استمرار التأهب الإسرائيلي يثير مخاوف سكان غزة من اندلاع حرب جديدة

إغلاق العديد من الطرق التي يسلكها الفلسطينيون خشية استهداف سيارات المستوطنين

TT

استمرار التأهب الإسرائيلي يثير مخاوف سكان غزة من اندلاع حرب جديدة

تكاد طائرات الاستطلاع الإسرائيلية لا تغادر أجواء قطاع غزة منذ اللحظات الأولى لمحاولة اغتيال توفيق أبو نعيم، قائد قوى الأمن بالقطاع، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وزادت من عمليات التحليق بشكل غير اعتيادي في كافة أجواء مناطق القطاع بعد عملية تفجير النفق على الحدود الشمالية الشرقية لمدينة خان يونس، يوم الاثنين الماضي، ما أدى إلى استشهاد 12 مقاوماً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وتثير عمليات التحليق المكثف للطائرات الإسرائيلية ليلاً ونهاراً مخاوف السكان في القطاع من إمكانية أن تبادر إسرائيل بحرب على قطاع غزة، أو أن تقوم بردة فعل كبيرة غير محسوبة في حال قامت المقاومة الفلسطينية بالرد على عملية تفجير النفق واستشهاد عدد من المقاومين. وما يتخوف منه سكان القطاع أكثر هو أن يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جر المقاومة إلى حرب للتهرب من بعض الاستحقاقات الداخلية في إسرائيل، ومنها التحقيقات التي تجري في شبهات ضده بالفساد.
بهذا الخصوص يقول المواطن عز الدين الأسطل (38 عاماً) إن طائرات الاستطلاع خلقت حالة من الخوف في صفوف المواطنين جراء تحليقها المستمر لساعات طويلة، دون أن تغادر الأجواء، مشيراً إلى أن هذا الخوف نابع من أحداث وسيناريوهات مماثلة قبل حربي 2012 و2014. كما أشار الأسطل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذه الطائرات تجمع المعلومات الاستخبارية، ولديها القدرة على تنفيذ عمليات قصف جوي، مبرزاً أن تحليقها بهذه الكثافة، والتسبب بإزعاج المواطنين من خلال الضجيج الذي يحدثه صوتها، يجعل المواطنين يتخوفون من أن ذلك سيكون مقدمة لتنفيذ عملية اغتيال، أو تنفيذ عملية عسكرية ضد القطاع. ولفت إلى أن الاحتلال يحاول التدخل في أجواء المصالحة من خلال العمل الذي قام به بتفجير النفق، مشيراً إلى أنه قد يلجأ لعمليات أخرى من أجل إفشال المصالحة، وفرض شروط له تتعلق بسلاح المقاومة.
من جهتها، أوضحت الشابة آلاء الشرفا (21 عاماً)، وهي طالبة جامعية، أن المخاوف التي تنتاب المواطنين مشروعة، ولا يمكنهم تجاهل ما يجري، خصوصاً أن المواطنين حتى الآن لم يتعافوا بشكل جيد من آثار حرب 2014. ولفتت إلى أن المقاومة لم ترد على تفجير النفق، لأنها مقاومة واعية وراشدة، وتعرف أين تكمن مصالح الشعب الفلسطيني. لكنها أبدت خشيتها من أن تبادر إسرائيل بهجوم جديد يدفع ويجبر المقاومة على الرد، مشيرة إلى أن هذا السيناريو ستكون له آثار خطيرة، ولذلك رأت أن مصر أصبحت مطالبة بالضغط أكثر على الاحتلال الإسرائيلي لمنع أي عدوان جديد على القطاع.
وتأتي هذه المخاوف في ظل استمرار حالة التأهب الإسرائيلي على حدود القطاع، والتلويح برد عنيف في حال ردت المقاومة على عملية تفجير النفق، حيث يواصل الاحتلال إغلاق العديد من الطرق التي يسلكها سكان مستوطنات غلاف غزة، خشية من استهداف سيارات المستوطنين، أو سيارات عسكرية بصواريخ مضادة للدروع، ما دفع الجيش إلى نشر آليات عسكرية مصفحة بدلاً من الجيبات الخفيفة.
وتفقد صباح أمس ضباط كبار من الجيش الإسرائيلي مكان النفق الذي تم تفجيره، وسط حالة تأهب كبيرة وانتشار واسع لقوات الجيش في المنطقة ومحيطها. بينما قام الجيش بنشر تعزيزات له بالمكان، وجلب جرافات وحفارات كبيرة للمكان فيما يبدو تمهيداً لعملية حفر للبحث عن جثامين «الشهداء»، الذين ما زالوا بداخله وفقدت آثارهم، فيما ترفض إسرائيل السماح للفلسطينيين بالبحث عنهم، وتساومهم بالموافقة على ذلك من خلال تزويدهم بمعلومات عن جنودها المفقودين بغزة منذ حرب 2014، أو ستعمل على تفجير جديد لما تبقى من النفق.
وأدى آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة بعد ظهر الجمعة صلاة الغائب على أرواح الشهداء الخمسة المفقودين داخل النفق بعد الاشتراطات الإسرائيلية، التي رفضتها المقاومة، ما دفعها لاعتبارهم شهداء.
وتسببت حالة التأهب الإسرائيلي أيضاً في حالة ذعر لدى سكان مناطق جنوب تل أبيب، بعد أن دوت صفارات الإنذار بالخطأ فجر يوم الخميس الماضي بتلك المناطق، وهو الأمر الذي تكرر صباح السبت بعد أن دوت في معبر وكيبوتس (كرم أبو سالم) قبل أن يتبين أنها إنذارات كاذبة.
وادعى ضابط إسرائيلي كبير أن الجيش حقق نجاحات أمنية مهمة هذا الأسبوع لم تصل إلى وسائل الإعلام، ولن يتم نشرها في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن تلك النجاحات تضاف إلى قضية تفجير النفق على الحدود مع قطاع غزة، والهجمات التي نفذت في سوريا، وكذلك ما جرى اليوم في قرية الحضر الدرزية بمرتفعات الجولان.
وقدر الضابط أن تقوم حركة الجهاد الإسلامي بالرد على تفجير النفق، مشيراً إلى أن الحركة ستحاول اللجوء إلى الرد في توقيت لا يؤدي إلى حرب جديدة.



