إيران و«الإخوان»: الجذور الآيديولوجية للشراكة (الحلقة الأخيرة) : طهران تستعيد «فدائيين الإسلام» الذين «قضت» عليهم وأعدمت قياداتهم

حاولت أن توجد لها موطئ قدم بمصر في عهد مرسي

الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي يستقبل أحمدي نجاد في القاهرة أثناء فترة ولايته
الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي يستقبل أحمدي نجاد في القاهرة أثناء فترة ولايته
TT

إيران و«الإخوان»: الجذور الآيديولوجية للشراكة (الحلقة الأخيرة) : طهران تستعيد «فدائيين الإسلام» الذين «قضت» عليهم وأعدمت قياداتهم

الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي يستقبل أحمدي نجاد في القاهرة أثناء فترة ولايته
الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي يستقبل أحمدي نجاد في القاهرة أثناء فترة ولايته

بحلول عام 1965، كان عقد كامل قد مر على إعلان حكومة طهران «القضاء الكامل» على «فدائيي الإسلام»، أي النسخة الإيرانية من «الإخوان المسلمين»، وذلك في أعقاب إعدام قيادتها المعروفة. ومع ذلك، وفي 22 يناير (كانون الثاني)، عادت الجماعة التي كان يفترض أنها اختفت تماما إلى صدارة المشهد على نحو مباغت، باغتيالها رئيس الوزراء حسن علي منصور. ولاحقا، أخبر الشخص الذي اغتاله، وهو محمد بخاري، المحققين بأن جماعة «الفدائيين» تفرقت وانقسمت إلى جماعات عدة، وأنها «مستعدة لتنفيذ عمليات قتل وللموت أيضا». والأخطر من ذلك هو أن بخاري زعم أن اغتيال رئيس الوزراء كان «بتخويل» من فتوى أصدرها آية الله محمد هادي ميلاني من مشهد. لكنني أجريت حوارا مع ميلاني في عام 1970، في منزله، وعلق على ذلك الزعم قائلا إنه «باطل يستهدف الإساءة لرجال الدين».
على الرغم من أن ميلاني لم يكن متعاطفا مع الفدائيين، كان هناك العديد من رجال الدين الشيعة الآخرين الذين ينظرون لتلك الجماعة بمزيج من الخوف والاحترام. كان الفدائيون قد استعاروا مفهومين رئيسين من «إخوان مصر»؛ أولهما هو تحويل الإسلام من دين إلى آيديولوجيا سياسية، وكان ذلك جديدا تماما بالنسبة لإيران. فمنذ أن قام الصفويون بتحويل المذهب الشيعي الاثني عشري إلى الدين الرسمي لإيران، نأى رجال الدين، الذين جاء معظمهم من لبنان والعراق، بأنفسهم عن السياسة. وكان ذلك راجعا إلى أن العقيدة الشيعية تعتبر الحكومات التي تشكلت في غياب المهدي المنتظر حكومات غير شرعية. وما دام الإمام المنتظر لا يزال مختفيا، لا يجب على المؤمن أن يشارك في السياسة، وعليه أن يقيم أقل قدر ممكن من التواصل مع السلطات الحاكمة. ووفقا لمبدأ «الانتظار»، كانت المهمة الرئيسة للمؤمن هي إعداد نفسه لـ«الظهور».
لكن «الفدائيين»، وفروعهم التي ظهرت لاحقا، لم يكونوا يوافقون على ذلك المبدأ؛ فقد كانوا يصرون على أن المؤمن يجب أن يحاول بفعالية تعجيل «العودة»، ومن ثم فقد أسسوا مفهوم «التعجيل» في مواجهة مفهوم «الانتظار». وبينما كان ميلاني رجلا مؤمنا بـ«الانتظار»، كان الخميني، الذي كان منفيا في العراق، رجل «تعجيل». وكان يطلق على الجماعة التي ينتمي إليها قاتل منصور «تحالف المجتمعات الإسلامية». وهي جماعة ستلعب دورا محوريا في نظام الخميني بعد ذلك، حيث تمكن أحد قادتها، حبيب الله أصغر أولادي، في الاستمرار في العديد من الوزارات في عهد الخميني، وتمكن من جمع ثروة كبيرة وأنهى حياته الطويلة، وهو من أهم الشخصيات في نظام الخميني.
