زعيم المعارضة في كينيا يتهم كينياتا بـ {اغتصاب} السلطة

خفف من لهجة المجابهة... واللجوء للقضاء أحد الخيارات

زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا (أ.ب)
زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا (أ.ب)
TT

زعيم المعارضة في كينيا يتهم كينياتا بـ {اغتصاب} السلطة

زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا (أ.ب)
زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا (أ.ب)

اتهم زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا أمس الثلاثاء خصمه السياسي رئيس كينيا الحالي أوهورو كينياتا بـ«اغتصاب» السلطة، بعد أن حصل الأخير على 98 في المائة من أصوات الناخبين في انتخابات الرئاسة التي قاطعتها المعارضة وكانت نسبة المشاركة فيها متدنية وقدرت بـ38 في المائة. لكن قال أودينغا إنه يجب «عدم الاعتداد» بعملية إعادة الانتخابات «المخزية». وفي تصريحات أكثر اعتدالا من المعتاد، هي الأولى منذ إعلان نتائج الانتخابات، قال الزعيم الشعبي الشهير إن المعارضة ستواصل العمل كـ«حركة مقاومة» وإنها «ستحمي حقنا في المعارضة من خلال ممارستها» من خلال الاحتجاج والمقاطعة الاقتصادية.
وكانت تنتظر كينيا الثلاثاء تصريحات أودينغا التي يفترض أن يفصل فيها استراتيجيته للاحتجاج على الفوز الكاسح للرئيس المنتهية ولايته. ويأمل الكثير من الكينيين أن ينهي إعلان اللجنة الانتخابية الاثنين فوز كينياتا، 56 عاما أزمة مستمرة منذ نحو ثلاثة أشهر وقسمت بشكل عميق البلد.
وفي خطابه بعد إعلان النتائج، أعرب الرئيس كينياتا عن آلامه، للإشارة إلى أن أودينغا اختار الامتناع عن المشاركة في الانتخابات وأن كل شيء قد تم تنفيذه في حدود القانون والدستور. والتزم أودينغا الصمت أمس الثلاثاء حول ما إذا كان حزبه سيقدم شكوى إلى المحكمة العليا، حيث تكهن الكثيرون أنه سيفعل ذلك. وأجريت جولة إعادة الانتخابات بعد إبطال نتائج انتخابات أغسطس (آب) بسبب مخالفات. وحصل كينياتا في تلك الانتخابات على 54 في المائة من الأصوات يليه أودينغا بحصوله على 7.‏44 في المائة.
وتطرح نسبة المشاركة المخيبة للآمال بالنسبة لكينياتا تساؤلات عن شرعية الرئيس، ولا يبدو أنه من الوارد بالنسبة للمعارضة أن تسلم بالهزيمة. وأقر كينياتا نفسه الاثنين بأن فوزه «سيخضع على الأرجح إلى اختبار دستور عبر المحاكم».
لكن زعيم المعارضة أودينغا (72 عاما) قد يفتح عدة جبهات. فقد أعلن الأسبوع الماضي شن حملة «عصيان مدني» للدفع باتجاه تنظيم انتخابات جديدة في غضون 90 يوما، وهو الأمر الذي ترفضه السلطة.
ووقعت أعمال عنف بعد إجراء جولة الإعادة يوم الخميس الماضي واشتبكت الشرطة مع متظاهرين من المعارضة، الذين قتل الكثير منهم بالرصاص. ولم يتمكن الناخبون من الإدلاء بأصواتهم في بعض المناطق يوم الانتخابات فيما أغلق متظاهرون مراكز اقتراع. ويواجه الكثير من الكينيين بالفعل إرهاقا انتخابيا، وذلك بعد شهور من الأزمة، ويريدون من الطرفين المتنازعين التفاوض في هذا الصدد.
وقال الناخب جون أوسيمبو في مدينة مومباسا الساحلية متحدثا عن أودينغا: «لقد انسحب من السباق، وعليه فإنه في هذه المرحلة لا أعتقد أنه من الحكمة منه أن يهاجم عملية لم يكن جزءا منها». وقال كالفين أوغوتو، الذي عمل كمراقب خلال الانتخابات لوكالة الأنباء الألمانية، إنه يتعين على الحزبين الدخول في حوار لمنع المزيد من العنف. وأضاف: «لقد تسببت في وقوع الكثير من الانقسامات بين الكينيين، وقد يحدث المزيد إذا لم يشارك الطرفان في الحوار».
وأوهورو كينياتا هو نجل مؤسس كينيا جومو كينياتا وزعيم إتنية كيكويو التي تشكل الأغلبية في البلاد. وأمامه تحد ضخم يتمثل في إعادة رص صفوف شعب منقسم على أسس دينية وإتنية، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية. لكنه بدا حتى الآن مثل زعيم المعارضة أودينغا، متصلبا في موقفه، ما يؤذن بمستقبل غير واضح. ولم يستبعد الرئيس المنتخب الاثنين مد يده للمعارضة لكن ليس قبل أن «تستنفذ» كافة إمكانات الطعن القضائية المقررة في الدستور.
وفي خطاب النصر، قال كينياتا مجددا إنه يعتقد أن انتصاره في الانتخابات الأصلية يوم الثامن من أغسطس مشروع، موضحا أن الحوار سيتأجل إذا اتجهت المعارضة لرفع دعاوى أمام المحاكم مرة أخرى.
ووقعت أعمال عنف شهد معظمها اشتباكات بين الشرطة ومحتجين لكن بعض الكينيين يخشون من أنها بدأت تأخذ منحى عرقيا بعد وفاة شخصين في اشتباكات بين جماعات متنافسة مطلع الأسبوع. ولقي 66 شخصا حتفهم في كل أعمال العنف المرتبطة بالانتخابات.



