«الجهاد» تلمح إلى رد قريب على قصف النفق

عسكريون إسرائيليون يتوقعون أن يقود إلى تصعيد كبير

TT

«الجهاد» تلمح إلى رد قريب على قصف النفق

ألمحت حركة الجهاد الإسلامي إلى أنها سترد على قتل إسرائيل عددا من مقاتليها، في قصف نفق تابع لها في قطاع غزة قبل أيام، على الرغم من أنها لم ترد مباشرة على ذلك.
وأصدرت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فيديو بعنوان «الوقت ينفد... وصبرنا لا يطول» في إشارة إلى نيتها الرد. ويظهر في الفيديو «مقاتلون من السرايا» داخل أنفاق وفي مهمات قتالية، وصواريخ تملكها في قطاع غزة مجهزة للإطلاق.
ونشر الفيديو فيما لا تزال أعمال البحث مستمرة للوصول إلى عدد من مقاتلي «الجهاد» حوصروا داخل النفق الذي فجرته إسرائيل يوم الاثنين، وأصبح العثور عليهم أحياء مسألة صعبة.
ورفضت إسرائيل أمس، السماح لفرق من الصليب الأحمر، بالتقدم للبحث عن المفقودين داخل الحدود الإسرائيلية بعدما فشلت فرق الإنقاذ الفلسطينية في إيجادهم داخل حدود غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي، إنه لن يسمح لأحد بالعمل داخل الحدود الإسرائيلية، من دون اتفاق بشأن الجنود الذين تحتجزهم حماس في غزة. وقال ممثل الحكومة الإسرائيلية في الضفة وغزة، رئيس الإدارة المدنية، إن الصليب الأحمر أبلغ بالأمر.
ويعقد قرار إسرائيل مسألة إنقاذ المحاصرين أو انتشالهم.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة، إن «الجهاد» تنتظر نتائج البحث عن المفقودين قبل أن تقرر طبيعة التحرك، وهذا ما أبلغته للجهات التي ضغطت على الحركة من أجل عدم الرد على إسرائيل، بهدف تجنيب القطاع مواجهة جديدة على أبواب المصالحة.
وكانت مصر ضغطت بقوة لمنع مواجهة كادت تندلع بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل، بعد قتل الجيش الإسرائيلي مجموعة من مقاتلي الحركة.
وكان متوقعا أن ترد «الجهاد» على إسرائيل فورا، ما سيعني اندلاع مواجهة جديدة على غرار حرب 2104 التي امتدت 51 يوما، بعدما قتلت إسرائيل 7 من كتائب القسام التابعة لحماس، في قصف نفق تابع للحركة.
وتجنبا لسيناريو مماثل، تواصل مسؤولو المخابرات المصرية مع قيادة الحركة في الخارج وفي الداخل لوقت طويل، وضغطوا وركزوا على أنه لا ينبغي الانجرار وراء حرب تريدها إسرائيل في هذا الوقت.
وقالت المصادر، إن مصر طلبت تفويت الفرصة على إسرائيل التي أرادت تخريب المصالحة، والمضي قدما في تشكيل حكومة وحدة من أجل إنقاذ قطاع غزة بدل إدخاله في دوامة دمار جديدة.
ولم تتوقف الضغوط على مصر فحسب، بل حاولت السلطة من جهتها، وكذلك حركة حماس، نزع فتيل المواجهة.
وبعد نشر فيديو «السرايا» أمس، نشر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، تصريحا قال فيه إن الجيش لا يرغب في التصعيد أبداً، «ولكنّنا نعمل ليلَ نهار للحفاظ على أمن إسرائيل ومواطنيها، ولن نسمح بالمسّ بسيادتها بأي شكلٍ من الأشكال. نحن واعون لكلّ ما يحصل فوق الأرض، وتحتها؛ فلا تسمحوا للإرهاب ببناء أنفاقه تحت بيوتكم».
وفي إسرائيل أعرب مسؤول رفيع في قيادة المنطقة الجنوبية للجيش، أمس، عن قناعته بأن الأزمة التي نشبت حول تدمير النفق لم تنته بعد. وقال إن المخابرات الإسرائيلية تعرف أن «الجهاد الإسلامي» سترد عليها حتما، وأن الرد سيجر إلى تصعيد كبير.
وفي تصريحات صحافية للمراسلين العسكريين الإسرائيليين، حول إمكانية قيام «الجهاد» بالرد على عملية تفجيره، قال المسؤول العسكري الإسرائيلي: «أعتقد أنه سيكون من الصعب عليهم تجاوز ذلك الحادث، ومن الممكن أن يكونوا قد اتخذوا القرار بشأن كيفية الرد». وأضاف، إن «التقييمات في الجيش وبقية الأجهزة الأمنية في إسرائيل، هي أنه إذا جرى الرد على تفجير النفق، فإن هدف الرد سيكون بحجم يقود إلى التصعيد». وحسب أقواله، فإن «رجال حماس الذين يسيطرون على القطاع ليسوا معنيين بالمواجهة الآن. مما نراه الآن، فإن كل التنظيمات في القطاع ملتزمة بالمصالحة، ويحيى السنوار ينجح في السيطرة عليها معا، باستثناء السلفيين الذين يعتبرون حماس عدوا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.