ولم يكن تحالف بخاري هو الفرع الوحيد لـ«الفدائيين»، فقد كانت هناك جماعة أخرى تطلق على نفسها «حزب الأمم الإسلامية»، يقودها عباس دوزدواني، الذي سيصبح، لاحقا، وزير الإرشاد الإسلامي في عهد الخميني، وكانت تلك الجماعة تحلم بـ«الجهاد» المسلح لتحويل العالم كله إلى المذهب الشيعي.
وكان هناك فرع آخر لـ«الفدائيين» هو حزب الله، الذي يقوده حجة الإسلام هادي الجعفري، وهو الرجل الذي قتل في عام 1979 رئيس الوزراء السابق، أمير عباس هويدا، أثناء اقتياده إلى محبسه بعد انتهاء إحدى جلسات المحاكمة. ومن قيادات حزب الله الآخرين، كان هناك آية الله صادق خلخالي، الذي كان مقربا من الخميني والذي قام باعتباره من كبار القضاة الإسلاميين، بالحكم على ما يزيد على خمسة آلاف سجين، بالإعدام مباشرة فور استيلاء الملالي على السلطة في عام 1979.
وبعد الثورة، أصبح إنشاء أفرع لحزب الله في الدول الإسلامية الأخرى ضمن البرامج الحكومية. ففي الفترة ما بين 1979 و1989، جرى إنشاء 17 فرعا، بما في ذلك فرع في لبنان، أسسه وأداره، في البداية، آية الله علي أكبر محتشمي. ولاحقا، خضعت الشبكة للهيمنة المباشرة للحرس الثوري.
ومن جهة أخرى، قرر بعض رجال الدين الذين كانوا يرتبطون، في البداية، بالفدائيين، أن يعقدوا صفقات مع نظام الشاه. ثم تبنوا، تدريجيا، موقفا بعيدا عن السياسة. ومن بينهم كان آية الله كاشاني، والواعظ بالإذاعة محمد تقي فلسفي، والملا شمس الدين قناة العبادي، والواعظ الشهير فخر الدين حجازي. ثم تحول عدد من مؤيدي «الفدائيين» إلى مجال المال والأعمال، من بينهم علي أكبر بهرماني، الذي استخدم الاسم المستعار «هاشمي رفسنجاني» واتجه للعمل كمقاول معماري. وسرعان ما اتجه شباب الملالي والطلاب الدينيون الذين كانوا لا يزالون موالين لـ«الفدائيين» إلى الإقرار بأن الخميني هو قائدهم - وأنه وريث حقيقي لنواب صفوي. وكان من بينهم أشخاص مثل علي خامنئي ومحمد خاتمي. وخلال العقود الثلاثة الماضية، كان من بقي من الفدائيين والمتعاطفين معهم، أو أقرباء لأعضاء التنظيم الأولين، يمثلون جزءا كبيرا من الأفراد الذين يعملون في نظام الخميني. وفي بعض الأحيان، ابتكر الأشخاص الذين كانوا أصغر من أن يكونوا قد لعبوا دورا في تاريخ الفدائيين، روايات تحاول إيجاد صلة بينهم وبين الفدائيين. وقد زعم حسن روحاني، الذي سيصبح، لاحقا، رئيسا للجمهورية الإسلامية، أنه عندما كان طالبا في المدرسة، كان يوزع منشورات نواب صفوي. وزعم الخميني أنه حضر العديد من المحاضرات التي ألقاها صفوي في طهران ومشهد.
وقد لجأ كبار رجال الدين، مثل أية الله أبو القاسم الخوئي (في النجف)، وكاظم شريعتمداري في قم، إلى اتخاذ وضعية رجال الدين الشيعة الأكثر هدوءا وبعدا عن السياسة.
ولكن التعامل مع الإسلام باعتباره أيديولوجيا بدلا من كونه دينا، مكن الإخوان والفدائيين من السعي للحصول على جمهور أوسع باسم الأهداف السياسية المشتركة. وهذا ما عبر عنه أية الله محمد قمي، في حوار أجري معه في 1984: «ففي مناقشة دينية، سرعان ما سيتضح أن هناك خلافا عميقا في فهم الإسلام بين السنة والشيعة، ولا يستطيع أي طرف أن يوافق على النقاط الرئيسة في موقف الآخر. ولكن عندما يأتي الأمر إلى السياسة، يمكنهما أن يتحدا وراء شعارات وأهداف مشتركة. وبمعنى آخر، بينما يفرق الدين المسلمين، تجمعهم الأيديولوجيات السياسية».
