«المملكة»... أول فضائية أردنية إخبارية على مدار الساعة

فهد الخيطان لـ«الشرق الأوسط»: ستكون مستقلة مالياً وإدارياً عن الحكومة

TT

«المملكة»... أول فضائية أردنية إخبارية على مدار الساعة

يسعى الأردن إلى التنويع في المشهد التلفزيوني من خلال إنشاء قناة تلفزيونية جديدة تحت مسمى «قناة المملكة»، على أمل أن تكون هذه القناة على غرار محطات أجنبية وعربية معروفة؛ كـ«العربية» و«سكاي نيوز»، وسواها من القنوات، إنّما بصيغة أردنية تغطي الأخبار المحلية وتسعى إلى تسويقها داخلياً وخارجياً.
ومن المنتظر أن تخرج هذه المحطة إلى المشاهد، في مطلع العام المقبل وستركز على الشأن الداخلي والعربي المحيط بالأردن بالإضافة إلى الشأن الدولي.
بخلاف التلفزيون الرسمي الذي تراجع بشكل ملحوظ، ستسعى القناة الجديدة إلى فسح مساحة كبيرة من الحرية، وستعمل على أسس ربحية وفق إدارة حكومية، مع إعطاء مساحة واسعة للرأي العام الأردني، للتعبير عن نفسه في مختلف القضايا التي يعيشها.
وفي ظل الإصلاحات السياسية التي انتهجها وينتهجها الأردن كتعديل الدستور وإنشاء قانون للأحزاب وإقرار قانون اللامركزية وإجراء انتخابات، بالإضافة إلى الانتخابات البرلمانية، فقد صار لزاماً على الحكومة أن تجد وسيلة إعلامية جديدة تعمل في إطار جديد وتفتح ساحة للتعبير بحرية عن آراء الشعب وللاستماع بالتالي إلى الرأي الآخر، لذا نشأت «قناة المملكة» لتكون الشاشة التي ستلعب هذا الدور.
يقول فهد الخيطان رئيس مجلس إدارتها في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنّ محتوى القناة سيركّز على الشأن الدّاخلي الأردني، سياسياً واقتصادياً وغيرها من الشؤون التي ستوجّه أكثر إلى المشاهد الأردني، بالإضافة إلى المشاهد العربي الذي يرغب في معرفة أوضاع الأردن والاطلاع على أخباره. مضيفاً، أنهم سيتعاونون مع مراسلين وصحافيين من الخارج يعملون في المناطق الساخنة التي تحيط بالأردن والتطورات فيها، خصوصاً ما يحدث في سوريا والعراق وفلسطين، كما أوضح أنّ القناة سيكون لها مراسلون في هذه المناطق كما مناطق أخرى.
وعن المحتوى الذي ستقدمه «قناة المملكة»، قال الخيطان: «إنّها قناة إخبارية، وهذا ما يميزها عن بقية القنوات الأردنية الأخرى، وستكون مثل المحطات الإخبارية المعروفة عربياً وعالمياً، خصوصاً أنّ القنوات المحلّيّة بمجملها متنوعة وعادةً ما يكون بث الأخبار فيها قليلاً، بالنسبة إلى المحتوى العام. بينما ستكون (قناة المملكة) إخبارية على مدار الساعة، وتهتم بالأخبار السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية والبرامج الحوارية». مشيراً إلى أنّ «المحطة ستكون جادة في تقديم أخبار وبرامج تعالج المسائل السياسية والاقتصادية والثقافية والاستقصائية التي تهمّ الشارع الأردني، وستركّز بالتالي على المشكلات التنموية والخدمية في المحافظات، وعلى أثر ذلك فقد خصصنا مكاتب للقناة في معظم المحافظات وأنشأنا استديوهات للبث المباشر».
وأفاد الخيطان بأنّهم في مرحلة الانتهاء من اختيار الكوادر الفنية والإعلامية التي ستعمل في المحطة، ومعظمها أردنية، وقد جرى اختيار العدد الأكبر منهم ويخضعون لبرنامج تدريبي مكثف. موضحاً أنّ آلية اختيار الكادر الفني والوظيفي في القناة تمت على أساس الخبرة والكفاءة الفنية، سواء في الجهاز الفني أو الإداري أو في الكادر الإعلامي والصحافي، مؤكدا أنّ 90 في المائة منهم سيكونون من الأردنيين، مشدّداً على أنّ عدد موظفيها لن يزيد على 300 موظف، مشيراً إلى أنّها ستركز على الموقع الإخباري الإلكتروني، وستنقل الأخبار عبر موقعها، إضافة إلى البث التلفزيوني.
