«من العميل» و«مصدر الأموال».. أبرز تحديات المصارف العربية العاملة في الخارج

مصرفيون بريطانيون لـ(«الشرق الأوسط»): المعايير العالمية الجديدة صارمة تجاه انتهاك العقوبات الدولية

«من العميل» و«مصدر الأموال».. أبرز تحديات المصارف العربية العاملة في الخارج
TT

«من العميل» و«مصدر الأموال».. أبرز تحديات المصارف العربية العاملة في الخارج

«من العميل» و«مصدر الأموال».. أبرز تحديات المصارف العربية العاملة في الخارج

بينما يشدد المنظمون والمشرعون الماليون في العالم وبريطانيا قبضتهم ويفرضون «مبادئ توجيهية» أكثر صرامة تجاه البنوك والقطاع المالي العالمي، يشعر الكثير من المصرفيون ومنهم العرب بالقلق تجاه تلك التنظيمات التي تحدث ارتباكا لا بد منه.
ومن هنا نصح مجموعة من الخبراء في قطاع الخدمات المصرفية والمالية، ممثلي البنوك العربية والخليجية في بريطانيا بإيلاء الاهتمام لكافة جوانب العمليات المصرفية وكذلك المستجدات التي استجدت على العملية التنظيمية التي تجري الآن في بريطانيا، لضمان استمرار أعمالهم وعدم تعرضهم لمخاطر العقوبات أو الخسائر وتراجع النمو.
وقال الخبراء في ندوة نظمتها جمعية المصرفيين العرب في لندن الأسبوع الماضي، لتسليط الضوء على «التغيرات التنظيمية المستمرة في القطاع المصرفي العالمي»، وتوضيح المسائل التي يتعين التركيز عليها للتكيف مع هذه التغيرات التنظيمية الجديدة، أن أبرز ثلاثة تحديات تواجه البنوك العربية والخليجية في لندن وفي منطقتها أيضا، هي مسألة تحديد هوية العميل، عبر الفواتير، أو ما يسمى هنا في بريطانيا «اعرف عميلك»، بالإضافة تحديد مصدر الأموال، إلى جانب عدم الوقوع في تعاقدات أو تعاملات مع المدرجين من أفراد وشركات تحت طائلة العقوبات الدولية.
يقول تشارلز هوليس مدير إداري بشركة إف تي أي للاستشارات لـ«الشرق الأوسط» بأن التحديات الرئيسية التي يواجهها المصرفيون العرب فيما يتعلق بالعملية التنظيمية والحفاظ على سير الأعمال ستتمثل في «المسائل التي تتعلق بمبدأ اعرف عميلك».
ويضيف «فعلى سبيل المثال، عليك أن تقدم فاتورة الخدمات كدليل على الهوية»، لقد عشت في الرياض لعدة سنوات، وأعرف أنكم لا تحصلون على فاتورة الخدمات، ولا توجد لديكم أرقام المنازل، ولا صناديق بريد»، ربما تشكل مثل تلك التقنيات والمتطلبات تحديا بالنسبة للمصارف العربية والسعودية التي لها فروع في دول مثل المملكة المتحدة، تلك الدول التي تمر الآن بتغييرات تنظيمية صارمة، وهناك تحد آخر يواجه المصرفيين العرب وهو المسائل المتعلقة بـ«مصدر الثروة» أو «مصدر الأموال».
ويعتقد هوليس أن انعدام التفاهم الثقافي فيما بين المنظمين في بريطانيا يشكل أيضا أحد التحديات، وذلك رغم تأكيده على أنه في حال تطبيق المصارف العربية «معايير معقولة»، فإنها سوف تنال رضاء المنظمين، وأردف: «تعد اللوائح التنظيمية وكذلك الجهات التنظيمية جيدة في منطقة الخليج ككل».
في المقابل طرح بيتر بروك، مدير إداري بشركة إف تي أي للاستشارات (FTI Consulting)، تحديا من نوع آخر قد يشكل خطرا على المصارف العربية وهو تخطي قائمة العقوبات المصرفية الصادرة عن مؤسسات دولية أو دول بعينها - المتزايدة أكثر من أي وقت مضى - والتي تفرضها وزارات المالية على الأفراد والجهات.