وكان الدرس الثاني الذي تعلمه الفدائيون من الإخوان، هو أهمية الفعل المباشر الذي يمكنه، في بعض الأحيان، أن يتحول إلى عنف وربما إلى إرهاب. ومع مرور السنوات، قامت مجموعة من الجماعات الإرهابية التي تعمل باسم الإسلام، أو باسم نسخ مختلفة من الماركسية، بقتل المئات من الأشخاص في إيران. وحتى بعدما جاء الملالي إلى السلطة، استخدم عدد كبير من خصومهم الاغتيالات والأشكال الأخرى من الإرهاب ضدهم، وجميعهم كان يتحرك باسم الإسلام. وفي عهد الخميني، ظهرت جماعة غامضة يطلق عليها «الفرقان»، واغتالت عددا من قيادات النظام الجديد، وبضمنهم رئيس الأركان، ولي الله قراني، وأية الله مرتضى مطهري، وأية الله محمد مفتح، فيما قتل كل من أية الله محمد بهشتي، والرئيس محمد علي رجائي، على يد «مجاهدي الشعب».
ولم يقتصر تسييس استخدام المفرادت الدينية على الفصائل التابعة مباشرة للإخوان و- أو الفدائيين، فقد استخدمت، لاحقا، حركة ماركسية لينينية أطلقت على نفسها «فدائيو خلق»، مصطلح الفدائيين. كما أن حاشية نواب صفوي، كانت تطلق عليه «المجاهد»، وفي الوقت نفسه، كان يطلق ذلك المصطلح على جماعة ماركسية - إسلامية تطلق على نفسها «مجاهدو خلق». وكانت هناك العديد من المصطلحات الأخرى في قاموس الفدائيين التي استخدمتها الجماعات السياسية غير الدينية، مثل مصطلح «الشهيد»، ومصطلح «المنافق». وتطلق تلك الجماعات على مؤيديها مصطلح «إخوة المجاهدين»، فيما تطلق على خصومها اسم «محاربو الله». وكانت هناك حقيقة أساسية ساهمت في التقارب والتعاون الوثيق، لاحقا، بين الإسلاميين المصريين والإيرانيين، وهي التوصل إلى اتفاق بين قم والأزهر في أواخر الأربعينيات، وذلك بمبادرة من أية الله بروجرودي الذي كان يؤمن بضرورة الوحدة بين الأمم المسلمة لكي يجدوا مكانا أفضل في النظام الدولي ما بعد الحرب. وبعد سنوات من المفاوضات، وافقت كل من قم والأزهر على الإقرار بشرعية خمسة مذاهب، وهي المذاهب السنية الأربعة، بالإضافة إلى الشيعة الجعفرية. كما اتفق الجانبان على ألا يرسل أي منهما بعثات إلى أرض الآخر للتبشير بعقيدته. ومن ثم، ففي الفترة من الأربعينيات إلى الخمسنيات، أرسل بروجرودي نحو مائة بعثة إلى أوروبا وآسيا، ولكنه لم يرسل بعثة واحدة إلى مصر. وسهل ذلك التقارب حقيقة أن الأسر المالكة المصرية والإيرانية، كانت تربطهما علاقة وثيقة نظرا لزواج الأميرة فوزية من شاه إيران.
وعلى الرغم من وجود تقلبات عديدة في علاقتهما، أدركت كل من حركة الخميني وجماعة الإخوان المسلمين حاجتهما لبعضهما البعض، على الأقل، كحلفاء لتحقيق أهداف تكتيكية. وكان كلا الفصيلين مناهضين للأوضاع الراهنة، يسعيان إلى تحطيم توازن القوى الذي تم تأسيسه في الشرق الأوسط، في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وكان كلاهما يرغب في انتزاع السلطة من النخب الحاكمة التي تعتمد على المؤسسة العسكرية. والأهم من ذلك، هو أن كلاهما كان حاسما في نبذ العالم الحديث، على الأقل ما يتعلق منه بالرسائل السياسية والثقافية. وبالتالي، فليس مفاجئا أن المؤلفات التي كتبها سيد قطب المصري، وأبو علاء المودودي الباكستاني، التي ترجم بعضها خامنئي، تم تقدميها باعتبارها «الفلسفة الإسلامية» في نظام الخميني.
كان نظام الخميني يحتاج إلى الإخوان لسببين:
أولهما، يرجع إلى السياسة الخارجية، حيث يتمتع الإخوان بحضور قوي في تركيا، ويمكن أن يساعدوا طهران في دق إسفين بين أنقرة وواشنطن. وهذا هو السبب الذي دفع نظام الخميني لأن يساند بقوة، حزب نجم الدين أرباكان «رفاه»، قبل وخلال هيمنة الحكومة التركية القصيرة عليه. وأثناء حديثه في جنازة أبيه في عام 2011، أثنى أرباكان على الجمهورية الإسلامية قائلا، إنها «أكثر رموز الإسلام القوي أهمية اليوم».
كما تحتاج طهران إلى العلاقات الطيبة مع الإخوان، لكي تجد موطئ قدم لها في مصر، وهذا هو السبب الذي دفع خامنئي إلى إرسال عدد من المبعوثين إلى محمد مرسي فور انتخابه كرئيس، كان على رأسهم الرئيس محمود أحمدي نجاد، لعرض «شراكة استراتيجية» تبدأ بحزمة مساعدات تقدر بنحو 2 مليار دولار. كما عرضت طهران، علانية، مساعدة الإخوان على «تطهير» مؤسسات الدولة المصرية، وخلق نسخة مصرية من الحرس الثوري لسحق الخصوم المحتملين. ولكن مرسي لم يوافق على ذلك، نظرا لوجود انقسامات داخل قيادة الإخوان حول سياستهم الخارجية.
كما كانت العلاقة بالإخوان ضرورية لإقناع الجماهير العربية بأن دعم إيران للقضية الفلسطينية هو دعم أصيل؛ حيث إن السنوات الطويلة من الاستثمارات الكبيرة في الجهاد الإسلامي، والفرع اللبناني «حزب الله»، لم تقنع العديد من العرب بأن طهران كانت مهتمة حقا بفلسطين.
وعلى النقيض، مكنت العلاقات القوية بحماس، الفرع الفلسطيني للإخوان، نظام الخميني من الحصول على مصداقية أكبر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
تعد جماعة الإخوان حركة عالمية ماثلة في أكثر من مائة دولة، فيما تعد حركة الخميني حركة حديثة نسبيا، على المشهد العالمي للراديكالية الإسلامية. ومن ثم كان بإمكان الإخوان، من من نواحي عدة، مساعدة الخومينيين على إقامة صلات وإيجاد موطئ قدم لهم في عدد من البلدان، بما في ذلك أندونيسيا، والهند، وشمال أفريقيا، ويوغوسلافيا السابقة، وبالطبع أوروبا والولايات المتحدة. وفي بعض الأحيان، كان يقيم تلك الاتصالات، محمد علي تسخيري، مبعوث الخميني الخاص للتقارب الإسلامي. وفي أحيان أخرى، كان الجنرال قاسم سلماني، رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثوري، مسؤولا عن تلك الاتصالات. وقبل عامين، أنشأ خامنئي، كيانا جديدا أطلق عليه «الصحوة الإسلامية»، بالتعاون مع وزير الخارجية السابق علي أكبر ولاياتي، الذي أصبح السكرتير العام لذلك التنظيم، بهدف تعزيز العلاقات مع الإسلاميين الراديكاليين على مستوى العالم. وكان أكثر من نصف الأشخاص الاربعمائة الذين حضروا أول مجلس للمنظمة الجديدة في طهران، من أعضاء جماعة الإخوان المسملين من جميع أنحاء العالم. وكان يترأس وفد الإخوان المصريين كمال الهلباوي، رجل الأعمال المقيم في لندن، الذي كان مدافعا دائما عن النفوذ الإيراني في مصر. كما يوفر تكوين علاقات قوية مع الإخوان لحركة الخميني، مساحة أيديولوجية أوسع يمكن عبرها السعي لتحقيق أهداف نظام طهران سواء السياسية أو الاستراتيجية.
وخلال العقود الماضية، نظم نظام طهران سلسلة من المؤتمرات الدولية، تحت شعارات مختلفة، إحياء لذكرى استحواذ الملالي على السلطة في فبراير (شباط) 1979. وحمل بعض تلك المؤتمرات، عنوان «عالم بدون أميركا»، أو «عالم بدون إسرائيل»، فيما كان يتم الترويج للبعض الآخر باعتباره ندوات لدراسة «الفلسفة الثورية» للخميني.