احتمالات تعرض مواقع إلكترونية سرية تابعة لـ«سي آي إيه» للكشف على يد «هاو»

مدخل مقر وكالة المخابرات المركزية " سي آي أي " في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فرجينيا ( رويترز )
مدخل مقر وكالة المخابرات المركزية " سي آي أي " في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فرجينيا ( رويترز )
TT

احتمالات تعرض مواقع إلكترونية سرية تابعة لـ«سي آي إيه» للكشف على يد «هاو»

مدخل مقر وكالة المخابرات المركزية " سي آي أي " في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فرجينيا ( رويترز )
مدخل مقر وكالة المخابرات المركزية " سي آي أي " في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فرجينيا ( رويترز )

أثار تقريرٌ شكوكاً جدية حول طريقة تعامل «وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي آي إيه) مع إجراءات السلامة، بعد أن تسببت مجموعة من العيوب في تعريض مصادر للخطر. وخلص التقرير إلى أن الـ«سي. آي. إيه.» استخدمت مواقع إلكترونية للاتصالات السرية التي كان من الممكن أن يكتشفها «محقق هاوٍ». وتسببت هذه العيوب في مقتل ما يزيد على 20 مصدراً أميركياً داخل الصين خلال عامي 2011 و2012، وكذلك سجن إيران أو إعدامها أصولاً أميركية.
واستخدمت الـ«سي آي إيه» مئات المواقع الإلكترونية للاتصالات السرية التي كانت معيبة للغاية، ويمكن كشفها حتى من قِبل «محقق هاوٍ"، تبعاً لما أفاده باحثون أمنيون، بحسب «الغارديان»، أمس.
وجاء البحث على يد خبراء أمنيين في مؤسسة «سيتيزين لاب» بجامعة تورنتو، وبدأوا التحقيق في الأمر بعد تلقي معلومات من مراسل «وكالة رويترز» جويل شيكتمان.
وأفادت المؤسسة بأنها لم تنشر تقريراً تقنياً مفصلاً لكامل نتائجها؛ لتجنب تعريض أصول الـ«سي آي إيه» أو موظفيها، للخطر. ومع ذلك فإن النتائج المحدودة التي توصّل إليها الباحثون تثير شكوكاً جدية حول طريقة تعامل «وكالة الاستخبارات الأميركية» مع إجراءات السلامة.
وأعلنت مؤسسة «سيتيزين لاب» أنه بالاعتماد على موقع إلكتروني واحد ومواد متاحة للجمهور، نجحت في تحديد شبكة من 885 موقعاً عبر شبكة الإنترنت عزا الباحثون «بدرجة عالية من الثقة» أنه يجري استخدامها من جانب «الاستخبارات الأميركية».
وخلص الباحثون إلى أن المواقع الإلكترونية المعنية تزعم أنها معنية بالأخبار والطقس والرعاية الصحية ومواقع أخرى شرعية تماماً.
