قانون الأحوال الشخصية العراقي المعدل يواجه معارضة شديدة

أدباء يرتدون السواد ويقفون احتجاجاً على التعديل المقترح

TT

قانون الأحوال الشخصية العراقي المعدل يواجه معارضة شديدة

بعيداً عن المعارك التي يخوضها الجيش العراقي في مناطق غرب الأنبار، يخوض قضاة وناشطون مدنيون وأدباء من مختلف الاتجاهات العراقية هذه الأيام معركة شرسة ضد التعديل المقترح لقانون الأحوال الشخصية بالرقم 188 لسنة 1959، الذي قبلت «من حيث المبدأ» رئاسة مجلس النواب، الأربعاء الماضي، مناقشته في المجلس وطرحه للتصويت.
وبنظر أغلب المعترضين، فإن التعديل المقترح يمثل «نكسة» لحقوق المرأة والمواطنة والمساواة بين العراقيين التي كفلها قانون 1959، ويراه آخرون نسخة «معدلة» عن قانون «الأحوال الجعفري» الذي طرحته كتلة «الفضيلة» النيابية وقوبل بمعارضة شديدة قبل سنوات. وأشارت عضو لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية، النائبة ريزان شيخ دلير، إلى ذلك في بيان لها، قالت فيه: إن «تعديل قانون الأحوال الشخصية هو إعادة إنتاج لما يسمى قانون الأحوال الجعفري، ويشجع على زواج القاصرات». غير أن أعضاء من لجنة القانون يرون أن «مشروع القانون الجديد غير ملزم ويمكن للمواطن الاختيار بينه وبين القانون الحالي».
الاعتراضات المتواصلة على مقترح التعديل الجديد دفعت اتحاد الأدباء والكتاب في العراق إلى تنظيم «وقفة احتجاجية» في مقر الاتحاد بساحة الأندلس، أمس، ارتدى خلالها كتاب وشعراء من كلا الجنسين ملابس سوداء تعبيراً عن الحزن وإعلان «تشييع مجلس النواب العراقي إلى مثواه الأخير لأنه لا يشرّع القوانين لمصلحة الشعب، إنما تبعاً لآراء وأمزجة الكتل المتحكمة به»، استناداً إلى كلمة ألقاها في أثناء وقفة الاحتجاج المتحدث باسم الاتحاد الشاعر عمر السراي.
أما القاضي هادي عزيز علي، فأبدى استغرابه الشديد من «إصرار بعض القوى السياسية على تعديل قانون الأحوال الشخصية لعام 1959، الذي يعد من القوانين الرائدة في المنطقة العربية، خصوصاً أن الناس لم تشتكِ منه منذ عقود طويلة». وقال في أثناء المؤتمر الصحافي في مبنى اتحاد الأدباء، إن «مشروع القانون الجديد يضع الولاية على المرأة البالغة الرشيدة مهما كانت مكانتها بيد الأب، أو الابن في حالة غياب الأب». ويشير إلى أن مشروع القانون الجديد «لا يسمح بميراث الزوجة للأراضي المملوكة لزوجها، كما يحرم المرأة من المطالبة بالتعويض عن الطلاق التعسفي، ويحرمها من حق حضانة الطفل في حال طلاقها».
ولعل السماح الضمني الذي أقره مشروع القانون الجديد بزواج البنت التي تبلغ من العمر 9 سنوات، من أكثر القضايا التي أثارت سخط وغضب الرافضين لمشروع القانون. وترى الناشطة المدنية هناء ادور أن «التعديل الجديد جريمة بحق المجتمع والقضاء وحقوق الإنسان، لا سيما المرأة والطفل». وحمّلت ادور، رئاسة مجلس النواب العراقي مسؤولية طرح التعديل الجديد بصيغته الحالية.
ويرى كثيرون أن المادة التي تنص على «يجوز للمسلمين الخاضعين لأحكام هذا القانون تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية وفق المذهب الذي يتبعونه» من أكثر المواد إثارة للانقسام المجتمعي العراقي، وتعارض نصوصاً دستورية تؤكد العدل والمساواة بين المواطنين وتناهض الطائفية.
أما القاضي رحيم العكيلي، الرئيس السابق لهيئة النزاهة، فيرى أن التعديل المقترح للقانون سيسبب آثاراً كارثية على مختلف المستويات في العراق، منها أنه يسهم في «تشتيت النظام القانوني للأحوال الشخصية لمسلمي العراق بعدد مذاهبهم الكثيرة جداً». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن القانون بصيغته المقترحة «يخرق التزامات العراق الدولية كاتفاقية حقوق الطفل والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛ فإذا أُقرّ القانون فإنه سيشكل تراجعاً تشريعياً كبيراً للعراق في ميادين حقوق الإنسان، وإنصاف المرأة، والمساواة، ومنع التمييز بسبب الجنس، أمام المجتمع الدولي والمنظمات الدولية». ويعتقد العكيلي أن «التوجه الذي يتبناه القانون هو نكوص للخلف بخلاف ما تبناه إقليم كردستان من تشريعات تعتبر رائدة في المنطقة فيما يتعلق بحقوق المرأة». ويخلص العكيلي إلى أن «إقرار القانون سوف يؤدي لاحقاً إلى عزوف الناس عن المذاهب والأديان ويزيد نقمتهم عليها وعزوفهم عنها أكثر مما هم ناقمون منها حالياً بسبب المتاجرة السياسية بها».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.