الأكاديمية الفرنسية تنتفض ضد «الكتابة التجنيسية»

أصدرت بياناً للتحذير من العبث بأصول اللغة بحجة إرضاء النساء

جلسة لأعضاء الأكاديمية الفرنسية («الشرق الأوسط»)
جلسة لأعضاء الأكاديمية الفرنسية («الشرق الأوسط»)
TT

الأكاديمية الفرنسية تنتفض ضد «الكتابة التجنيسية»

جلسة لأعضاء الأكاديمية الفرنسية («الشرق الأوسط»)
جلسة لأعضاء الأكاديمية الفرنسية («الشرق الأوسط»)

بنبرة تحذيرية، أصدر أعضاء الأكاديمية الفرنسية بياناً للتنبيه لمخاطر «الكتابة الشاملة»، أي استخدام صيغة التأنيث إلى جانب صيغة المذكر في الكتابة، لأنها تشكل، بنظرهم، خطراً من شأنه أن يؤدي إلى تفكيك اللغة الفرنسية وموت قواعدها. وكان عدد من المقررات الدراسية للمرحلة الابتدائية قد بدأ باعتماد هذه الصيغة في مسعى لتخليص اللغة مما يعتبرونه تمييزاً جنسياً ضد النساء. وتقوم الصيغة الجديدة على وضع فاصلة بعد الصفة المذكرة وإتباعها بالحرف الذي يقابل تاء التأنيث المربوطة في اللغة العربية.
وكان أعضاء الأكاديمية قد صوتوا جميعاً، في جلستهم الأخيرة، لصالح هذا البيان واعتبروا أن صيغة المذكر المستعملة في الجمع وفي بعض الأفعال تكفي للدلالة على الجنسين، كما كانت الحال منذ استقرار قواعد الفرنسية، في حين أن تقطيع الجملة بالنقاط والفواصل لإضافة علامات التأنيث، تحيلها إلى عبارة صعبة الاستيعاب وغير مقروءة. وأورد البيان نماذج من تلك العبارات التي تعرقل انسيابية القراءة وتجعلها معقدة للتلاميذ. وهذه ليست المرة الأولى التي يهبّ فيها أعضاء الأكاديمية ضد محاولات التلاعب بصيغ التذكير والتأنيث في اللغة وجعلها لائقة بمجتمع تحتل النساء مواقع عريضة فيه.
وجدير بالذكر أن سيدة ترأس الأكاديمية حالياً، هي الكاتبة والمؤرخة هيلين كارير دانكوس، ولقبها الرسمي هو «الأمينة الدائمة»، نظراً لأن هذا الصرح المعرفي العريق الذي يُعرف بين الفرنسيين بأنه «مجمع الخالدين» ويحتفظ رئيسه بمركزه طالما كان على قيد الحياة. كما أن ترشيح الأعضاء للدخول إلى الأكاديمية لا يتم إلا بشغور مقعد بسبب الوفاة. فقد أنشأ الكاردينال ريشيليو، وزير الملك لويس الثالث عشر، أكاديمية اللغة الفرنسية في عام 1635 لتكون قيّمة على اللغة من عبث العامة. ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم يتولى أعضاؤها الأربعون، لا يزيدون ولا ينقصون، إصدار طبعات متتالية من المعجم اللغوي الخاص ويقومون بالضرب على أيدي العابثين بقواعد اللغة. وفي حين لا تعترض الأمينة الدائمة على فكرة تطوير اللغة بما يناسب العصر، بعد أن تدهورت الفرنسية أمام الإنجليزية، فإنها ترفض رفضاً قاطعاً المحاولات المتكررة التي تأتي من وزارة التربية أو من وسائل الإعلام لتغيير صيغ المفردات، لا سيما لصالح النساء.
ودار جدل طويل، قبل سنوات، حين طالبت مجموعة من النساء اللواتي يشغلن مناصب عليا، بتأنيث أسماء تلك المناصب التي جرت العادة على احتفاظها بصيغة المذكر حتى لو كانت تشغلها امرأة. مثل «وزير» و«نائب» و«ضابط» و«عميد» و«سفير». واعترضت وزيرات فرنسيات على تسمية «السيدة الوزير» وطالبن بمخاطبتها بلقب: «السيدة الوزيرة». أما لقب «سفير»، فإنه أكثر إشكالية لأن الصحافة دأبت على تأنيثه واستخدام مفردة «سفيرة» للدلالة على زوجة السفير. فما القول حين يكون السفير نفسه امرأة؟.



عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
TT

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)
المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا، فتلامس بصدقها الآخرين، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط» أن الفيلم يروي جانباً من طفولته، وأن فكرة توقف الزمن التي طرحها عبر أحداثه هي فكرة سومرية بامتياز، قائلاً إنه «يشعر بالامتنان لمهرجان البحر الأحمر الذي دعم الفيلم في البداية، ومن ثَمّ اختاره ليشارك بالمسابقة، وهو تقدير أسعده كثيراً، وجاء فوز الفيلم بجائزة السيناريو ليتوج كل ذلك، لافتاً إلى أنه يكتب أفلامه لأنه لم يقرأ سيناريو كتبه غيره يستفزه مخرجاً».