وقالت مؤسسة «سيتيزين لاب»: «بمعرفة موقع إلكتروني واحد، من المحتمل أنه بينما كانت المواقع على الإنترنت، كان باستطاعة أحد المحققين الهواة النشطين رسم خريطة لشبكة الـ(سي آي إيه) ونسبها للحكومة الأميركية».
كانت المواقع نشطة بين عامي 2004 و2013، وربما لم تستخدمها «وكالة الاستخبارات» في القترة الأخيرة. إلا أن «سيتيزين لاب» أعلنت أن مجموعة فرعية من المواقع كانت مرتبطة بموظفين أو أصول استخباراتية نشطة، بما في ذلك متعاقد أجنبي، وموظف حالي في وزارة الخارجية.
وأضافت «سيتيزين لاب»: «قيل إن البناء المتهور لهذه البنية التحتية من قِبل وكالة الاستخبارات المركزية أدى بشكل مباشر إلى تحديد الأصول والقضاء عليها، وخاطر دونما شك بحياة عدد لا يُحصى من الأفراد الآخرين. نأمل أن يؤدي هذا البحث وعملية الكشف المحدودة لدينا، إلى المساءلة عن هذا السلوك المتهور».
على الجانب الآخر، قالت المتحدثة باسم وكالة الاستخبارات المركزية تامي كوبرمان ثورب: «تأخذ وكالة الاستخبارات المركزية التزاماتها لحماية الأشخاص الذين يعملون معنا، على محمل الجد، ونعلم أن العديد منهم يفعلون ذلك بشجاعة، وفي مواجهة مخاطر شخصية كبيرة. إن الفكرة القائلة بأن وكالة الاستخبارات المركزية لن تعمل بجدية قدر الإمكان لحمايتهم، هي فكرة خاطئة».
ويعود أصل هذه القصة إلى عام 2018، عندما أبلغ المراسلان جينا ماكلولين وزاك دورفمان، من «ياهو نيوز»، لأول مرة، أن نظاماً تستخدمه «سي. آي. إيه.» للتواصل مع الأصول الخاصة بها، تعرَّض للاختراق من جانب إيران والصين عامي 2011 و2012.
كما أشارت «ياهو نيوز» إلى أن مصادر مطّلعة أعربت عن مخاوفها من أن المسؤولين عن هذا الأمر لم يحاسَبوا قط.
وبدأت مؤسسة «سيتيزين لاب» التحقيق في الأمر لدى حصولها على معلومات بشأن أحد الأصول التابعة لـ«سي. آي. إيه.» في إيران، والذي ألقي القبض عليه وقضى سبع سنوات في السجن بعد استخدامه ما وصفته «سيتيزين لاب» بأنه «شبكة غير آمنة على نحو قاتل».
ونشرت «رويترز» التقرير كاملاً بعنوان «جواسيس أميركا المنبوذون: كيف خذلت (سي آي إيه) عملاءها الإيرانيين في حربها السرية مع طهران»، الخميس.
وقالت المتحدثة باسم «وكالة المخابرات المركزية» تامي كوبرمان ثورب: «تأخذ وكالة المخابرات المركزية التزاماتها لحماية الأشخاص الذين يعملون معنا، على محمل الجد، ونعلم أن العديد منهم يفعلون ذلك بشجاعة، وفي مواجهة مخاطر شخصية كبيرة. إن الفكرة القائلة بأن وكالة المخابرات المركزية لن تعمل بجدية قدر الإمكان لحمايتهم، هي فكرة خاطئة».