100 عام على وعد بلفور والنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني على حاله

صورة أرشيفية تظهر آرثر بلفور رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وحاييم وايزمان في تل أبيب سنة 1925 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تظهر آرثر بلفور رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وحاييم وايزمان في تل أبيب سنة 1925 (أ.ف.ب)
TT

100 عام على وعد بلفور والنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني على حاله

صورة أرشيفية تظهر آرثر بلفور رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وحاييم وايزمان في تل أبيب سنة 1925 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تظهر آرثر بلفور رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وحاييم وايزمان في تل أبيب سنة 1925 (أ.ف.ب)

بعد مائة عام على وعد بلفور الذي جرى في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) 1917، ما زال الجرح الفلسطيني ينزف ولم يلتئم بعد، فيما الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جرائم القتل والاعتقال والتدمير بحق الشعب الفلسطيني.
هذا الوعد التاريخي الذي منح أرض فلسطين لليهود، ومن ثم مهد الطريق أمامهم لاحتلالها، هو من مآسي التاريخ الكبرى، حيث مكن الاحتلال البريطاني إسرائيل من الاستيلاء على فلسطين، وإقامة المستوطنات عليها، وإقامة الجمعيات اليهودية، كما جعل الاحتلال البريطاني الأبواب مفتوحة أمام الهجرات اليهودية إلى أرض فلسطين. في المقابل، شدد الاحتلال البريطاني من قبضته على الفلسطينيين، وقتل الآلاف من الفلسطينيين.
بدأ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في نهاية القرن التاسع عشر مع بدء هجرة اليهود إلى فلسطين، هرباً من معاداة السامية في روسيا ووسط أوروبا، حسب الادعاء والرؤية الخاصتين بهم.
وفي الثاني من نوفمبر 1917، قال وزير الخارجية البريطاني في حينه آرثر بلفور، إن حكومته «تؤيد إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين». وفي عام 1918، احتل الجيش الإنجليزي البلاد، ووضعها تحت الإدارة العسكرية.
وفي فبراير (شباط) 1919، رفض أول مؤتمر فلسطيني في القدس إقامة «وطن قومي لليهود»، ثم أصبحت فلسطين رسمياً في عام 1922 تحت الانتداب البريطاني الذي واجه ثورة فلسطين الكبرى في السنوات ما بين 1936 و1939.
وأقرت الأمم المتحدة، في 29 نوفمبر 1947، خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين: يهودية وعربية، ووضع القدس تحت السيطرة الدولية؛ تلك الخطة التي وافق زعماء الحركة الصهيونية عليها، بينما رفضها القادة العرب، ما أدى إلى نشوب الحرب بين العرب واليهود.
وأعلن ديفيد بن غوريون (أول رئيس وزراء لاسرائيل)، في 14 مايو (أيار) 1948، قيام دولة إسرائيل مباشرة بعد نهاية الانتداب البريطاني في فلسطين.
وحتى وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في السابع من يناير (كانون الثاني) 1949، تهجر نحو 760 ألف فلسطيني، مع مطاردة القوات اليهودية لهم أو طردهم من قراهم، وتم تدمير 400 قرية.
وكانت الضفة الغربية، بما يشمل القدس الشرقية، تخضع لسيطرة الأردن، بينما كان قطاع غزة يخضع لسيطرة مصر.
وفي الخامس من يونيو (حزيران) 1967، بدأت إسرائيل حرباً ضد مصر وسوريا والأردن استغرقت 6 أيام، وتمكنت خلالها من احتلال القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء التي أعادتها إلى مصر عام 1982.
وبدأ الاستيطان بعد وقت قليل من نهاية الحرب في الأراضي المحتلة، ولم يتوقف حتى الآن.
وبدأت مصر وسوريا في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1973، في الساعة الثانية ظهراً في يوم الغفران اليهودي، هجوماً على الجيش الإسرائيلي المنتشر على طول قناة السويس وعلى خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان. وبعد مفاجأة أولية وخسائر كبيرة، تمكن الجيش الإسرائيلي من تفادي الهزيمة.
ووقعت مصر وإسرائيل اتفاقية سلام في عام 1979، وهي أول معاهدة سلام بين (الدولة العبرية) ودولة عربية.
وقامت إسرائيل بإطلاق «عملية الليطاني»، بجنوب لبنان، في 14 مارس (آذار) عام 1978، من أجل حماية شمال الأراضي التي احتلتها من منظمة التحرير الفلسطينية، بحسب ما أعلنت. ونفذت إسرائيل انسحاباً جزئياً في يونيو من العام نفسه، وتركت مكانها ميليشيات مسيحية.