ويتابع: هناك في بريطانيا على سبيل المثال 8973 من الأفراد والجهات يندرجون تحت القائمة الموحدة للعقوبات، كما أن عددا كبيرا من الدول المدرجة في هذه القائمة - جراء العقوبات المفروضة عليها - تقع في منطقة الشرق الأوسط.
ويحذر بروك، من تنامي عدد المصارف العالمية التي تواجه غرامات شديدة تفرضها السلطات الأميركية والبريطانية، وكان آخرها بنك بي إن بي باريبا BNP Paribas، الذي يواجه غرامة قيمتها نحو خمسة مليارات دولار كعقوبات جراء الانتهاكات المرتكبة. وتنصح شركة إف تي أي للاستشارات الالتزام بالقائمة الموحدة.
وقدم الجزء الأكبر من الندوة كل من جانيت ليتشنر، أحد كبار المديرين الإداريين بشركة إف تي أي، وبروك؛ حيث ركزت ليتشنر على أهمية تحديد معايير حوكمة الشركات وفقا للمنظمين، مشيرة إلى أن المصارف العربية في لندن تكون إما في شكل فرع أو شركة تابعة تكون مسؤولة أمام مجالس الإدارة بالفرع الرئيسي الذي تتبع له، وقد سلطت البيئة التنظيمية المتغيرة الضوء على أهمية حوكمة الشركات، وبالأساس معرفة: «كيف يجري صنع القرارات في مؤسساتك؟».
ويشكل عدم التواصل المحتمل بين مجالس إدارة المصارف الرئيسية والفروع التابعة لها حول العالم بُعدا آخر للتحدي المتعلق بمسألة التكيف؛ حيث تعد هيئة تنظيم الحصيفة (The Prudential Regulation Authority)، التابعة لبنك إنجلترا: «مسؤولة عن تطبيق القواعد التنظيمية التحوطية، ومراقبة البنوك، وجمعيات البناء، والاتحادات الائتمانية، بالإضافة إلى شركات التأمين والاستثمار الكبرى».
وتجدر الإشارة إلى أن المصارف العربية في لندن - التي تعد بمثابة مؤسسات غير تابعة للمؤسسة الاقتصادية الأوروبية (EEA) - بدأت تشعر بالقلق بشأن الهيئات التنظيمية التي تندرج تحتها، وهنا، أثارت ليتشنر التساؤل الآتي: «إذا كان أحد المصارف لا ينتمي إلى المؤسسة الاقتصادية الأوروبية، فهل الهيئة التنظيمية التابعة للدولة الأم التي يندرج تحتها هذا المصرف تعادل هيئة التنظيم الأوروبية»؟، وأضافت: «أعتقد أن هذا أمر خطير. لا أعرف كيف سيقومون بتقييم هذا الأمر، وأعتقد أن الأمر سيكون تجريبيا». وقد أعلنت هيئة تنظيم المصارف الأوروبية مؤخرا عن الدول التي تعد أن لديها أنظمة تنظيمية سليمة بما يتماشى مع عمليات المؤسسة الاقتصادية الأوروبية.
جيك جرين، أحد كبار الزملاء بمكتب آشرست للمحاماة، أثار من جانبه مسألة التصاريح بقدر كبير من التفصيل؛ حيث ذكر أنه تلقى أول «تصريح له منذ 24 شهرا مضى، والآن تصدر تصريحات مرة واحدة كل شهر. هذا التصريح يعد بمثابة مستند يستخدم من جانب المنظمين؛ بحيث تمتثل بموجبه الدول الموقعة للبنود المتفق عليها. وحسب ما ذكره جرين: «الغرض من هذه التصريحات هو جذب انتباه كبار المسؤولين التنفيذيين»؛ بحيث يكونون أكثر وعيا بالمخاطر والمسؤوليات التي يضطلعون بها.



«المركزي الأوروبي» يتجه لخفض أسعار الفائدة مجدداً اليوم

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

«المركزي الأوروبي» يتجه لخفض أسعار الفائدة مجدداً اليوم

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

من المؤكد تقريباً أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة مجدداً يوم الخميس، مع الإشارة إلى مزيد من التيسير في عام 2025؛ حيث يقترب التضخم في منطقة اليورو من الهدف المعلن بينما يواجه الاقتصاد تعثراً ملحوظاً.