بوستر الفيلم يتصدره الصبي آدم (الشركة المنتجة)

ويُعدّ الفيلم إنتاجاً مشتركاً بين كل من العراق وهولندا والسعودية، وهو من بطولة عدد كبير من الممثلين العراقيين من بينهم، عزام أحمد علي، وعبد الجبار حسن، وآلاء نجم، وعلي الكرخي، وأسامة عزام.

تنطلق أحداث فيلم «أناشيد آدم» عام 1946 حين يموت الجد، وفي ظل أوامر الأب الصارمة، يُجبر الصبي «آدم» شقيقه الأصغر «علي» لحضور غُسل جثمان جدهما، حيث تؤثر رؤية الجثة بشكل عميق على «آدم» الذي يقول إنه لا يريد أن يكبر، ومنذ تلك اللحظة يتوقف «آدم» عن التّقدم في السن ويقف عند 12 عاماً، بينما يكبر كل من حوله، ويُشيع أهل القرية أن لعنة قد حلت على الصبي، لكن «إيمان» ابنة عمه، وصديق «آدم» المقرب «انكي» يريان وحدهما أن «آدم» يحظى بنعمة كبيرة؛ إذ حافظ على نقاء الطفل وبراءته داخله، ويتحوّل هذا الصبي إلى شاهدٍ على المتغيرات التي وقعت في العراق؛ إذ إن الفيلم يرصد 8 عقود من الزمان صاخبة بالأحداث والوقائع.

وقال المخرج عُدي رشيد إن فوز الفيلم بجائزة السيناريو مثّل له فرحة كبيرة، كما أن اختياره لمسابقة «البحر الأحمر» في حد ذاته تقدير يعتز به، يضاف إلى تقديره لدعم «صندوق البحر الأحمر» للفيلم، ولولا ذلك ما استكمل العمل، معبراً عن سعادته باستضافة مدينة جدة التاريخية القديمة للمهرجان.

يطرح الفيلم فكرة خيالية عن «توقف الزمن»، وعن جذور هذه الفكرة يقول رشيد إنها رافدية سومرية بامتياز، ولا تخلو من تأثير فرعوني، مضيفاً أن الفيلم بمنزلة «بحث شخصي منه ما بين طفولته وهو ينظر إلى أبيه، ثم وهو كبير ينظر إلى ابنته، متسائلاً: أين تكمن الحقيقة؟».

المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

ويعترف المخرج العراقي بأن سنوات طفولة البطل تلامس سنوات طفولته الشخصية، وأنه عرف صدمة الموت مثله، حسبما يروي: «كان عمري 9 سنوات حين توفي جدي الذي كنت مقرباً منه ومتعلقاً به ونعيش في منزل واحد، وحين رحل بقي ليلة كاملة في فراشه، وبقيت بجواره، وكأنه في حالة نوم عميق، وكانت هذه أول علاقة مباشرة لي مع الموت»، مشيراً إلى أن «الأفلام تعكس قدراً من ذواتنا، فيصل صدقها إلى الآخرين ليشعروا بها ويتفاعلوا معها».

اعتاد رشيد على أن يكتب أفلامه، ويبرّر تمسكه بذلك قائلاً: «لأنني لم أقرأ نصاً كتبه غيري يستفز المخرج داخلي، ربما أكون لست محظوظاً رغم انفتاحي على ذلك».

يبحث عُدي رشيد عند اختيار أبطاله عن الموهبة أولاً مثلما يقول: «أستكشف بعدها مدى استعداد الممثل لفهم ما يجب أن يفعله، وقدر صدقه مع نفسه، أيضاً وجود كيمياء بيني وبينه وقدر من التواصل والتفاهم»، ويضرب المثل بعزام الذي يؤدي شخصية «آدم» بإتقان لافت: «حين التقيته بدأنا نتدرب وندرس ونحكي عبر حوارات عدة، حتى قبل التصوير بدقائق كنت أُغير من حوار الفيلم؛ لأن هناك أفكاراً تطرأ فجأة قد يوحي بها المكان».

صُوّر الفيلم في 36 يوماً بغرب العراق بعد تحضيرٍ استمر نحو عام، واختار المخرج تصويره في محافظة الأنبار وضواحي مدينة هيت التي يخترقها نهر الفرات، بعدما تأكد من تفَهم أهلها لفكرة التصوير.

لقطة من الفيلم (الشركة المنتجة)

وأخرج رشيد فيلمه الروائي الطويل الأول «غير صالح»، وكان أول فيلم يجري تصويره خلال الاحتلال الأميركي للعراق، ومن ثَمّ فيلم «كرنتينة» عام 2010، وقد هاجر بعدها للولايات المتحدة الأميركية.

يُتابع عُدي رشيد السينما العراقية ويرى أنها تقطع خطوات جيدة ومواهب لافتة وتستعيد مكانتها، وأن أفلاماً مهمة تنطلق منها، لكن المشكلة كما يقول في عزوف الجمهور عن ارتياد السينما مكتفياً بالتلفزيون، وهي مشكلة كبيرة، مؤكداً أنه «يبحث عن الجهة التي يمكن أن تتبناه توزيعياً ليعرض فيلمه في بلاده».