غارات إسرائيلية على مستودع صواريخ بين دمشق وحمص

بالتزامن مع زيارة بوتين إلى طهران... ودمشق تتحدث عن إطلاق مضادات جوية

TT

غارات إسرائيلية على مستودع صواريخ بين دمشق وحمص

جددت الطائرات الحربية الإسرائيلية غاراتها على العمق السوري، مستهدفة مستودعاً للصواريخ في ريف حمص الغربي، لكنّ المعلومات تضاربت، حول ما إذا كان المستودع تابعاً لـ«حزب الله» اللبناني أو للنظام السوري، لكنّ الأخير ادعى أن الطائرات الإسرائيلية قصفت مصنعاً للنحاسيات في بلدة الحيساء الواقعة جنوب غربي مدينة حمص.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصدر في النظام السوري، أن «طائرات إسرائيلية قصفت مساء الأربعاء أهدافاً في ريف محافظة حمص». وقال إن «طائرات إسرائيلية قصفت مصنعا للنحاس في بلدة الحيساء الصناعية جنوب غربي مدينة حمص، ما تسبب بأضرار جسيمة وإصابة ما لا يقل عن خمسة أشخاص، وردّت الدفاعات الجوية السورية، بإطلاق صواريخ أرض - جو على الطائرات المهاجمة من قواعدها في المنطقة».
وقال قائد في تحالف عسكري يساند دمشق لوكالة «رويترز»، إن الضربة الجوية «استهدفت مصنعا جنوب مدينة حمص وإن الجيش السوري رد بإطلاق صاروخ أرض - جو على الطائرات». ولفت إلى أن الغارات «أصابت مصنعا للنحاس في مدينة الحسياء الصناعية، التي تقع على بعد 35 كيلومترا جنوبي حمص».
أما «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فأعلن أن «الضربة الجوية الإسرائيلية استهدفت منشأة عسكرية يقال إنها مستودع للصواريخ». وقال: «من غير المؤكد ما إذا كان ذلك المستودع يتبع لـ(حزب الله) اللبناني أم الجيش السوري». في حين أوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المؤكدة حتى الآن، تفيد بأن الغارة دمرت مخزناً للصواريخ، لكن لم نتثبّت ما إذا كان المخزن المستهدف يتبع لـ(حزب الله) أو للنظام السوري»، معتبراً أن «قول النظام بأن الغارة أصابت مصنعاً للنحاسيات، هو من قبيل التخفيف عن الضرر العسكري والمعنوي الناتج عن الغارات الإسرائيلية المتكررة على الداخل السوري».
وتأتي هذه الغارة بعد أسبوعين على غارة مماثلة نفذتها طائرات إسرائيلية في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث قصفت موقعا لقوات النظام السوري شرقي العاصمة دمشق.
إسرائيل من جهتها امتنعت عن التعليق على غاراتها الجديدة في سوريا، لكنّ وزير استخباراتها إسرائيل كاتس، هدد مجدداً بـ«ضرب كلّ شحنات الأسلحة المتوجهة إلى حزب الله». وقال لراديو الجيش: «لا أستطيع الحديث عن التقارير عن هجوم قوات الدفاع الإسرائيلية في سوريا، لكن بغض النظر عن ذلك فموقف إسرائيل واضح: تهريب السلاح إلى (حزب الله) خط أحمر في نظرنا». وأضاف: «إسرائيل تحركت في الماضي وستتحرك في المستقبل لمنع تهريب السلاح إلى (حزب الله) وفقا لمعلومات المخابرات التي لدينا».
من جهته، قال وزير المواصلات والشؤون الاستخبارية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس الخميس، إنه يرفض التعقيب على التقارير التي تحدثت عن هجوم إسرائيلي، يوم أمس، على منطقة صناعية في مدينة حمص السورية، ولكنه يؤكد أن «إسرائيل عملت في الماضي، وستعمل في المستقبل على منع تهريب الأسلحة من سوريا إلى حزب الله»، مضيفا أن «الخطوط الحمراء ضد تسلح حزب الله وترسيخ التواجد الإيراني في سوريا معروفة».
وقد سئل في هذا الموضوع، أمس، الجنرال في الاحتياط، عاموس يدلين، رئيس معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب حول الموضوع، علما بأنه كان قائدا لسرب الطائرات الإسرائيلية التي كانت قد شاركت في تدمير مفاعل نووي في طور الإشادة في العراق في سنة 1981. فقال: «علينا التأكيد أن إسرائيل لم تتحمل مسؤولية عن هذا القصف في حمص. ومصدر كل المعلومات هو من الإعلام العربي والأجنبي. ولكن من الواضح أن إسرائيل وضعت خطوطا حمراء وتعمل في ضوئها. فهي لن تسمح بتعزيز قوة حزب الله في الجولان ولن تسمح بنقل أسلحة نوعية من سوريا وإيران إلى لبنان، خصوصا الصواريخ الدقيقة. وقد أضافت إسرائيل خطا أحمر جديدا في سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما قصفت مصنع الصواريخ قرب دمشق وأعلنت أنها لن تسمح بوجود قوات حربية إيرانية ذات قدرات نوعية في سوريا». وسئل: هل ترى هذا القصف الآن، خلال زيارة الرئيس الروسي إلى إيران؟ فأجاب: «إيران وروسيا هما لاعبان أساسيان في سوريا. لكن إن كنتم تبحثون عن رسائل فهناك حدث آخر مناسب لذلك. فالقصف تم بعد يوم واحد من التقاء حسن نصر الله مع صالح العاروري، الرجل الثاني في حماس. ولدى إسرائيل ليس جبهة واحدة في الشمال بل جبهة لا تقل أهمية في الجنوب».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم