تفجير ببلدة حضر في القنيطرة... وإسرائيل تعرض حمايتها

مقتل 9 والنظام يتهم {النصرة}

سحب دخان بعد تفجير في قرية بلدة حضر في الجولان أمس (أ.ف.ب)
سحب دخان بعد تفجير في قرية بلدة حضر في الجولان أمس (أ.ف.ب)
TT

تفجير ببلدة حضر في القنيطرة... وإسرائيل تعرض حمايتها

سحب دخان بعد تفجير في قرية بلدة حضر في الجولان أمس (أ.ف.ب)
سحب دخان بعد تفجير في قرية بلدة حضر في الجولان أمس (أ.ف.ب)

هدد تفجير انتحاري ضرب قرية حضر الدرزية في ريف القنيطرة، قواعد الاشتباك السارية المفعول في هضبة الجولان السورية المحتلة، حيث تظاهر عشرات المواطنين الدروز وعبر 10 منهم خط الاشتباك من قرية مجدل شمس داخل الجولان باتجاه حضر، في مسعى لـ«الدفاع عن حضر» التي تهاجمها «جبهة النصرة» بشكل متواصل.
وفيما أعرب الجيش الإسرائيلي عن استعداده لحماية قرية حضر بما يمثل تعهداً إسرائيلياً صريحاً على غير المعتاد بالتدخل في الحرب بسوريا، اتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني والزعيم الدرزي وليد جنبلاط إسرائيل بتسهيل ضرب حضر، ورأى في تغريدة له في «تويتر» «إنها لعبة إسرائيلية خبيثة بفتح السياج الفاصل مع سوريا وتسهيل مهمة مجموعة مسلحة سورية لمهاجمة قرية حضر وأهاليها»، متوجهاً إلى أهالي حضر في تغريدة عبر «تويتر» بالقول: «إياكم التصديق بأن إسرائيل ومن يناديها قد تساعدكم. توحدوا واتكلوا على أنفسكم فقط وعلى كل دعم عربي مخلص متجرد».
وقُتل 9 أشخاص أمس (الجمعة)، في تفجير انتحاري بسيارة مفخخة في بلدة حضر في هضبة الجولان السورية في جنوب البلاد، أعقبته معارك بين عناصر «هيئة تحرير الشام» وقوات النظام، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية. وتقع حضر التي يقطنها سكان دروز في محافظة القنيطرة في جنوب البلاد وبمحاذاة الجزء الذي تحتله إسرائيل في هضبة الجولان من جهةٍ وريف دمشق من جهة أخرى.
وأوردت «سانا» أن «إرهابياً انتحارياً (...) فجّر عربة مفخخة بين منازل المواطنين على أطراف بلدة حضر، ما تسبب بارتقاء 9 شهداء وجرح 23 شخصاً على الأقل». واتهمت «سانا» جبهة النصرة بتنفيذ التفجير الذي أعقبته اشتباكات مع الجيش السوري النظامي.
وأوردت «سانا» أنه «في أعقاب التفجير الإرهابي هاجمت مجموعات إرهابية بكثافة بلدة حضر، حيث اشتبكت وحدات من الجيش العربي السوري ومجموعات الدفاع الشعبية مع المهاجمين».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» باستمرار «الاشتباكات العنيفة بين هيئة تحرير الشام والفصائل الإسلامية من جهة وقوات النظام من جهة ثانية»، مشيراً إلى أن المعارك ترافقت مع «قصف مكثف ومتبادل بين طرفي القتال»، وأن الجيش السوري شن هجوماً معاكساً ضد «النصرة».
وتسيطر الفصائل المقاتلة وبينها هيئة تحرير الشام على 70 في المائة من المحافظة الصغيرة مقابل 30 في المائة لا تزال تحت سيطرة قوات النظام. وتقع حضر مقابل بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل. وفي وقت لاحق، أفادت «سانا» بأن سوريين حاولوا العبور من الجزء المحتل من هضبة الجولان لمساندة أهل بلدة حضر. وأوردت الوكالة السورية أن «أبناء الجولان يحاولون عبور خط وقف إطلاق النار لمساندة أهالي الحضر بعد الهجوم الإرهابي الذي شنته جبهة النصرة على القرية»، متهمة إسرائيل بمساندة متشددي «النصرة».
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن «نحو 10 منهم دخلوا المنطقة العازلة قبل أن تقوم القوات (الإسرائيلية) باعتقالهم وإعادتهم»، وعمد الجيش الإسرائيلي إلى إغلاق المنطقة.
وحذّر الجيش الإسرائيلي من الاقتراب من السلك الشائك أو عبوره، معتبراً أن هذا الأمر يشكل «انتهاكاً خطيراً للقانون وخطراً على الحياة».
وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي الجنرال رونن مانيليس، إن الجيش الإسرائيلي مستعد «لمنع تعرض حضر للأذى أو الاحتلال كجزء من التزامنا إزاء المجتمع الدرزي». وقال الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي إنه جاهز لتقديم المساعدة لقرية حضر التي يسيطر عليها الجيش السوري النظامي في هضبة الجولان، ووعد بعدم السماح بسقوطها في أيدي الفصائل المعارضة.
وكان مسؤولون إسرائيليون قد قالوا في السابق إنهم يبحثون إمكانية مساعدة سكان قرية حضر.
وخلال وجوده في لندن، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «نحن باستمرار نعمل على الحفاظ على أمننا وأمن حدودنا في الجنوب والشمال، ونصون تعاطفنا مع إخوتنا الدروز». ويعيش أكثر من 20 ألف درزي سوري في الجزء المحتل من الجولان.
وتتهم الحكومة السورية إسرائيل بدعم الفصائل المقاتلة وبينها هيئة تحرير الشام التي توجد عند المنطقة الحدودية. وتنفي إسرائيل تلك الاتهامات، لكنها تقول: إنها قدمت العلاج لمئات السوريين الذين أصيبوا جراء المعارك خلال سنوات النزاع المستمر. وفي تطور ميداني آخر، تواصلت المعارك العنيفة بين قوات النظام و«جبهة النصرة» في عدة محاور بمحيط قرية أبو دالي بريف حماة الجنوبي الشرقي، في محاولة متجددة لقوات النظام للوصول إلى القرية، واستعادة السيطرة عليها، ترافق مع غطاء مكثف من القصف الجوي والمدفعي، على مناطق الاشتباك. كما نفذت الطائرات الحربية 4 غارات على مناطق في مطار أبو الظهور العسكري بريف إدلب الشرقي. وفي ريف دمشق، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن سقوط 6 قذائف جديدة، أطلقتها قوات النظام على مناطق في محور حي جوبر – عين ترما، بالغوطة الشرقية ومحيط العاصمة، فيما تعرضت مناطق في بلدة أوتايا في منطقة المرج بالغوطة الشرقية، والتي يسيطر عليها جيش الإسلام، لقصف من قبل قوات النظام.



عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
TT

عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)

انتقل نافع عبد الحي، وهو سوداني مقيم في منطقة فيصل جنوب القاهرة، إلى شقة بنصف سعر إيجار أخرى سكن فيها هو وعائلته منذ 9 أشهر، مستفيداً من تراجع أسعار إيجارات الشقق في مصر بشكل ملحوظ مع عودة آلاف السودانيين إلى بلادهم.

يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يدفع الآن 4500 جنيه فقط في الشهر (الدولار 48.75 جنيه)، بدلاً من 9 آلاف جنيه في الشقة الأولى، وهما في نفس المستوى، ولا يبعدان عن بعضهما سوى 2 كيلومتر فقط.

وخلال الشهور الماضية، تَقَدَّمَ الجيش السوداني في أحياء سكنية ومناطق عدة بالعاصمة الخرطوم وضواحيها على حساب «قوات الدعم السريع»، كما سيطر على مداخل 3 جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، وهي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا»، والذين يربطون ولايات أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، ومهدت هذه الانتصارات لعودة آلاف السودانيين.

ووصف القنصل السوداني في أسوان السفير عبد القادر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» أعداد العائدين من مصر إلى السودان بـ«الكبيرة»، مشيراً إلى أنهم لا يملكون إحصائية دقيقة، لكن «أستطيع أن أقول إنه منذ 3 شهور العائدون إلى السودان أضعاف القادمين من السودان إلى مصر»، على حد قوله.

محل بيع ملابس سودانية في منطقة المهندسين (الشرق الأوسط)

وتوقع الدبلوماسي السوداني أن تزداد الأعداد بشكل أكبر الفترة المقبلة، قائلاً: «كلما تقدم الجيش السوداني عاد المزيد من السودانيين»، خصوصاً «في بداية العام المقبل، بعد انتهاء امتحانات الشهادة السودانية والتي تبدأ في 28 ديسمبر (كانون الأول)، وتستمر أسبوعين»، موضحاً أن «كثيراً من الأُسر تنتظر إنهاء أبنائها للامتحانات للعودة إلى السودان».

وفسّر المستشار الإعلامي السابق للسفارة السودانية في القاهرة وأمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة السودانية المصرية محمد جبارة لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود حصر دقيق بالأعداد إلى أن بعض العائدين دخلوا مصر في الأساس بطرق غير شرعية، وعودتهم تتم دون أوراق أيضاً، أما الآخرون ممن دخلوا بشكل رسمي، فوثقت الجمعية عودة 29 ألف منهم في الفترة منذ أغسطس (آب) وحتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين.

وقدّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أعداد السودانيين المسجلين لديها في مصر حتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضي بـ503 آلاف و993 لاجئاً. ولا يعكس ذلك كل أعداد السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب، إذ ثمة آخرون غير مسجلين في المفوضية.

وتسبب توافد السودانيين إلى مصر وتمركزهم في مناطق محددة في رفع أسعار الإيجارات أضعافاً عدة. وتعد ضاحية فيصل، الحي الشعبي جنوب العاصمة، واحدة من نقاط تمركز الوافدين السودانيين، إذ بلغ متوسط الإيجار في المنطقة الشعبية 8 آلاف جنيه، بعدما كان 2000 جنيه قبل قدومهم، حسب السمسار أحمد عبد الرحيم.

مواطن سوداني يجلس على مقهى بفيصل تحت عبارة «تحيا مصر» (الشرق الأوسط)

تراجع متفاوت

والآن، يؤكد عبد الرحيم لـ«الشرق الأوسط»، تراجُع أسعار الشقق خصوصاً «المفروشة في الأبراج السكنية»، والتي كان يسكنها «السودانيون اللي معاهم فلوس»، مشيراً إلى أن كثيرين منهم عادوا إلى بلدهم.

يوضح السمسار: «كانوا يدفعون في الشهر 15 ألف جنيه في الشقة المفروشة، وبعد عودتهم لا تجد هذه الشقق من يسكنها بالأسعار نفسها، ما دفع أصحابها إلى تخفيض أسعارها إلى 12 و10 آلاف جنيه».

وأقرّ السمسار بأن هذه القيمة تظل مبالغاً فيها في منطقة شعبية مثل فيصل «لكن قد تنخفض أكثر مع قلة الطلب»، مُرجعاً بطء حركة تراجع الإيجارات إلى «جشع أصحاب الشقق ممن يأملون في أن يدفع المصري نفس ما كان يدفعه السوداني».

وقال السمسار السوداني حسن عبد الله، والذي يعمل على عرض الشقق على غروب بـ«فيسبوك» يضم آلاف السودانيين في مصر، لـ«الشرق الأوسط» إن الأسعار انخفضت إلى النصف تقريباً، فالشقة التي كان يعرضها بسعر 5 و4 آلاف جنيه، أصبحت معروضة بـ2000 و2500 و3000 جنيه «الشقق متوفرة مو زي قبل»، وذلك بعدما ترك الكثير من السودانيين الشقق وعادوا إلى السودان، على حد وصفه.

ومن فيصل إلى منطقتي الدقي والمهندسين الراقيتين بمحافظة الجيزة، انخفضت الأسعار كذلك بشكل ملحوظ. يقول أحمد الأسيوطي وهو حارس عقار وسمسار في الدقي لـ«الشرق الأوسط» إن إيجارات الشقق المفروشة في المنطقة تراجعت «بشكل كبير جداً»، مشيراً إلى أنها وصلت الفترة الماضية مع قدوم السودانيين، وتحديداً منذ منتصف العام الماضي إلى 70 ألف جنيه، لكنها بدأت تتراجع منذ 3 شهور إلى ما بين 40 و30 ألف جنيه، مع عودة بعض السودانيين.

