أطفال يستخدمون البوتوكس

منذ بدايات القرن الحالي وانتشار العولمة وثورة المعلومات، أصبح لفظ البوتوكس (Botox) من أكثر الألفاظ تداولاً بين البشر لشهرته الكبيرة في مجال التجميل وإعطاء مظهر جذاب، خصوصاً للذين تعدوا مرحلة الشباب، نظراً لقدرته على التخلص من التجاعيد دون مخاطر العمليات الجراحية، حيث يقتصر الأمر على مجرد تناول حقنة صغيرة في عيادة الطبيب دون الحاجة للمبيت في المستشفى، فضلاً عن مساحة الأمان في استخدامه (حتى الآن).

سم البوتوكس
وعلى الرغم من شهرة البوتوكس العريضة في مجال البالغين لا يمكن تخيل أنه يمكن أن يكون مفيداً لعلاج الأطفال أيضاً، والحقيقة أن مادة البوتوكس لها استخدامات طبية كثيرة بجانب التجميل، التي يمكن أن يستفيد منها الأطفال مثل الصداع النصفي والشلل الدماغي (cerebral palsy).
وقد يندهش الكثيرون لمعرفتهم أن البوتوكس هو عبارة عن سم البوتولينيوم (Botulinum toxin) الذي يتم إفرازه من نوع من البكتيريا (Clostridium botulinum)، وهو عدة أنواع بعضها يصيب الإنسان وبعضها يصيب الحيوان، لذلك يجب أن يتم إعطاء حقن البوتوكس بحرص شديد وتبعاً لجرعات معينة وبواسطة طبيب مختص. ويتسبب هذا السم في منع إفراز موصل عصبي معين، وبالتالي يسبب حالة من الارتخاء للعضلة، أو الشلل الرخوي (Flaccid Paralysis)، وهو الأمر الذي يكون مفيداً في حالة ظهور التجاعيد في الوجه أو عضلات الجسم المختلفة، إذ إن ارتخاء العضلة نتيجة لعدم قدرتها على الانقباض أو الشلل الذي يصيبها يعطيها المظهر الأملس الأقرب إلى الشباب والنضارة. ولذلك يتم استخدامه في علاج الأمراض التي يحدث فيها نشاط زائد للعضلة يؤدي إلى انقباضها بشكل مستمر كما في نوع معين من الشلل.

العلاج بالبوتوكس
الشلل الدماغي التشنجي. من المعروف أن الحقن بالبوتوكس في الأطفال مرضى الشلل الدماغي أعطى نتائج إيجابية في كثير من الحالات، وتمكن الأطفال بالفعل من الحركة بعد ارتخاء الانقباضات في العضلات في الساق أو الذراع.
ويعتبر الشلل الدماغي التشنجي (Spastic cerebral palsy) أشهر أنواع الشلل الدماغي، وفيه يحدث انقباض للعضلات في بعض أجزاء من الجسم، وفي الأغلب تكون في الأطراف ويحدث تيبس للمفصل نتيجة انقباض العضلات وخلل في الحركة والاتزان والتوافق العضلي العصبي.
وعلى الرغم من هذه النتائج الإيجابية، فإن استخدام حقن البوتوكس في الأطفال مرض الشلل، لا يزال محل جدل كبير بين أوساط الأطباء، نظراً لإمكانية حدوث أعراض جانبية خطيرة نتيجة للتسمم بجرعة زائدة أو إمكانية أن يتسرب سم البوتولينيوم (البوتوكس) إلى خارج المنطقة المراد حقنها، ما يسبب شللاً في بعض العضلات الأخرى التي يمكن أن يكون منها عضلات الجهاز التنفسي، وهو

الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة.
الصداع النصفي. بدأت منذ فترة بعض الدراسات الطبية التي تشير إلى إمكانية علاج الصداع النصفي للأطفال بالبوتوكس مثل البالغين، خصوصاً أن الأدوية التي يتم بها العلاج غير قادرة على منع النوبات بشكل كامل وفعال، إذ إن الآلية التي يحدث بها الصداع النصفي غير مفهومة تماماً حتى الآن، ومعظم الأدوية تحاول تخفيف حدة الأعراض وليس منع الحدوث. ولذلك هناك حاجة ماسة لوجود علاج بديل.
وأظهرت النتائج في التجارب العلاجية تحسناً كبيراً للمرضى، حتى أن هناك طفلة كانت تعاني من نوبات الصداع تستلزم حجزها بالمستشفى بشكل شهري بعد علاجها من خلال حقن البوتوكس، لم تتعرض للنوبات غير مرتين خلال عام كامل، وهو ما يعتبر إنجازاً كبيراً، كما أوضح بعض الأطفال الآخرين أن مدة نوبات الصداع نفسها تناقصت، وأيضاً تناقص الألم الناتج عنه، وذلك بعد العلاج بالحقن مرة كل 3 شهور في مقدمة الرأس والرقبة لمدة 5 سنوات كاملة.

محاولات ناجحة
- ندبات الشفة الأرنبية. تعتبر الشفة المشقوقة أو الأرنبية (Cleft lip) من أشهر العيوب الخلقية التي يولد بها الأطفال وفي الأغلب يصحبها شق في سقف الحلق أيضاً (Cleft palate) ويتم علاجها جراحياً وتجرى الآن محاولات لحقن الندبات الناتجة من العملية بالبوتوكس حتى يتم الحفاظ على العضلات في حالة الاسترخاء، ومن ثم يسهم في تماثلها للشفاء بشكل طبيعي. لكن لم تتم الموافقة بشكل رسمي من خلال إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA على مثل هذا الإجراء حتى الآن.
- المثانة العصبية. تعتبر المثانة العصبية في الأطفال (Pediatric Neurogenic Bladder) مجموعة أعراض أكثر منها مرضاً في حد ذاته. وهذه الأعراض مثل عدم القدرة على التحكم في البول أو زيادة عدد مرات التبول بشكل مبالغ فيه أو عدم إفراغ المثانة بشكل كامل، وكذلك الرغبة الملحة في التبول تنتج من خلل في التوصيلات العصبية بين المخ والمثانة. وفي الأغلب يتم علاجها عن طريق العقاقير أو تركيب القسطرة في المثانة، ولكن هناك نسبة من الأطفال لا تستجيب للعلاج. ومنذ فترة قصيرة بدأت محاولات لعلاج الأطفال من خلال حقنهم بالبوتوكس لتقليل الانقباضات في المثانة خصوصاً بعد نتائجه الإيجابية في البالغين.
بالطبع سوف يستمر الجدل حول استخدام البوتوكس في الأطفال لفترة مستقبلية حتى يتم التأكد من مدى سلامته؟ ويجب على الأطباء أن يشرحوا للآباء النتائج المتوقعة والأضرار المحتملة ويكون القرار للأسرة في الموازنة بين حدة الأعراض وحجم المخاطر وأيضاً يجب أن يتم هذا الإجراء (على الرغم من بساطته) لدى طبيب متخصص في التعامل مع البوتوكس، ويتم حساب الجرعة وفترة العلاج المناسبة لكل طفل.

• استشاري طب الأطفال