«عين الحلوة» يتنفس الصعداء بعد خروج المولوي ويترقب مصير بقية المطلوبين

مسؤول الأمن الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»: نعمل على نار هادئة في المخيم

TT
20

«عين الحلوة» يتنفس الصعداء بعد خروج المولوي ويترقب مصير بقية المطلوبين

يشبّه مصدر في حركة «فتح» خروج شادي المولوي، وهو أحد أبرز المطلوبين اللبنانيين المتوارين منذ العام 2014 من مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين، الواقع في مدينة صيدا جنوب لبنان، بعملية تفكيك «قنبلة موقوتة» كانت قابلة للانفجار في أي لحظة. إذ إن القرار اللبناني – الفلسطيني الحازم بالتوصل لحل نهائي لأزمة المطلوبين الموجودين داخل المخيم المكتظ سكانيا، وجد طريقه للتطبيق مؤخرا، وإن كان عبر صفقات أو تسويات معينة تنتهي في معظم الأحيان إلى هرب هؤلاء المطلوبين باتجاه تركيا وسوريا.
ووضعت قيادة الفصائل الفلسطينية عشرات ممن هم على لوائح الأجهزة الأمنية اللبنانية أمام 3 خيارات: الخروج من المخيم كما دخلوا إليه، أو تسليم أنفسهم أو الخيار الأصعب، الذي يقوم على اعتقالهم بالقوة. ويشدد قائد «الأمن الوطني الفلسطيني» في لبنان اللواء صبحي أبو عرب، على وجوب «تجاوب كل المطلوبين مع الوضع الراهن ومع الشروط الجديدة؛ لأننا لن نسمح في المستقبل القريب بأن يكون المخيم ملاذا آمنا لأي مطلوب يهدد أمن واستقرار السكان»، لافتا إلى أنه «يتم العمل على ملف المطلوبين على نار هادئة، ونحن لسنا مستعجلين طالما نلمس تجاوبا بدا جليا في عملية خروج المولوي ومعه 5 أشخاص آخرون، إضافة إلى تسليم شخص نفسه قبل يومين إلى لجنة المطلوبين، وقد قمنا بدورنا بتسليمه إلى مخابرات الجيش اللبناني». ويضيف أبو عرب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المخيم حاليا في أفضل أحواله، ونأمل ألا نحتاج إلى تدخل غرفة العمليات المشتركة لحل هذا الملف».
وتتعاطى القيادات الفلسطينية مع الحل الأمني أو العسكري، كآخر الخيارات المطروحة والمتاحة، وإن كانت لا تستبعد أن يكون «آخر الدواء الكي» مع بعض المجموعات، وأبرزها «مجموعة بلال بدر». وفي هذا السياق، تشير مصادر «فتح» إلى أن القوى الإسلامية تتولى حاليا إقناع المطلوبين تسليم أنفسهم لتسوية أوضاعهم أو الخروج من المخيم: «لكننا أبلغنا المعنيين بأننا لن ننتظر طويلا ولن نتردد باللجوء إلى الحل الأمني عن طريق عمليات أمنية خاطفة تشبه العملية التي أدّت إلى توقيف خالد السيد، وهو أحد أبرز المطلوبين في يوليو (تموز) الماضي».
وتتحدث المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن «ارتياح شعبي وفصائلي عارم يسود (عين الحلوة) بعد خروج المولوي، وترقب لمصير باقي المطلوبين»، لافتة إلى «اللجنة التي تم تعيينها لحل أزمة المطلوبين بدأت عملها فعليا مطلع الأسبوع من خلال إنشاء 4 مراكز مهمتها التواصل مع المطلوبين وإجراء مسح لعددهم وتحديد القضايا المطلوبين فيها وتقسيمهم على أساسها ما بين مطلوبين بقضايا بسيطة، ومطلوبين بقضايا قتل وجرائم، ومطلوبين بقضايا سياسية وأمنية كبرى».
وتشير المصادر إلى أن المدعو علي أيوب تقدم من أحد هذه المراكز في اليومين الماضيين وسلّم نفسه، وقد قامت الفصائل بتسليمه بدورها إلى السلطات اللبنانية.
وكان سبق المولوي إلى الفرار من المخيم: «أبو خطاب» الذي اتهمه الجيش اللبناني بتزعم خلية كانت تخطط لتنفيذ عمليات «إرهابية» في الداخل اللبناني، إضافة إلى مطلوبين آخرين بارزين خرج معظمهم من المخيم المكتظ سكانيا الشهر الماضي. ويعتمد هؤلاء على التنكر وتغيير مظهرهم الخارجي للتمكن من المرور على حواجز الجيش الثابتة عند مداخل المخيم. ورغم تأكيد «أبو خطاب» أنه في طريقه إلى سوريا في فيديو صوّره في مدينة جونية اللبنانية، لا يوجد هناك أي إثباتات أو ضمانات لخروج هؤلاء المطلوبين من الأراضي اللبنانية.
وكانت مصادر في «عين الحلوة» رجّحت بوقت سابق لـ«الشرق الأوسط» وجود نحو 200 مطلوب في المخيم بينهم 35 خطيرون، إلا أن 127 شخصا فقط سجلوا أسماءهم قبل أكثر من شهرين لدى القيادات الفلسطينية معظمهم مقرب من «جبهة النصرة»، طلبا لتأمين ممر آمن لهم للخروج باتجاه الأراضي السورية على غرار ما حصل مع عناصر «النصرة» الذين كانوا قد تركوا جرود عرسال واتجهوا إلى الشمال السوري مع انطلاق معرك الجرود الشرقية. إلا أن السلطات اللبنانية رفضت بحينها دمج الملفين، وبخاصة أن قيادة «النصرة» طالبت وقتها بخروج مطلوبين لبنانيين متورطين بقتال الجيش اللبناني تصر الدولة اللبنانية على محاكمتهم وترفض خروجهم، وأبرزهم المولوي.
وشهد المخيم أمس اشتباكا محدودا بين عناصر محسوبة على الجماعات المتشددة وحركة «فتح». وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «عنصرين من هذه الجماعات أطلقا النار على تجمع لشبان من (فتح)؛ ما استدعى الرد عليهما، وقد أدّى ذلك إلى اشتباك بسيط». وأكدت المصادر، أن الأوضاع عادت إلى طبيعتها بعد الظهر.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT
20

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.