«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
TT

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)
مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

اندلعت معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين، الواقعة في أقصى شمال شرقي البلاد، الخميس، والتي تمثل آخر معاقل المتمردين وأهم مركز للتبادل التجاري على الحدود مع الجزائر.

أعلن متمردو الطوارق في مالي أنهم هزموا القوات الحكومية في قتال عنيف للسيطرة على مدينة كيدال الشمالية الرئيسية (أ.ف.ب)

ولا تزال الأنباء القادمة من منطقة المعارك متضاربة جداً، في حين يؤكد كل طرف تفوقه في الميدان، وانتشار مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي لمعارك عنيفة، دون ما يؤكد صحة نسبتها إلى المواجهات الدائرة منذ أمس على الحدود بين مالي والجزائر.

رواية الطوارق

قالت مصادر قريبة من المتمردين الطوارق إن الجيش المالي ومقاتلي «فاغنر» حاولوا السيطرة على مدينة تينزاواتين، ولكن تم التصدي لهم وإرغامهم على الانسحاب بعد أن تكبّدوا خسائر «فادحة».

وقال مصدر محلي: «وقعت المواجهة عند منطقة آشابريش، غير بعيد من تينزاواتين، وانسحب خلالها الجنود الماليون ومقاتلو (فاغنر)، وتركوا خلفهم ثلاث مركبات عسكرية محترقة، ومركبة أخرى سليمة استحوذ عليها الجيش الأزوادي».

وأضاف المصدر نفسه أن المقاتلين الطوارق «شرعوا في عملية واسعة لتمشيط المنطقة، من أجل الوقوف على عدد القتلى في صفوف الجيش المالي ومرتزقة (فاغنر)، كما تأكد أسر جندي مالي أثناء المعركة، وقُتل جندي واحد من صفوف الطوارق وأُصيب آخر»، على حد تعبير المصدر.

دورية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في كيدال (مالي) 23 يوليو 2015 (رويترز)

في غضون ذلك، قال محمد مولود رمضان، المتحدث باسم تنسيقية الحركات الأزوادية، وهي تحالف لجماعات متمردة يهيمن عليها الطوارق، إن «(فاغنر) تخطط بمعية الجيش المالي للاستيلاء على تينزاواتين، آخر ملاذ للمدنيين الذين فرّوا من انتهاكاتهم».

وأضاف في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وحدات من جيش أزواد منتشرة في المنطقة تشتبك حالياً مع العدو لصدّ تقدمه»، قبل أن يؤكد: «نواجه تقدماً ونحمي السكان المدنيين النازحين، وكبّدنا مرتزقة (فاغنر) ومعاوني الجيش المالي خسائر كبيرة».

رواية أخرى

لكن الرواية الصادرة عن المتمردين الطوارق، تختلف تماماً عن رواية الجيش المالي، الذي أصدر فجر الجمعة بياناً قال فيه إن وحدة عسكرية تابعة له في منطقة تينزاواتين تعرّضت أمس لما قال إنه «هجوم إرهابي» من طرف المتمردين الطوارق الذين وصفهم بـ«الإرهابيين».

وأضاف الجيش المالي في بيان صادر عن قيادة أركانه أنه تصدى للهجوم وأطلق عملية عسكرية واسعة لملاحقة المتمردين، مشيراً إلى أن «ردة فعل الجيش القوية لا تزال مستمرة، وقد كبّدت المجموعات الإرهابية خسائر ثقيلة»، وفق نص البيان. وتعهد الجيش نشر حصيلة العملية العسكرية في وقت لاحق.

صور من المعارك متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

المعركة الأخيرة

تعدّ مدينة تينزاواتين آخر معقلٍ يتمركز فيه المسلحون الطوارق الساعون إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي، لتحمل اسم «أزواد»، وهم الذين سيطروا على شمال مالي عام 2012، ولكنهم فقدوا السيطرة عليه منذ أن أطلق الجيش المالي عام 2022، عملية عسكرية واسعة النطاق من أجل ما سماه «توحيد الأرض».

وتأتي هذه العملية العسكرية بأمر من المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب 2020، قرّر بعده التخلي عن التحالف مع فرنسا، والتوجه نحو روسيا للحصول على أسلحة جديدة، ودعم في الميدان من مئات المقاتلين التابعين لمجموعة «فاغنر» الخاصة.

وسيطر الجيش المالي مطلع العام على مدينة كيدال، عاصمة شمال مالي والمدينة الأهم بالنسبة للطوارق، وأعلن الاثنين الماضي أنه سيطر على منطقة «إن - أفراك» الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كلم شمال غرب تيساليت في منطقة كيدال.

حركة مسلحة من الطوارق في شمال مالي (أ.ف.ب)

وأطلق الجيش يوم الأربعاء عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تينزاواتين القريبة جداً من الحدود مع الجزائر، فيما يمكن القول إنها آخر المعارك بين الطرفين، حين يحسمها الجيش المالي سيكون قد سيطر على كامل أراضيه.

ومنذ بداية العملية العسكرية الأخيرة فرّ المدنيون نحو الجانب الآخر من الحدود، ودخلوا أراضي الجزائر خوفاً من المعارك، وقال أحد سكان المنطقة: «منذ أول أمس، انتشرت شائعات عن هجمات. لقد لجأنا إلى الجزائر. اليوم سمعنا إطلاق نار. إنها اشتباكات بين الجيش المالي والروس ضد تنسيقية الحركات الأزوادية».