أسئلة النسوية العربية وتحدياتها في «الفيصل»

أسئلة النسوية العربية وتحدياتها في «الفيصل»
TT

أسئلة النسوية العربية وتحدياتها في «الفيصل»

أسئلة النسوية العربية وتحدياتها في «الفيصل»

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن باقة من المواد والمواضيع المتنوعة. ملف العدد حمل عنوان «النسوية العربية: ما هو أبعد من المساواة». ومن خلاله سعت «الفيصل» إلى التعرف على ملامح الخطاب النسوي العربي، وما الأفق الذي يتغياه وما التحديات التي تواجه رموزه والمشتغلين فيه؟ إضافة إلى محاولة معرفة الأسباب التي تحول دون تحقق مبادئ النظرية النسوية في كثير من المجتمعات العربية. كما نقرأ شهادات ومواد تتأمل التجلي النسوي في الرواية وفي السينما وفي الدرس النقدي والنص الفكري، وكذلك مواجهة الأسئلة التي تثار حول المصطلح نفسه، ومساءلة للوعي النسوي وتشظياته. وشارك في الملف نخبة من الكاتبات والكتاب العرب، فكتب فتحي المسكيني عن المرأة والنساء في ضوء دراسات الجندر وكتب محمد براده عن الرواية النسوية وبالتزامن مع القرارات الحكومية في السعودية الأخيرة كتبت نورة الدعيجي عن الحراك النسوي السعودي. كما شارك أيضا كل من لطفية الدليمي وسعدية مفرح وإيمان حميدان وربيع درمان وحزامة حبايب وأمل الجمل وشيرين أبو النجا ومنال الشيخ وأحمد صبره وإيمان الحمود وناهد باشطح.
وتضمن العدد الجديد حواراً مع المفكر العربي مراد وهبة الذي تحدث عن رأيه حيال قضايا كثيرة مروراً برأيه حيال الملكية والثورة وعن قضية الصراع العربي الإسرائيلي وعن دور المثقف الذي اتهمه بالخيانة وأن المثقف العربي هو من جلب الأصولية. في باب تحقيق تقصت «الفيصل» ظاهرة البيست سيلر وسألت نقادا وكتابا، ومما قالوه عن الظاهرة، «كل ما نراه من حولنا هو تضليل» واصفين تسويق الكتاب العربي بالمتواضع مقارنة بالكتاب في الغرب، مؤكدين أن ما يحدث من بعض دور النشر «هو تزييف للواقع».
في باب ثقافات تكتب مارغريت أتوود «رثاء جديد لرأي برادبيري، رحلة إلى العالم الآخر»، ومقال لرأي برادبيري (ترجمة أحمد شافعي) وترجمة لرسائل فان غوخ، لياسر عبد اللطيف. كما تضمن الباب أيضا مقالة لمتعب القرني عن الروائي البريطاني كازو إيشغيروا الفائز بجائزة نوبل للآداب في دورتها الحالية. وفي باب تقارير مادة تنشر تزامنا مع معرض الشارقة للكتاب ومع إعلانها عاصمة عالمية للكتاب. ويكتب الروائي السوري خليل النعيمي في باب فضاءات عن مشاهداته خلال تجواله في سانتياغو وجبال الأنديز. ومقال مشترك عن فنانة الليثوغراف إليزابيث كاتليت لماري روك وفاليري نيلسون، ترجمة إلياس فركوح. وفي باب قضايا يناقش أحمد بزون مسألة الطائفية والمثقف في لبنان. وتنشر «الفيصل» دراسة تلقي الضوء على رواية ليلى الجهني «جاهلية» للناقدة الفرنسية إليزابيث فوتيه، وأخرى للشاعر الكردي نوزاد جعدان عن الشعر الكردي، بصفة أنه حمل لغوي أساسي لتاريخ الكرد وثقافتهم.
ونشرت «الفيصل» حوارا مع الموسيقي العراقي نصير شمه، كما نشرت مقالة تتضمن مقارنة بين المسلسلات العربية والأميركية لمنصور الصّويم. وأيضا مادة لنورا أمين عن المسرحي المغربي خالد أمين. كما كتب عصام أبو القاسم عن مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة: دراما الراهن في مرايا الكلاسيكيات.
وفي باب تراث كتب خالد البكر عن رحلة ابن رشد الفهري للحجاز. وتضمن باب كتب قراءات في «مدن متمردة» لديفيد هارفي، و«البيت الأزرق» لعبده وازن، ويكتب هاشم صالح عن «هلوسات مرضية تجاه الإسلام»، و«سبايا سنجار» لسليم بركات و«قصيدة الرفض، قراءة في شعر أمل دنقل» لجابر عصفور. «الفيصل» نشرت نصوص لعبد الله ناصر وزين العابدين الضبيبي وعبد الله الرشيد ومحمد الفخراني وأروى المهنا ومنصر القفاش. كما حمل العدد مقالات لمحمد عبد الملك وفريدريك معتوق وسلامة كيلة وفالح العجمي وعبد السلام بن عبد العالي وفخري صالح وسعيد السريحي، إضافة إلى مقالة رئيس التحرير ماجد الحجيلان.
وجاء كتاب الفيصل بعنوان «نقد إقبال» للباحث السعودي زكي الميلاد.



مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».