العراق: غموض يكتنف إقصاء أحزاب «الأجنحة العسكرية»

الجبوري يحذّر من تأثير «أطراف مسلحة» على الانتخابات

قوات عراقية توقفت على الطريق إلى القائم بعد انفجار سيارة مفخخة لمنعها من استعادة المنطقة من «داعش» (أ.ف.ب)
قوات عراقية توقفت على الطريق إلى القائم بعد انفجار سيارة مفخخة لمنعها من استعادة المنطقة من «داعش» (أ.ف.ب)
TT

العراق: غموض يكتنف إقصاء أحزاب «الأجنحة العسكرية»

قوات عراقية توقفت على الطريق إلى القائم بعد انفجار سيارة مفخخة لمنعها من استعادة المنطقة من «داعش» (أ.ف.ب)
قوات عراقية توقفت على الطريق إلى القائم بعد انفجار سيارة مفخخة لمنعها من استعادة المنطقة من «داعش» (أ.ف.ب)

أثار قرار مجلس الوزراء العراقي بعدم السماح للكيانات السياسية التي لديها أجنحة عسكرية بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة في مايو (أيار) المقبل، تساؤلات عن القوى المشمولة بالحظر، خصوصاً في ظل انخراط أحزاب كثيرة بأذرعها المسلحة في «الحشد الشعبي».
وحذّر رئيس مجلس النواب سليم الجبوري من وجود «أطراف تستخدم السلاح للتأثير على إرادة المواطنين» في الانتخابات المقبلة، داعياً إلى تطبيق «قانون الحشد الشعبي» للتمييز بين الممارستين السياسية والعسكرية.
وشدد الجبوري خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر البرلمان، أمس، على «توفير كل المستلزمات الضرورية لإجراء الانتخابات المقبلة». وأكد ضرورة استبعاد «الأذرع المسلحة» من الاقتراع «حتى لا تفرض وجودها السياسي بقوة السلاح». ورغم قرار مجلس الوزراء بحظر الجهات السياسية التي لديها أجنحة عسكرية وتحذيرات رئيس مجلس النواب، فإن الغموض ما زال يحيط بمفهوم «الأجنحة العسكرية» للأحزاب السياسية، وما زال عدم الفهم يسيطر على كثيرين بشأن الجهات المقصودة في المنع الذي أشار إليه رئيسا الوزراء والبرلمان، خصوصاً مع امتلاك غالبية القوى السياسية؛ ومنها حزب «الدعوة» الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، أجنحة عسكرية تنتمي إلى «الحشد الشعبي» وتقاتل تحت مظلته.
ويرى النائب المستقل رحيم الدراجي أن «السؤال يجب أن يوجه إلى مجلس الوزراء ورئيسه حيدر العبادي، ويقال لهم: من تقصدون بالأحزاب السياسية التي لديها أجنحة عسكرية؟». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «من المستحيل تطبيق هذا النوع من القرارات».
ولفت إلى أن «قرار الحظر موجود في قانوني الحشد والأحزاب، وعلى رئيس الوزراء تسمية الأشياء بأسمائها، وأن يكشف للجميع ما الجهات السياسية التي لديها أجنحة عسكرية حتى يتكلم عن عدم السماح لها بالمشاركة في الانتخابات».
وتنص الفقرة الخامسة من قانون «الحشد الشعبي» على «فك ارتباط منتسبي (هيئة الحشد الشعبي) الذين ينضمون إلى هذا التشكيل عن الأطر السياسية والحزبية والاجتماعية كافة، ولا يسمح بالعمل السياسي في صفوفه».
وتشترط المادة الثالثة من قانون الأحزاب «ألا يكون تأسيس الحزب أو التنظيم السياسي وعمله متخذاً شكل التنظيمات العسكرية أو شبه العسكرية، كما لا يجوز الارتباط بقوة مسلحة». ويتفق المتحدث باسم «عصائب أهل الحق» نعيم العبودي مع قرار مجلس الوزراء، ويرى أنه «جاء منسجماً مع قانون الأحزاب الذي يحظر مشاركة أي حزب لديه جناح مسلح في الانتخابات». وعن الجناح العسكري لحركته، يقول العبودي: «كانت للأحزاب التي أسست (الحشد) مجموعة من المقاتلين المقاومين للاحتلال الأميركي، ثم تحولت لاحقاً إلى الفعل السياسي وشاركت في البرلمان، وبعد تشريع (قانون الحشد الشعبي) انضوى مقاتلوها تحت مظلته، وهم اليوم يأتمرون بأمر الحكومة». وأشار إلى «عدم وجود أجنحة مسلحة حالياً لحركة (العصائب) وغيرها، إنما هي حركات سياسية مسجلة في مفوضية الانتخابات ودائرة الأحزاب رسمياً».
وأشاد النائب عن «كتلة التغيير» الكردية هوشيار عبد الله، أمس، بقرار رئيس الوزراء، عادّاً في بيان أنه «يهدف إلى التقليل من ظاهرة عسكرة المجتمع». وأضاف أن القرار «يهدف إلى بناء دولة مدنية يتساوى فيها الجميع أمام القانون وفق معيار المواطنة».
ولفت إلى «ضرورة الحفاظ على الهوية المدنية للدولة العراقية، والتقليل من ظاهرة العسكرتاريا التي سادت في المجتمع العراقي طيلة عقود من الزمن، وما زالت اليوم منتشرة بكثرة»، مشيراً إلى أن «ساسة كثيرين تفاجأوا بالقرار لأنهم يعدون العدة لحملات انتخابية يستخدمون فيها صورهم بالزي العسكري، في محاولة لاستمالة قلوب الجماهير والتظاهر بأنهم جازفوا بحياتهم ووجدوا على الخطوط الأمامية في الحرب ضد (داعش)».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.