الاحتفالات تعم أرجاء مصر ابتهاجا بفوز السيسي

بالطبل البلدي والرقص على أنغام «تسلم الأيادي» و«بشرة خير»

شابتان مصريتان تحتفيان بالإعلان المبدئي عن فوز المشير عبد الفتاح السيسي بالرئاسة  (أ.ب)
شابتان مصريتان تحتفيان بالإعلان المبدئي عن فوز المشير عبد الفتاح السيسي بالرئاسة (أ.ب)
TT

الاحتفالات تعم أرجاء مصر ابتهاجا بفوز السيسي

شابتان مصريتان تحتفيان بالإعلان المبدئي عن فوز المشير عبد الفتاح السيسي بالرئاسة  (أ.ب)
شابتان مصريتان تحتفيان بالإعلان المبدئي عن فوز المشير عبد الفتاح السيسي بالرئاسة (أ.ب)

رقصت مصر وغنت حتى الساعات الأولى من صباح أمس احتفالا بانتهاء العرس الرئاسي وإنجاز الاستحقاق الثاني من «خارطة المستقبل». فبمجرد أن طيرت وسائل الإعلام المؤشرات الأولى لنتيجة الاقتراع، والإعلان عن فوز كاسح لقائد الجيش السابق للمشير عبد الفتاح السيسي على منافسه زعيم «التيار الشعبي» حمدين صباحي، حتى تحولت الشوارع والميادين في القاهرة والمحافظات إلى كرنفال فني ومسرح مفتوح للرقص والغناء على أنغام الأغاني الوطنية.
واستعد الباعة الجائلون في محيط ميدان التحرير (أيقونة الثورة) بالعاصمة لبيع الأعلام والقمصان المطبوع عليها صورة السيسي، بينما يشهد الميدان منذ صباح أمس توافدا لحشود من مؤيدي السيسي للاحتفال بفوزه. ويقول طارق، أحد الباعة الجائلين بالميدان، وهو شاب في العشرينات: «اليوم عيد ولازم كلنا نفرح.. السيسي رئيس، والشعب انتخبه من يوم ما خلصنا من كابوس (الإخوان)».
يتابع طارق بابتسامة لافتة بعد أن باع عددا من الـ«تي شيرتات» وصور السيسي لمجموعة من الفتيات: «أنا هنا في الميدان من يوم 25 يناير (كانون الثاني 2011). عندي كشك صغير في ميدان العتبة لبيع الملابس والإكسسوارات الحريمي، لكن عندما تكون هناك أنشطة في الميدان أسارع لأحجز مكاني.. أحب العيش وسط الناس؛ أفرح وأتألم معهم.. وكما يقول المثل الشعبي: الرزق يحب الخفية (خفة الحركة كناية عن النشاط)». وتحول السيسي إلى بطل شعبي في الثالث من يوليو (تموز) من العام الماضي، عقب عزل الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي بعد ثورة شعبية. وأعلن السيسي يومها، بالتوافق مع قوى مدنية وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الكنيسة تواضروس الثاني، خارطة مستقبل للبلاد، جرى بموجبها تنصيب رئيس المحكمة الدستورية، المستشار عدلي منصور، رئيسا مؤقتا للبلاد خلال الفترة الانتقالية، التي تتضمن إعادة صياغة الدستور، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وتشكيل حكومة جديدة.
وعلى أنغام عدد من اﻷغاني، منها «تسلم الأيادي» و«بشرة خير»، والزغاريد، رقصت عشرات الفتيات والسيدات والأطفال وهن يرفعن علم مصر وصور السيسي، ويرددن هتافات حماسية منها: «شرطة وشعب وجيش إيد واحدة»، و«يا أبو دبورة ونسر وكاب (كناية عن رجال الجيش) إحنا معاك ضد الإرهاب».
وعمت الأفراح أمس شارع جامعة الدولة العربية الشهير بضاحية المهندسين في محافظة الجيزة، وتجمع المئات بساحة ميدان جامع مصطفى محمود بالمهندسين، حيث تبارى المواطنون في التعبير عن مظاهر الفرح، ما بين مسيرات للسيارات تصدح بالموسيقى والنقر بآلات التنبيه في نغمة متتالية دلالة على الفرح، وسيارات نصف نقل مكشوفة عليها ملصقات مؤيدة للسيسسي، وكذلك الرقص الجماعي الذي شارك فيه الكبار والصغار من الشباب والفتيات والنساء والأطفال.. بينما انطلقت في سماء الميدان الألعاب النارية، على إيقاع أغنية «بشرة خير» للمطرب الإماراتي حسين الجسمي. يقول الأسطى أحمد، أحد المشاركين في الاحتفال: «أنا متفائل بالسيسي، ومطمئن أن مصر أصبحت في أيد أمينة.. الرجل مخلص ووطني، فاهم مشاكل البلد، وفاهم مزاج الشعب المصري، وإن شاء الله سينتصر للفقراء والبسطاء.. وكما يقول: مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا إن شاء الله».
يتابع الأسطى أحمد بحماس: «كلنا سنكون مع الرجل، لن نبخل بجد، ولا حبة عرق، من أجل بناء مصر، حتى لو جعنا سنتحمل من أجل أن تنهض، وتستعيد عافيتها وقوتها». تلتقط الخيط مديحة، وهي شابة في العشرينات، وتقول: «أنا طالبة في الثانوية العامة، شاركت في المظاهرات ضد (الإخوان)، وأخي الكبير أصيب في مظاهرات شارع محمد محمود (محيط وزارة الداخلية بوسط القاهرة)، لكن الحمد لله ربنا ستر». وتضيف مديحة، وهي تهز خصرها على نشوة الأغنية ذات الإيقاع الراقص: «السيسي بيقدر الست المصرية.. عارف همومها ومشاكلها في البيت والشارع والعمل.. علشان كده نزلت وشاركت في الانتخابات.. إحنا لازم نفرح بفوز السيسي اليوم وبكره، وهنكمل معاه المشوار».
وفي صعيد مصر، رقص المواطنون على أنغام الآلات الشعبية مثل الطبل والمزمار البلدي في الشوارع والميادين، وفي النجوع والقرى.. واستمرت أجواء الفرح نفسه بصور وطقوس متنوعة في الإسكندرية والمنصورة ودمياط والإسماعيلية وبورسعيد والسويس، ومعظم الأقاليم، وكأنه ماراثون شعبي يتسابق فيه الجميع للتعبير عن ابتهاجهم بفوز بطلهم القومي، كما يقولون.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم