الحريري يستقيل رداً على «توغل» إيران و«حزب الله» في شؤون لبنان الداخلية

قال إن الأجواء شبيهة بالتي سادت قبيل اغتيال والده وإن هناك ما يحاك لاستهداف حياته

رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري في مقر رئاسة الحكومة في بيروت الشهر الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري في مقر رئاسة الحكومة في بيروت الشهر الماضي (رويترز)
TT

الحريري يستقيل رداً على «توغل» إيران و«حزب الله» في شؤون لبنان الداخلية

رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري في مقر رئاسة الحكومة في بيروت الشهر الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري في مقر رئاسة الحكومة في بيروت الشهر الماضي (رويترز)

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، أمس (السبت)، وبشكل مفاجئ استقالته من منصبه، لافتاً إلى أن لبنان يعيش «أجواء شبيهة بالأجواء التي سادت قبيل اغتيال الشهيد رفيق الحريري»، كاشفاً أنّه لمس «ما يحاك في الخفاء» لاستهداف حياته. ورد الحريري استقالته إلى «توغل» إيران وأتباعها في الشؤون الداخلية اللبنانية، و«التجاوز على سلطة الدولة، وفرض الأمر الواقع». ووصف في خطابه اللحظات التي يعيشها لبنان والأمة العربية بـ«الحاسمة»، والظروف التي أفرزتها التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية بـ«المأساوية».
وتوجه إلى «أبناء الشعب اللبناني العظيم» بالقول: «بما تحملونه من مُثل وقيم وتاريخ مشرق، كنتم منارة العلم والمعرفة والديمقراطية، إلى أن تسلطت عليكم فئات لا تريد لكم الخير دُعمت من خارج الحدود، وزرعت بين أبناء البلد الواحد الفتن، وتطاولت على سلطة الدولة، وأنشأت دولة داخل الدولة، وانتهى بها الأمر أن سيطرت على مفاصلها وأصبحت لها الكلمة العليا والقول الفصل في شؤون لبنان واللبنانيين»، مشيراً بذلك صراحةً إلى إيران التي قال إنها «ما تحل في مكان إلا وتزرع فيه الفتن والدمار والخراب». وأضاف: «يشهد على ذلك تدخلاتها في الشؤون الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن».
واعتبر الحريري أن ما يدفع إيران إلى ارتكاباتها «حقد دفين على الأمة العربية، ورغبة جامحة في تدميرها والسيطرة عليها». وقال: «للأسف، وجدت من أبنائها من يضع يده في يدها، بل ويعلن صراحة ولاءه لها، والسعي لخطف لبنان من محيطه العربي والدولي بما يمثله من قيم ومثل. أقصد في ذلك (حزب الله) الذراع الإيرانية، ليس في لبنان فحسب، بل وفي البلدان العربية».
وأشار الحريري إلى أن «(حزب الله) استطاع خلال العقود الماضية، للأسف فرض أمر واقع في لبنان بقوة سلاحه الذي يزعم أنه سلاح مقاومة، وهو الموجه إلى صدور إخواننا السوريين واليمنيين، فضلاً عن اللبنانيين، ولست بحاجة إلى سرد هذه التدخلات». وأضاف: «وكل يوم يظهر لنا حجمها، والتي أصبحنا نعاني منها، ليس على الصعيد الداخلي اللبناني فحسب، ولكن على صعيد علاقاتنا مع أشقائنا العرب، وما خلية (حزب الله) في الكويت عنا ببعيد، مما أصبح معه لبنان ومعه أنتم أيها الشعب اللبناني العظيم في عين العاصفة، ومحل الإدانات الدولية والعقوبات الاقتصادية بسبب إيران وذراعها (حزب الله)». وتابع: «لقد قرأنا جميعاً ما أشار إليه رأس النظام الإيراني من أن إيران تسيطر على مصير الدول في المنطقة، وأنه لا يمكن في العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا والخليج العربي القيام بأي خطوة مصيرية دون إيران، والذي رددتُ عليه في حينه».
وأكد الحريري أن «إيران وأتباعها خاسرون في تدخلاتهم في شؤون الأمة العربية»، مشدداً على أن الأمة العربية «ستنهض كما فعلت في السابق، وستقطع الأيادي التي تمتد إليها بالسوء، وكما ردّت عليكم في البحرين واليمن فستردّ عليكم في كل جزء من أجزاء أمتنا الغالية، وسيرتدّ الشر إلى أهله».
وتوجّه الحريري مجدداً إلى اللبنانيين قائلاً: «لقد عاهدتكم عندما قبلت بتحمل المسؤولية أن أسعى لوحدة اللبنانيين وإنهاء الانقسام السياسي واستعادة سيادته (لبنان)، وترسيخ مبدأ النأي بالنفس، ولقد لقيت في سبيل ذلك أذى كثيراً، وترفّعت عن الرد تغليباً لمصلحة لبنان والشعب اللبناني، وللأسف لم يزد هذا إيران وأتباعها إلا توغلاً في شؤوننا الداخلية، والتجاوز على سلطة الدولة، وفرض الأمر الواقع».
واعتبر أن «حالة الإحباط التي تسود بلادنا، وحالة التشرذم والانقسامات، وتغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة، واستهداف الأمن الإقليمي العربي من لبنان، وتكوين عداوات ليس لنا طائل من ورائها، أمر لا يمكن إقراره أو الرضا به تحت أي ظرف». وقال: «إني واثق بأن تلك هي رغبة الشعب اللبناني بكل طوائفه ومكوناته».
وأشار إلى أنه أعلن استقالته انطلاقاً مما يؤمن به من «مبادئ ورثتها من المرحوم الشهيد رفيق الحريري ومن مبادئ ثورة الأرز العظيمة، ولأنني لا أرضى أن أخذل اللبنانيين أو أقبل بما يخالف تلك المبادئ». وقال: «مع يقيني بأن إرادة اللبنانيين أقوى، وعزيمتهم أصلب، وسيكونون قادرين برجالهم ونسائهم على التغلب على الوصاية عليهم من الداخل أو الخارج، وأعدكم بجولة وجولات مليئة بالتفاؤل والأمل بأن يكون لبنان أقوى مستقلاً حراً، لا سلطان عليه إلا لشعبه العظيم، يحكمه القانون ويحميه جيش واحد وسلاح واحد».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.