مشروع دليل للإعلاميين حول تغطية العمليات الإرهابية

ورشة {منظمة التعاون الإسلامي} تحذر من السقوط في الدعاية غير المباشرة

مها عقيل تتحدث للمشاركين في ورشة العمل («الشرق الأوسط»)
مها عقيل تتحدث للمشاركين في ورشة العمل («الشرق الأوسط»)
TT

مشروع دليل للإعلاميين حول تغطية العمليات الإرهابية

مها عقيل تتحدث للمشاركين في ورشة العمل («الشرق الأوسط»)
مها عقيل تتحدث للمشاركين في ورشة العمل («الشرق الأوسط»)

فرض تزايد الأعمال الإرهابية في مختلف دول العالم على العديد من المنظمات الدولية والجهات الإعلامية المتخصصة في تغطية الأحداث، ضرورة إيجاد صيغة لكشف التنظيمات المتطرفة دون الإخلال بالعمل المهني، مع أهمية التوخي في نقل المعلومات المغلوطة التي تسعى هذه الجماعات إلى تمريرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد شهدت الساحة الدولية تحركات لفهم طبيعة الجماعات المتطرفة، وكيفية التعامل مع تسريباتهم الإعلامية والتعاطي معها بحذر وحرفية، معتمدا في ذلك على جملة من الوسائل والنقاط الرئيسية، وهو ما خرجت به ورشة العمل التي نظمتها الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالتعاون مع مؤسسة ثومسون البريطانية من وضع الخطوط العريضة لمشروع الدليل التوجيهي، الذي يعول عليه في إيجاد أرض صلبة يمكن من خلالها التعامل بشكل واضح مع كافة الأعمال الإرهابية.
ودعا المشاركون في هذه الورشة، منظمة التعاون الإسلامي والإيسيسكو، إلى عقد ورشة عمل ثانية في 2018 تُخصص لمناقشة مشروع الدليل واعتماده في صيغته النهائية المتكاملة الشاملة للجوانب التقنية الإعلامية والأخلاقية القانونية، لعرضه على وزراء الإعلام في الدول الإسلامية خلال اجتماعهم المقبل في إسطنبول بتركيا.
وطالب المشاركون في ورشة (إعداد دليل توجيهي لتأهيل الإعلاميين لتغطية الأحداث الإرهابية) التي عقدت في مقر الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، واستمرت ثلاثة أيام، منظمة التعاون الإسلامي بتعميم الدليل بعد اعتماده على جهات الاختصاص في الدول الأعضاء وعلى معاهد ومراكز تكوين الصحافيين في هذه الدول، مع أهمية إدراج مادة دراسية في مناهج تكوين الصحافيين حول سبل التعامل مع الأحداث الإرهابية، إضافة إلى تنظيم دورات تدريبية لفائدة الإعلاميين داخل العالم الإسلامي وخارجه للتمرن على كيفية تطبيق الدليل التوجيهي لتغطية الأحداث الإرهابية.
وخرجت الورشة بتوصيات عدة منها، دعوة الصحافيين إلى الالتزام بالمواثيق، والعهود والاتفاقيات، والإعلانات والقرارات، والقوانين الوطنية والدولية، المؤكدة للحدود الفاصلة بين حرية الرأي والتعبير، وبين مختلف التجاوزات والإساءات إلى الأشخاص التي يتم ارتكابها أثناء التغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية، مع ضرورة تحري المصداقية والموضوعية عند تقديم الأخبار عن الأحداث الإرهابية والحرص الشديد على عدم السقوط في الدعاية غير المباشرة للإرهابيين، والتوصية بإصدار تشريعات وقوانين تحظر ذلك.
واعتبرت الورشة أن شبكات التواصل الاجتماعي، من أحد أهم العناصر التي يجب التعامل معها بحذر في تغطية الأحداث الإرهابية، والدعوة إلى البعد عن مزالق النشر الإلكتروني لصور ومواد إخبارية عن هذه الأحداث تسهم في نشر الهلع والخوف وتحقق بشكل غير مقصود ما يهدف إليه القائمون بالعمليات الإرهابية، وقد كان هذا المحور من المحاور الرئيسية التي ركزت عليها الورشة لأكثر من 20 إعلاميا من مختلف الدول الإسلامية المشاركين في هذه الدورة.
وشدد المشاركون في الورشة على أهمية وعي الصحافيين بحقهم في السلامة والحماية من الاعتداءات ومصادرة معلوماتهم وأدوات عملهم خلال قيامهم بالتغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية استناداً إلى الاتفاقيات والقرارات الدولية ذات الصلة الصادرة عن منظمة اليونيسكو، ومؤسسات المجتمع المدني المعنية، مشيدين بالاستراتيجية الإعلامية لمنظمة التعاون الإسلامي للتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا والتنويه بمبادرة إعداد (دليل توجيهي لتأهيل الإعلاميين لتغطية الأحداث الإرهابية) باعتباره آلية عملية وضرورة تساعد الصحافيين في الالتزام بالضوابط المهنية والأخلاقية عند تغطيتهم للأحداث الإرهابية.
وقالت مها عقيل، مديرة إدارة الشؤون الإعلامية في منظمة التعاون الإسلامي، إن أهمية هذه الورشة تكمن في إيجاد دليل خاصة في كيفية نقل الأحداث الإرهابية، التي تقوم بها وسائل الإعلام المختلفة، والتي قد يواجها فيه المراسل في موقع الحدث العديد من الإشكاليات التي يجب التعامل معها بحذر وحيادية لنقل الصورة الحقيقية كما ينبغي عن الواقعة في أي مكان في العالم.
وأضافت عقيل، أن الورشة ناقشت جملة من المواضيع التي تهم الصحافي في موقع الحدث، ومدى تأثير الرأي العام على الخط التحريري، وتحديد مفهوم خطاب الكراهية وكيفية تعامل الصحافيين معه، وسبل مكافحة التحيز، والتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا، وسبل تجنب الترويج غير المقصود للدعاية الإرهابية، والتحقق خلال تحديد المصادر الخبرية.
وشارك في الورشة ممثلون عن الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، واتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي، والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعدد من الخبراء في الإعلام والقانون الدولي وحقوق الإنسان، الدكتور جيمس رودجرز رئيس دراسات الصحافة الدولية في جامعة سيتي لندن، وكريستيان تريبرت محلل المصادر المفتوحة.


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».