وكان البنك قد خفض الفائدة في ثلاثة من اجتماعاته الأربعة الأخيرة، لكن النقاش أصبح يدور حول مدى سرعة تطبيق التيسير لدعم اقتصاد يعاني من خطر الركود، ويواجه أيضاً تحديات من عدم الاستقرار السياسي الداخلي واحتمالية نشوب حرب تجارية جديدة مع الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

ومن المتوقع أن يهيمن هذا السؤال على اجتماع الخميس، لكن صقور السياسة النقدية، الذين لا يزالون يشكلون الأغلبية في مجلس الإدارة المكون من 26 عضواً، سيدعمون على الأرجح خفضاً طفيفاً بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل سعر الفائدة القياسي إلى 3 في المائة، حسبما أفاد معظم الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وفي إطار حل وسط مع صناع السياسات الأكثر حمائية، قد يترافق الخفض مع تعديلات على إرشادات البنك المركزي الأوروبي، توضح أنه سيكون هناك المزيد من التيسير بشرط عدم حدوث صدمات جديدة للتضخم، الذي من المتوقع أن يعود إلى هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة في النصف الأول من عام 2025.

وقال بيت هاينز كريستيانسن، الخبير الاقتصادي في بنك «دانسكه»، إن «الموقف التقييدي الحالي، وتدهور توقعات النمو، والتضخم الذي بلغ الهدف، يجب أن تدفع جميعها إلى خفض بمقدار 50 نقطة أساس». لكنه أضاف: «من منظور الاتصال، أعتقد أنه سيكون من الأسهل تقديم خفض بمقدار 25 نقطة أساس مع الاحتفاظ بالخيارات مفتوحة لتقديم خفض أكبر إذا لزم الأمر».

ومن المتوقع أن تظهر التوقعات الجديدة أن التضخم، الذي تجاوز الهدف لمدة ثلاث سنوات، سيعود إلى 2 في المائة في غضون أشهر قليلة، جزئياً بسبب النمو المحدود للاقتصادات في الدول العشرين التي تشترك في اليورو. ومع ذلك، فإن هذه التوقعات محفوفة بالمخاطر؛ حيث يعتقد بعض صناع السياسات أن البنك المركزي الأوروبي قد يواجه خطر الفشل في تحقيق هدفه للتضخم، كما حدث تقريباً طوال عقد من الزمان قبل الوباء، مما يتطلب تحركاً أسرع.

من جهة أخرى، يرى صقور السياسة أن التضخم لا يزال يشكل تهديداً بسبب النمو السريع للأجور وارتفاع تكاليف الخدمات، ما يجعل السياسة التدريجية أكثر مناسبة في الوقت الحالي. كما أن الحمائية الأميركية وعدم الاستقرار السياسي في فرنسا وألمانيا يسهمان في هذا الحذر.

وهناك أيضاً قلق بشأن السياسة الأميركية التي قد ينتهجها الرئيس المنتخب دونالد ترمب؛ حيث يجهل أعضاء مجلس الإدارة كيفية استجابة أوروبا لها أو تأثيراتها الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرابات السياسية في فرنسا والانتخابات المقبلة في ألمانيا تزيد من حالة عدم اليقين، مما قد يتطلب تدخلاً من البنك المركزي الأوروبي.

وفيما يتعلق بالأسواق المالية، فإن الأسواق قد قامت بتسعير كامل لخفض بمقدار 25 نقطة أساس يوم الخميس، مع اقتراب احتمالات اتخاذ خطوة أكبر من الصفر، وهو تغيير كبير عن الأسابيع الماضية عندما كان يُنظر إلى خفض نصف نقطة مئوية بوصفه احتمالاً حقيقياً. ويتوقع المستثمرون خفضاً آخر في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران)، تليها خطوة أخرى على الأقل في النصف الثاني من عام 2025، مما سيرفع سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة على الأقل بحلول نهاية العام.

ومن المتوقع أن تكون أي تغييرات مستقبلية في توجيهات البنك المركزي الأوروبي هامشية، مع إمكانية إزالة إشارته إلى الحاجة إلى سياسة «تقييدية» لترويض التضخم، وهو ما يعني ضمناً ضرورة خفض الأسعار إلى مستوى محايد لا يحفز الاقتصاد ولا يبطئه.