أحمد الأسيوطي حارس عقار وسمسار في منطقة الدقي بالجيزة (الشرق الأوسط)

ويعود التفاوت الكبير في الأسعار بين فيصل والدقي إلى طبيعة المنطقتين من جهة، ومساحة ومستوى الشقة نفسها من جهة أخرى، إذ إن الشقق في المنطقة كبيرة في المساحة «4 غرف و3 حمامات ومستوى لوكس».

وتوقّع السمسار أن تتراجع إيجارات الشقق بشكل أكبر الفترة المقبلة، مستدلاً على ذلك أن «تحت يدي شققاً فاضية من أكثر من شهر، لا تجد من يسكنها، وكل فترة يخفض أصحابها السعر أكثر، للعثور على مستأجر».

الأمر نفسه أكده السمسار في منطقة المهندسين حمدي الصعيدي، واصفاً سوق الإيجارات حالياً بالـ«الهادئ»، في إشارة إلى كثرة المعروض مقابل المطلوب.

التأثير نفسه شهدته منطقة مدينة نصر شرق العاصمة، حيث تراجعت الإيجارات فيها إلى 20 و30 ألف جنيه، بعدما وصلت إلى 40 و50 ألف الفترة الماضية، حسب محمود محسن، وهو صاحب شقق يقوم بتأجيرها.

يقول محسن لـ«الشرق الأوسط» إن لديه شقة حالياً يعرضها بـ 22 ألف جنيه، كانت وصلت الفترة الماضية إلى ضعف هذا السعر مع كثرة الطلب على الإيجارات بقدوم السودانيين، مشيراً إلى أن مدينة نصر من مناطق جذب الوافدين من جنسيات مختلفة.

ورغم التراجع النسبي لأسعار الإيجارات في مناطق تمركز السودانيين، استبعد عضو شعبة الاستثمار العقاري في غرفة القاهرة التجارية أحمد عبد الله، أن تشهد السوق العقارية تراجعات تعود به إلى المستوى الذي كان عليه قبل قدومهم، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يتوقع انخفاضاً في أسعار الإيجارات بوجه عام بفعل التضخم وعوامل أخرى، «ومع ذلك ففي بعض المناطق التي شهدت تراجعاً مؤثراً في أعداد الجالية السودانية، من المتوقع أن ينخفض الطلب».

وتابع: «في كل الأحوال، الأرجح هو ألا تنخفض أسعار الإيجارات إلا إذا حدث تراجع كبير في الطلب مقارنة بالمعروض، وهو ما يعني مغادرة عدد كبير من الإخوة السودانيين».

محل سوداني في حي فيصل ينوي مغادرة مصر قريباً (الشرق الأوسط)

وسبق أن علق رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، على أزمة الإيجارات قائلاً إن الأسعار ارتفعت، لكن الحكومة لا تستطيع التدخل في سوق العقارات الذي يحتكم لـ«العرض والطلب»، متوقعاً آنذاك أن تكون «أزمة الإيجارات في مصر مسألة مؤقتة».

وخلال 6 شهور على حد أقصى، سيعود الشاب السوداني نافع عبد الحي إلى السودان، بعد شفاء قدمه التي خضعت لعملية جراحية مؤخراً، مشيراً إلى أن والديه عادا بالفعل، وأن «كثيراً من الوافدين السودانيين في مصر عاد منهم على الأقل شخص، يطمئن على الأوضاع هناك، قبل أن تتبعه بقية الأسرة».

واتفق معه توكل أحمد، وهو سوداني جاء إلى مصر مع عائلته قبل نحو 9 شهور، ويستعد للمغادرة في غضون أيام، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن السودانيين يفضلون العودة بمجرد الاطمئنان على استتباب الأمن في مناطقهم بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة في مصر، فضلاً عن عدم توافر وظائف وأعمال لهم، وهو ما أكده أيضاً أمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة المصرية السودانية محمد جبارة.