وكانت الصلات التي يتمتع بها الإخوان على مستوى العالم، قد ساعدت إيران، أيضا، في جهودها لتحقيق الهدف الصعب، وهو تقديم خامنئي كقائد أوحد للمسلمين في العالم. فعندما كان شابا، لم يكن خامنئي يعامل بجدية كقائد ديني مهم داخل إيران، أو حتى في العراق أو لبنان، خاصة وأنه كرجل سياسة، لا يوائم النموذج التقليدي للتراتبية الدينية الشيعية. ولم يترك آيات الله في قم والنجف، مساحة واسعة له لكي يقدم نفسه كزعيم ديني. ومع ذلك، فإذا ما نجح في الحصول على قدر من الاعتراف به من الجماعات الإسلامية خارج إيران، فربما يستطيع تعزيز وضعه الديني داخلها أيضا. ولتحقيق هذا الهدف، كان نظام الخميني بحاجة إلى الإخوان وكانوا هم في المقابل مستعدين للمساعدة.
ومن منظور أكثر شمولا، كان نظام الخميني يحتاج إلى الإخوان لتقليل عزلته في المجتمع الإسلامي، حيث ليس لهم حليف سوى نظام بشار الأسد الطغياني في دمشق. وبفضل العلاقات مع الإخوان، التي تمولها قطر، تستطيع طهران الآن، أن تقوم بمحاولات لتقسيم مجلس التعاون الخليجي كجزء من استراتيجيتها «لفنلندة» قطر وعمان، وتحدي الوضع القيادي للمملكة العربية السعودية في دول الخليج، فيما تعزز العلاقات مع الجماعات الإسلامية السنية في اليمن، ومن ثم تقليل الاعتماد على عملائها من الشيعة الزيدية.
وبإبراز قوتها أمام الشرق الأوسط، مرورا بالعراق وسوريا ولبنان، تستطيع الجمهورية الإسلامية تعزيز وضعها من خلال الظهور كمصدر لدعم الجماعات الإسلامية في الأردن وفلسطين والولايات المتحدة، أو حتى لعقد صفقة معها.
وبالتصرف على غرار القوى الانتهازية في التاريخ، حاولت الجمهورية الإسلامية تنويع محظفتها السياسية والاستثمارية؛ فطهران تدعم فصيل الأسد في سوريا، على الرغم من أنه ليست له علاقة وثيقة بالإسلام أو حتى بالشيعية. وفي العراق، كانت طهران تستثمر جهودها في السنة العرب العلمانيين والأكراد الاشتراكيين، إلى جانب فصائل الشيعة بأطيافهم المختلفة. وفي القوقاز، كانت طهران تدعم روسيا في حملتها للقضاء على الجماعات الإسلامية في الشيشان وداغستان وأنغوشيا. وفي القوقاز أيضا، كانت طهران تنحاز لأرمينيا المسيحية في مواجهة أذربيجان الشيعية. وفي كشمير، كان نظام الخميني يدعم الحكومة الهندية في مواجهة المتمردين المسلمين. ويوفر النظر للإسلام كأيدولوجيا سياسية بدلا من كونه دينا لنظام الخميني، فرصا واسعة للمناورة في الاتجاهات كافة.
وهناك ملاحظة أخيرة مهمة. وهي أن الإسلامية، التي تعني التعامل مع الإسلام كأيدويولجيا سياسية بدلا من كونه دين، هي حقيقة راسخة في حياة العديد من البلدان الإسلامية، بما في ذلك إيران ومصر. ولا يمكننا تجاهل تلك الحقيقة، أو تغييرها بالقوة. فقد جرى العديد من المحاولات لتغيير الوضع بالقوة، بما في ذلك حملات القمع الواسعة التي قام بها الشاه في إيران وناصر في مصر. يجب الإقرار بأن تسييس الدين، يروق لقطاعات من مجتمعاتنا يتراوح عددها بين 5 في المائة إلى 20 في المائة. ففي الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية، جذب مرسى نحو 5 ملايين صوتا تعادل نحو 9 في المائة من مجمل الأصوات التي يحق لها التصويت. فإذا أقام الخمينيون انتخابات نزيهة، كان يمكن لخامنئي أن يحصل على نسبة مشابهة من الأصوات. ويبقى السؤال متعلقا بكيف يمكن دمج تلك الأقليات في نسيج الحياة القومية، من دون سحقهم بالقوة أو السماح لهم بتدمير الأمة برمتها.



السودان في 25 عاماً... حرب تلد حروباً

فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)
فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)
TT

السودان في 25 عاماً... حرب تلد حروباً

فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)
فارون من المعارك ينقلون بشاحنات من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان إلى رصيف لمواصلة رحلتهم إلى وجهتهم التالية (د.ب.أ)

لا يُعدّ دوي المدافع ولا انفجارات القذائف أو البراميل الناسفة القادمة، أو حتى الرصاصات العمياء، شيئاً جديداً في السودان، الجديد أنه انتقل من «الهوامش» إلى العاصمة الخرطوم، فاضطرت الحكومة وقيادة الجيش للانتقال إلى عاصمة بديلة تبعد نحو ألف كيلومتر على ساحل البحر الأحمر عند بورتسودان.

كان يُنظر للحروب السابقة على أنها تمرد ضد الدولة، لكن أسبابها تكمن في الصراع بين «المركز» الذي يحتكر كل شيء، و«الهامش» الذي لا يحصل على شيء، وأنها «حرب مطالب وحقوق».

لكن الحرب، خلال حكم الإسلاميين بقيادة الرئيس السابق عمر البشير البلاد، تحولت من حرب مطلبية إلى «حرب دينية» بين الشمال «المسلم»، والجنوب «المسيحي» أو «اللاديني»، وانتهت بـ«فصل جنوب السودان»، وإعلان ميلاد دولة جديدة انضمت للأمم المتحدة، فمن أين تأتي الحروب والعواصف لتدمر السودان؟

يرجع المحللون جذور الحروب السودانية إلى الافتقار لـ«مشروع وطني»، وإلى عدم الاعتراف بالتنوع الإثني والثقافي الناتج عن عدم وجود منظومة سياسية ثقافية اقتصادية موحدة تعترف بهذا التنوع.

ورغم أن الحرب الحالية هي حرب بين جيشين «نظاميين»، لكن جذورها تتصل «بمتلازمة التهميش وعدم الاعتراف بالتنوع»، التي أدت للتمرد الأول قبيل إعلان الاستقلال 1955 بقيادة قوات «أنانيا 1»؛ وهي تسمية محلية لثعبان الكوبرا.

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير ملوحاً بعصاه إثناء إلقائه خطاباً في نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور في سبتمبر 2017 (أ.ف.ب)

اتفاق «نيفاشا»

انطفأت الحرب الأولى باتفاق أديس أبابا 1972، لكنها اشتعلت مرة أخرى في عام 1983، تحت راية «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة الزعيم الجنوب سوداني الراحل جونق قرنق دمبيور، على أثر إعلان الرئيس الأسبق جعفر النميري «أحكام الشريعة الإسلامية».

وانتقلت من كونها ضد متمردين إلى حرب «جهادية»، جيش الإسلاميين المقاتلين على أساس ديني، ورفعوا رايات الجهاد ضد مَن وُصفوا بـ«أعداء الدين»، فاستمرت الحرب سنوات، وراح ضحيتها أكثر من مليونيْ مواطن.

لم يحقق الجيش ومؤيدوه «المجاهدون» انتصاراً حاسماً، فاضطروا إلى الرضوخ للضغوط الدولية، ووقَّعوا اتفاق سلام في ضاحية نيفاشا الكينية؛ «اتفاق السلام الشامل أو اتفاق نيفاشا».

قضى «نيفاشا» بمنح جنوب السودان «حق تقرير المصير»، وخيّره بين البقاء في السودان الموحد أو الانفصال، وحدد فترة انتقالية قدرها خمس سنوات.

خلال الفترة الانتقالية، شغل زعيم الحركة الشعبية الراحل جونق قرنق دمبيور منصب النائب الأول للرئيس لأيام قلائل، قبل أن يلقى مصرعه في حادثة تفجر المروحية الرئاسية الأوغندية الغامض، ليخلفه نائبه رئيس جنوب السودان الحالي سلفاكير ميارديت.

استفتي شعب جنوب السودان 2010 على الوحدة أو الانفصال، وجاءت النتيجة لصالح الانفصال، فولدت من رحِم الحروب جمهورية جنوب السودان، وخسر السودان ثلث مساحته الجغرافية، وربع عدد سكانه، و75 في المائة من ثرواته وموارده.

انتقلت النيران إلى إقليم دارفور غرب البلاد، وتمردت مجموعات جديدة تحت مزاعم التهميش والاضطهاد باسم «حركة تحرير السودان» في عام 2003.

وأخذت طابعاً «عِرقياً»، بعدما استعانت الحكومة في حربها ضد الحركات المتمردة ذات الأصول الأفريقية، بمجموعات قبلية عُرفت وقتها بمجموعة «الجنجويد» ذات الأصول العربية، ومِن قادتها، للمفارقة، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، الذي أصبح قائد ما يُعرف بقوات «الدعم السريع».

راح ضحية حرب دارفور نحو 300 ألف، واتهمت الحكومة، برئاسة عمر البشير، بجرائم تطهير عِرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، أصدرت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية مذكرات قبض ضد الرئيس السابق عمر البشير، و3 من معاونيه الكبار وهم في الحكم، لا تزال سارية.

مقاتلون من «حركة تحرير السودان» في دارفور في مارس 2024 (أ.ف.ب)

تبضع بين العواصم

في مايو (أيار) 2006، وقّعت الحكومة الإسلامية اتفاق سلام في مدينة أبوجا مع «حركة تحرير السودان»، لكن الحركة انشقت إلى حركتين، يقود التي وقَّعت اتفاق أبوجا حاكم إقليم دارفور الحالي مني أركو مناوي.

رفض تيار عبد الواحد محمد النور الاتفاق، واعتصم بجبل مرة في وسط دارفور، وواصل الحرب ولا يزال، بينما حصل مناوي على منصب مساعد الرئيس عمر البشير، ثم عاد للتمرد زاعماً أنه كان مجرد «مساعد حلّة»، وليس مساعد رئيس، ومساعد الحلة هو معاون سائقي الشاحنات الذي يُعِدّ الطعام للسائق.

تنقلت المفاوضات مع الحركات الدارفورية المتشظية بين عدة عواصم، ففي يوليو (تموز) 2011 وقَّعت مع بعضها في قطر «وثيقة سلام الدوحة»، ونصت على تقاسم الثروة والسلطة، لكن الحرب لم تتوقف.

ثم وقَّعت حركات مسلَّحة مع الحكومة الانتقالية، في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 اتفاق سلام السودان في جوبا، أبرزها «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، ونصَّ الاتفاق على تقاسم السلطة والثروة، وبموجبها تولَّى جبريل إبراهيم وزارة المالية، ومني أركو مناوي منصب حاكم إقليم دارفور.

جنود سودانيون من «قوات الدعم السريع» في ولاية شرق النيل بالسودان، يونيو 2019 (أ.ب)

الجنوب الجديد

كأنما لا بد من جنوب ليحاربه الشمال، اشتعلت حرب في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وهما منطقتان منحهما اتفاق نيفاشا حق المشورة الشعبية، للبقاء في السودان أو الانضمام للجنوب، وعادت إلى الحرب «الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال».

انشقت الحركة الشعبية الشمالية، التي تُعدّ امتداداً للجنوبية، وتضم مقاتلين سودانيين انحازوا للجنوب إبان الحرب الأهلية، إلى حركتين بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الحالي مالك عقار، الموقِّع على اتفاق سلام جوبا، بينما بقيت الأخرى، بقيادة عبد العزيز، تسيطر على منطقة كاودا بجنوب كردفان، وتَعُدّها «منطقة محرَّرة»، وتخوض معارك متفرقة ضد الجيش السوداني، ولا تزال.

لم يَسلم شرق السودان من متلازمة الحروب السودانية، فقد كان مرتعاً لحروب المعارضة المسلَّحة ضد حكم البشير في تسعينات القرن الماضي، ونشأت فيه مجموعات مسلَّحة مثل «مؤتمر البجا»، و«الأسود الحرة»، قاتلت هي الأخرى ضد المركز في الخرطوم، قبل أن تُوقِّع اتفاقاً في العاصمة الإريترية عُرف بـ«أسمرا لسلام شرق السودان»، ونال هو الآخر حصة في السلطة والثروة.

أطاح السودانيون بنظام حكم الإسلاميين، بقيادة الرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019، عبر احتجاجات شعبية استمرت أشهراً عدة، وأجبروا قيادة الجيش على تنحية البشير.

ومع ذلك، تواصلت الاحتجاجات والاعتصامات، حتى قرر «المجلس العسكري الانتقالي»، برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي»، فض الاعتصام باستخدام القوة، ما أسفر عن مقتل المئات من المعتصمين، ما عده كثيرون من «أفظع الجرائم» بحق المدنيين.

واستمر الضغط المدني السلمي، فاضطر العسكريون لتوقيع «وثيقة دستورية» نصّت على شراكة مدنية عسكرية، في أغسطس (آب) 2019، وجرى تشكيل حكومة برئاسة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وتكوين مجلس سيادة انتقالي برئاسة البرهان، ونائبه حميدتي.

البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة، في الخرطوم في 22 سبتمبر2021 (غيتي)

حرب الجنرالات

في 25 أكتوبر 2021، أطاح قائد الجيش بحكومة حمدوك المدنية، بانقلاب عسكري، واضطر تحت الضغط الشعبي السلمي مرة أخرى، لتوقيع ما عُرف بـ«الاتفاق الإطاري» مع المدنيين، ونص على «حكم مدني» يعود بموجبه الجيش إلى ثكناته، وإزالة أي فرصة لـ«تمكين نظام الإسلاميين».

لكن أنصار النظام السابق أحبطوا «الاتفاق الإطاري»، واستخدموا آليات «الدولة العميقة» في تأجيج الخلافات بين الجيش و«الدعم السريع»، فاشتعلت الحرب.

لم تفلح جهود إزالة التوتر والتحشيد العسكري، وفي صبيحة السبت، منتصف أبريل 2023، فوجئ السودانيون بالرصاص «يلعلع» في جنوب الخرطوم عند «المدينة الرياضية»، معلناً الحرب المستمرة حتى اليوم.

يتهم «الدعم السريع» الجيش بمهاجمة معسكراته على حين غِرة، ويقول إن الجيش حاصر مطار مروي شمال البلاد، وإنه كان يخطط للانقضاض على السلطة، بينما «تسود رواية أخرى» بأن «خلايا الإسلاميين» داخل الجيش هاجمت «الدعم السريع»، ووضعت قيادته أمام الأمر الواقع؛ «الاستسلام أو الحرب».

حسابات خاطئة

كان مخططاً للحرب أن تنتهي في ساعات، أو على أسوأ تقدير أيام معدودات، بحساب التفوق التسليحي للجيش على «الدعم السريع»، لكن الأخير فاجأ الجيش وخاض حرب مدن كان قد تمرَّس عليها، ففرض سيطرته على معظم الوحدات العسكرية للجيش، وأحكم الحصار على البرهان في القيادة العامة، بل سيطر على المقرات الحكومية؛ بما فيها القصر الرئاسي والوزارات.

اضطرت الحكومة للانتقال إلى بورتسودان، واتخاذها عاصمة بديلة بعد سيطرة «الدعم السريع» على الخرطوم، بينما ظل قائد الجيش محاصَراً داخل قيادته لأكثر من ثلاثة أشهر، قبل أن يفلح في الخروج منها وينتقل إلى بورتسودان ليتخذها عاصمة له.

اتسعت سيطرة قوات «الدعم السريع» لتشمل إقليم دارفور، باستثناء مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، ومعظم ولايات الغرب باستثناء بعض حواضرها، ثم استسلمت له ولاية الجزيرة بوسط البلاد، وشملت عملياته ولايات أخرى، وسيطر تقريباً على نحو 70 في المائة من البلاد.

بعد نحو عامين من القتال، استعاد الجيش زمام المبادرة، وحقق تقدماً في بعض المناطق؛ الخرطوم، وأم درمان، والخرطوم بحري، وسنار، لكن «الدعم السريع» لا يزال مسيطراً على مساحات واسعة من البلاد، ويقاتل بشراسة في عدد من محاور القتال، وما زالت الحرب سجالاً.

جنوب الخرطوم مسرحاً دموياً للمعارك بين البرهان وحميدتي (أ.ف.ب)

أسوأ كارثة إنسانية

قتلت الحرب عشرات الآلاف وخلقت «أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ»، وفقاً للأمم المتحدة، ونزح أكثر من 11 مليون شخص داخلياً، ولجأ نحو 3 ملايين لبلدان الجوار، ويواجه نحو 25 مليون شخص أكثر من نصف سكان البلاد، البالغ عددهم 45 مليوناً، حالة من «انعدام الأمن الغذائي الحاد».

أطراف الحرب لا يزالون يرفضون العودة للتفاوض، فمنذ فشل «إعلان جدة الإنساني»، فشلت محاولات إعادة الطرفين للتفاوض؛ لتعنُّت الجيش وأنصاره.

سيناريوهات

يرجع عضو مجلس السيادة السابق، ونائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» الهادي إدريس، اندلاع الحروب في السودان إلى عدم الاتفاق على «مشروع وطني نهضوي» لحكم البلاد منذ الاستقلال.

ويقول إدريس، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأسباب الرئيسية لحروب السودان هي الفشل في إنفاذ برامج تنمية متوازنة، وتحقيق العدالة، وسيادة ثقافة الإفلات من العقاب، وعدم حسم القضايا الاستراتيجية مثل علاقة الدين بالدولة، والهوية الوطنية، وقضية الجيش الواحد وابتعاده عن السياسة.

ويرى إدريس أن العودة إلى «جذور الأزمة» مدخل صحيح لجعل «الحرب الحالية» آخِر الحروب. ويضيف: «علينا معالجة أسباب وجذور الحروب، في الاتفاق المقبل لإيقاف وإنهاء الحروب».

أما القيادي في «التجمع الاتحادي» محمد عبد الحكم فيرى أن جذور الحروب تتمحور حول «التنمية المتوازنة والمواطنة المتوازنة». ويضيف: «يظل عدم معالجة التهميش والتنمية المتوازنة وحفظ حقوق الشعوب، وتغيير الأنظمة الاستبدادية المتسلطة، بحكم ديمقراطي تعددي، أُسّاً لنشوبِ أعتى وأطول الحروب السودانية».

ويرهن عبد الحكم إنهاء الأزمات المتتالية في السودان بإصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، عن طريق تكوين جيش مهني قومي موحد بـ«عقيدة قتالية» تُلزمه بحماية الدستور والنظام المدني، وتُخضعه للسلطة التشريعية والتنفيذية، وتُعلي قيم المحاسبة وردع محاولات تسييس الجيش.