وفي السادس من يونيو 1982، قامت القوات الإسرائيلية بغزو لبنان ومحاصرة بيروت، وتوجب على منظمة التحرير الفلسطينية مغادرة بيروت. وارتكبت مجازر في مخيمات صبرا وشاتيلا الفلسطينية ببيروت على أيدي ميليشيات (جيش لبنان الجنوبي التي كانت تتعامل مع اسرائيل آنذاك)، وأقرت لجنة تحقيق إسرائيلية بعدها بـ«المسؤولية غير المباشرة» للجيش الإسرائيلي عن المجازر.
ووقعت اتفاقات أوسلو بواشنطن، في سبتمبر عام 1993، حول الحكم الذاتي الفلسطيني، بعد مفاوضات سرية استمرت 6 أشهر، واعترفت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ببعضهما، ونص الاتفاق على حكم ذاتي فلسطيني انتقالي لمدة 5 سنوات.
وبدأ هذا الاتفاق في الرابع من مايو 1994، باتفاق القاهرة الذي قضى بإخلاء 70 في المائة من قطاع غزة وأريحا (في الضفة الغربية). وبعدها، عاد زعيم منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات إلى الأراضي المحتلة في يوليو (تموز) 1994.
وفي 28 سبتمبر عام 2000، قام زعيم اليمين أرييل شارون بزيارة مثيرة للجدل إلى الحرم القدسي في القدس الشرقية، ما أدى إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة، أطلق عليها اسم «انتفاضة الأقصى».
وكانت انتفاضة أولى أطلق عليها اسم «انتفاضة الحجارة» قد قامت في الضفة الغربية وقطاع غزة، واستمرت حتى 1993.
وفي الانتفاضة الثانية، استبدلت الحجارة بالأسلحة النارية، ثم الأحزمة الناسفة، وبعدها الصواريخ.
وأعاد الجيش الإسرائيلي احتلال المدن الفلسطينية الرئيسية ذات الحكم الذاتي في الضفة الغربية، ثم أطلق في مارس 2002 أكبر هجوم إسرائيلي على الضفة الغربية المحتلة منذ حرب عام 1967.
وفي يناير 2005، تم انتخاب محمود عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية بعد وفاة ياسر عرفات، وأنهى الجيش الإسرائيلي انسحاباً أحادي الجانب من قطاع غزة، وخرج آخر جندي من هناك.
وسيطرت حركة حماس في يونيو 2007، التي حققت فوزاً في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في عام 2006، على قطاع غزة، بعد قتال عنيف مع قوات السلطة الفلسطينية، بقيادة حركة فتح التي يتزعمها محمود عباس.
ولا تسيطر السلطة الفلسطينية حالياً سوى على جزء من أراضي الضفة الغربية.
وأطلقت إسرائيل في 8 يوليو 2014 عملية عسكرية ضد قطاع غزة لوقف إطلاق الصواريخ وتدمير أنفاق تمتد إلى داخل أراضيها.
واستمرت حرب صيف 2014 لمدة 50 يوماً، وكانت الأطول والأكثر دموية ودماراً بين الحروب الثلاث على القطاع منذ سيطرة حركة حماس عليه عام 2007.
وأسفرت الحرب عن سقوط 2251 قتيلاً من الفلسطينيين، بينهم 551 طفلاً، بحسب الأمم المتحدة. وفي الجانب الإسرائيلي، قتل 74 شخصاً، بينهم 68 جندياً.
ووقعت حركة فتح وحماس اتفاق مصالحة، برعاية مصرية في القاهرة في 12 أكتوبر الحالي، نص على عودة السلطة إلى القطاع المحاصر من إسرائيل منذ 10 سنوات.
وبعد مائة عام على وعد بلفور، قال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إنه «تأثر بشدة بمعاناة المتضررين والمطرودين» من إقامة إسرائيل، إلا أنه أكد في الوقت نفسه أنه «صديق» لها، مشيراً إلى أن وعد بلفور «لم يتحقق بالكامل».
وأقر جونسون، في مقال نشرته صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، بأن الإعلان البريطاني الذي وضع قبل 100 عام أساساً لإقامة إسرائيل (وعد بلفور)، لم يتم الوفاء به بشكل كامل ليعبر عن نبرة تعاطف إزاء الفلسطينيين. وقال إن «التحذير المهم في وعد بلفور، الذي كان يهدف إلى حماية الطوائف الأخرى، لم يتحقق بالكامل»؛ في إشارة للوثيقة التي دعت إلى ضرورة عدم الإضرار بالحقوق المدنية والدينية للطوائف الأخرى غير اليهودية.
وأشار جونسون أيضاً إلى قضية المستوطنات الإسرائيلية، قائلاً إن حل الدولتين يجب أن يشمل دولة فلسطينية متصلة الأراضي قابلة للحياة إلى جانب «إسرائيل آمنة»، واقترح السعي لاتفاق سلام استناداً إلى حدود 1967، مع تبادل الأراضي.
من جانبه، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بريطانيا، العام الماضي، للاعتذار عن وعد بلفور، قائلاً إن الفلسطينيين عانوا كثيراً نتيجة هذا الوعد، إلا أن لندن ردت بأنها «لن تعتذر».
ولا تعترف بريطانيا بفلسطين كدولة، لكنها تقول إنها قد تفعل ذلك في أي وقت، إذا اعتقدت أن ذلك سيساعد في جهود السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهذه الجهود متوقفة منذ سنوات.
ويأتي مقال جونسون قبل أيام من زيارة سيقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى بريطانيا، الخميس المقبل، للقاء نظيرته تيريزا ماي وجونسون، في ذكرى إصدار وعد بلفور، الذي قال إن بريطانيا تؤيد «إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.