موسكو تتهم واشنطن بـ«جرائم حرب» وتهدد بـ«سحق» حلفاء اميركا

TT

موسكو تتهم واشنطن بـ«جرائم حرب» وتهدد بـ«سحق» حلفاء اميركا

اتهمت روسيا، الولايات المتحدة، بحرمان اللاجئين في مخيم الركبان، قرب قاعدة التنف، من المساعدات الإنسانية والتسبب بوضع كارثي هناك. وقال مركز حميميم الروسي للمصالحات في سوريا إن عشرات آلاف اللاجئين السوريين في مخيم الركبان لا يستطيعون الحصول على المساعدات الإنسانية بسبب نشر القوات الأميركية قاعدة بصورة غير شرعية في منطقة التنف. ووصف المركز الروسي، في بيان، أمس، الوضع الإنساني هناك بأنه «صعب للغاية»، متهماً العسكريين الأميركيين بمنع المواطنين من الاقتراب من القاعدة على مسافة 55 كلم «تحت التهديد بالقتل»، وقال إن عشرات آلاف النازحين السوريين لهذا السبب يعجزون عن الوصول إلى معسكر الركبان للاجئين قرب القاعدة الأميركية. ونقل المركز عن سوريين تمكنوا من مغادرة تلك المنطقة تأكيدات بأن الوضع الإنساني هناك سيئ للغاية.
ويقول مركز حميميم، نقلاً عن شهود عيان، إن المستشارين العسكريين الأميركيين أقاموا بقرب مخيم الركبان معسكراً جديداً يصل إليه مقاتلون من القلمون الشرقي ومنطقة أم القريتين ومن البادية، لتشكيل «معارضة معتدلة» منهم، و«الجيش الوطني السوري» الذي تشكلت نواته من مجموعات «جيش أسود الشرقية» و«قوات الشهيد أحمد عبود» و«لواء شهداء القريتين» وفق المركز الروسي في حميميم، الذي أضاف إلى روايته معلومات مفادها أن المستشارين العسكريين الأميركيين يتفاوضون مع قادة المقاتلين حول الأتعاب الشهرية، وأن هناك فرقاً بين المبالغ التي يحصل عليها كل فصيل، و«على هذه الخلفية وقعت اشتباكات يوم الأحد بين مقاتلين من (لواء شهداء القريتين) وآخرين من (أسود الشرقية) ما أدى إلى سقوط 13 قتيلاً كلهم من اللاجئين، وإصابة 20 آخرين بجراح، بينهم أطفال.
ولا يقدم الجانب الأميركي لهم مساعدات إنسانية». واتهم المركز الروسي، الولايات المتحدة، بانتهاك فاضح للقانون الإنساني، وقال إن ممارسات الأميركيين يمكن تقديرها على أنها جرائم حرب.
ورأت الخارجية الروسية في الممارسات الأميركية، وفق ما عرضها تقرير العسكريين الروس في حميميم، عملاً أقرب إلى محاولة تقسيم سوريا. وقال غيورغي بوريسينكو، مدير قسم أميركا الشمالية في وزارة الخارجية الروسية، إن التصرفات الأميركية قرب قاعدة التنف في سوريا تشبه محاولة تقسيم البلاد. واتهم الولايات المتحدة بأنها «تعاونت كثيراً مع مختلف الجماعات المتطرفة في سوريا»، وشكك بحسن نوايا القوات الأميركية في سوريا، خصوصاً في منطقة التنف، وقال إنهم «لا يسمحون لقوات الجيش السوري بالدخول إليها»، واعتبر أن هذا العمل «يشبه في الحقيقة محاولات تقسيم البلاد». وتوعد السيناتور فيكتور بونداريف، رئيس لجنة المجلس الفيدرالي لشؤون الدفاع والأمن بسحق «المعارضة المعتدلة». وفي أول إقرار واضح من مسؤول روسي بأن القوات الروسية شاركت في تدمير المعارضة السورية المسلحة، قال السيناتور الروسي إن «المعارضة المعتدلة التي تعمل الولايات المتحدة على تشكيلها في سوريا، وتضم (أسود الشرقية) وغيرها من العصابات، ستنتهي كما انتهى سلفها، أؤكد لكم. والقوات الجوية الروسية ستساهم بذلك بشكل شامل».
إلى ذلك قال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، عقب محادثاته أمس مع أمين عام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا توماس غريمنغر، إن روسيا أرسلت دعوات للمشاركة في مؤتمر الحوار السوري إلى النظام السوري وجميع قوى المعارضة، وأكد موافقة عدد كبير من المدعوين بما في ذلك «الحكومة»، وأشار إلى أن موسكو تتسلم الردود، وتقوم بعملية تقييم للوضع، مؤكداً أن المشهد الذي يرتسم حالياً يشير إلى تمثيل واسع في المؤتمر. وأضاف: «قريباً سنعلن عن موعد المؤتمر». وكانت الخارجية الروسية نشرت قائمة للمشاركين، وحددت فيها موعد المؤتمر يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، إلا أنها عادت وحذفت تلك القائمة من موقعها الرسمي دون توضيح للأسباب.
ووصف لافروف المؤتمر المرتقب بأنه «أول محاولة للبدء بتنفيذ القرار 2254 الذي يطالب المجتمع الدولي بتقديم كل أشكال المساعدة للسوريين في تنظيم حوار وطني شامل».
وتقول موسكو إن المؤتمر ليس بديلاً عن عملية المفاوضات في جنيف، التي تبحث، بما في ذلك سلات الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهي مواضيع تشير تسريبات إلى أنها ستكون رئيسية على جدول أعمال مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».