وبالنسبة إلى تعيين نارت بوران الذي استقال من محطة «سكاي نيوز» قال الخيطان: «إنّ بوران هو عضو في مجلس إدارة القناة وغير متفرغ، ولم يتسلّم وظيفة تنفيذية في القناة، وحسب معلوماتي فإنّه سينتقل للعمل في واشنطن؛ ولكنّه على اتصال مع مجلس الإدارة وقد استفدنا من خبراته في إنشاء المحطات الإخبارية».
كما أشار الخيطان إلى أنّ المحطة ومركزها مبنى مجمع الملك الحسين للأعمال، انتهت من طرح العطاءات المتعلقة بتصاميم الاستديو وشعار القناة الـ«لوغو»، وبالفعل فقد خصّصت الحكومة الموازنة اللازمة، للعامين الحالي والمقبل.
وكانت قد خصصت 10 ملايين دينار (ما يعادل 14 مليون دولار) من الموازنة للمحطة لهذا العام كما خصصت نفس المبلغ لعام 2018.
كان مرسوم ملكي قد صدر، بتاريخ 10 يوليو (تموز) 2015، بتعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة محطة الإعلام العام المستقلة، وذلك بمقتضى المادة (4) من نظام محطة الإعلام العام المستقلة رقم (53) لسنة 2015، وبناءً على تنسيب رئيس الوزراء، فقد صدر مرسوم ملكي بتعيين فهد الخيطان رئيساً غير متفرغ لمجلس إدارة محطة الإعلام العام المستقلة، وأيمن الصفدي، ومروان جمعة، ونارت بوران، وباسم الطويسي، أعضاء غير متفرغين في مجلس المحطة التي سُمّيت فيما بعد بـ«المملكة».
وبيّن الخيطان أنّ «قناة المملكة» ستكون مستقلة مالياً وإدارياً بشكل تام عن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، إلا أنّه قد يكون هناك تعاون بينهما، كما يتوقع أن يكون تعاوناً بين تلفزيون «المملكة» وكل المؤسسات الإعلامية الأخرى من الإذاعات والمحطات الفضائية المحلية والعربية، أو تعاوناً مع المواقع الإلكترونية، مشيراً إلى أنّ القناة ستعمل وفق القوانين الأردنية المعمول بها، قائلاً: «سنبدأ بحملة ترويج لها في أواخر العام الحالي، أو مع بداية العام المقبل، وسيُعلن عن القناة وموعد بدء بثها بشكل رسمي». مؤكّداً أنّ الافتتاح الرسمي سيكون العام المقبل في حال الانتهاء من الاستعدادات اللازمة للانطلاق، من دون تحديد موعد لذلك.
من جانبه قال محمد المومني وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، إنّ انتباه الدولة إلى أهمية ودور الإعلام وإيلائه الرعاية التي يستحقها، حوّله من عبء إلى سند لها، وإنّ الإعلام الرسمي يرفع من قيمة الدقة على حساب السرعة في نقل المعلومة. مبيّناً ما يجسّده الإعلام الأردني الرسمي من رواية منطقية عقلانية تقودها الحرية المسؤولة، والتفاعل السياسي معه، والتشابك المهني لتوعية الرأي العام الأردني، والسعي لكسب ثقة المواطن.
وأخيراً، لفت المومني إلى أنّ القناعة الراسخة لدى الحكومة حول القوانين الإعلامية تجسد نمطاً متقدماً، وأنه لا توقيف للصحافي إلا في حال تجاوزه القانون، لأنه لا أحد فوق القانون، والإعلام الجيد في كل مؤسسة هو من يقدم إيضاحاً عن دورها لوسائل الإعلام وبالتالي يعكس نجاحها أو تقصيرها، مؤكداً أنّ الجهات الإعلامية الرسمية تحرص على أداء دورها، وأنّ المطلوب منها ومن وسائل التواصل الاجتماعي تحري الدقة والحقيقة.


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».