتنص بنود «جنيف 1» على تشكيل سلطة انتقالية تتألف من النظام السوري والمعارضة دون دور واضح للرئيس السوري بشار الأسد.
ونسق الوفد مع رئيس الائتلاف أحمد الجربا، الذي يجري جولة خليجية، حول تفاصيل الزيارة والرؤية الأساسية للائتلاف حول «جنيف 2»، التي حددها اجتماع الهيئة العامة الأخير، وفق المصادر ذاتها.
وبحث الإبراهيمي أمس عقد «جنيف2» مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في جنيف. ومن المتوقع أن يجتمع الإبراهيمي مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في وقت لاحق.
ورغم الجهود الدولية لبدء المحادثات لا تبدي المعارضة ولا القوات الموالية للأسد استعدادا لإلقاء السلاح. ويسبق هذه الاجتماعات لقاء ثنائي غدا (الاثنين) في جنيف بين بوغدانوف ومساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان بحضور الإبراهيمي.
وكانت الهيئة العامة للائتلاف وافقت على حضور مؤتمر «جنيف 2»، على أن يؤدي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة، بما فيها الصلاحيات الرئاسية والعسكرية والأمنية، إضافة إلى عدم وجود أي دور للرئيس السوري بشار الأسد ومساعديه في المرحلة الانتقالية. وأشارت الهيئة في رؤيتها إلى أن انتقال السلطة منصوص عليه في بيان «جنيف 1»، وفي قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118، الذي تبنى بيان جنيف، ودعا إلى عقد مؤتمر دولي لتطبيقه.
وسبق لكل من بدر جاموس وفاروق طيفور أن التقيا بنائب وزير الخارجية الروسية في إسطنبول في لقاء قصير، وقال جاموس حينها إنه «من الأولويات التركيز على ما يجري على الأرض من أوضاع إنسانية في المناطق التي يحاصرها النظام، ولفت الأنظار إلى ازدياد عنفه وإجرامه كلما اقترب (جنيف 2)»، مشددا على «ضرورة إنهاء مأساة الشعب السوري، لكن ضمن محددات الائتلاف ورؤيته التي لن تسمح ببيع دماء السوريين».
في حين قال بيان لوزارة الخارجية الروسية بعد اللقاء إن بوغدانوف بحث في إسطنبول مع جاموس وطيفور الوضع الإنساني في سوريا، وجرى البحث في التحضير لمؤتمر «جنيف 2»، في ضوء موافقة الائتلاف على المشاركة فيه.
مجزرة في حلب.. والمعارضة تسيطر على أكبر حقول سوريا النفطية
وفد من «الائتلاف» يلتقي الإبراهيمي وبوغدانوف في جنيف
سوريون يحاولون إنقاذ ناجين من بين الأنقاض بعد غارات جوية شنها النظام السوري في حلب أمس (رويترز)
مجزرة في حلب.. والمعارضة تسيطر على أكبر حقول سوريا النفطية
سوريون يحاولون إنقاذ ناجين من بين الأنقاض بعد غارات جوية شنها النظام السوري في حلب أمس (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة








