سلفاكير في الخرطوم لتنشيط اتفاقيات التعاون المشترك

مبادرة شعبية لتعزيز التواصل بين شعوب دولتي السودان

TT

سلفاكير في الخرطوم لتنشيط اتفاقيات التعاون المشترك

أطلق سياسيون وأكاديميون وإعلاميون في الخرطوم، مبادرة أهلية لتقوية العلاقات السودانية والجنوب سودانية، ولتقريب الشقة بين البلدين اللذين كانا حتى 2011 دولة واحدة؛ وذلك عشية زيارة مهمة يقوم بها رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت للسودان.
ومن المتوقع أن يصل رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت إلى الخرطوم الأربعاء المقبل، في زيارة رسمية تستغرق يومين، على رأس وفد كبير من حكومته يجري خلالها مباحثات مع الرئيس السوداني عمر البشير.
وينتظر أن يبحث رئيسا الدولتين قضايا خلافية بينهما، ومن بينها تنشيط اتفاقيات التعاون المشترك التسعة التي وقعاها في العاصمة الإثيوبية 2012، وقضايا السلام، ووقف الحرب بين الحكومة والمعارضة في جنوب السودان.
يشار إلى أن الإدارة الأميركية اشترطت لرفع عقوباتها الاقتصادية والتجارية عن السودان، أن يلعب دوراً مهماً في إحلال السلام في جنوب السودان، وذلك ضمن خطة «المسارات الخمسة الأميركية».
بدورها، استبقت «مؤسسة طيبة برس» الإعلامية، الزيارة بنشاط يهدف لإعادة رتق ما اهترأ من علاقات البلدين، بسبب الانفصال بندوة نظمتها أمس، بعنوان: «التواصل الشعبي كرافعة للعلاقات بين السودان وجنوب السودان». بمشاركة أكاديميين وسياسيين وإعلاميين.
وقال مدير «طيبة برس» محمد لطيف لـ«الشرق الأوسط» إن مبادرة مؤسسته، تقوم على توظيف أجهزة الإعلام لإعادة رتق العلاقات الاجتماعية والشعبية بين البلدين. وإن الهدف منها تقوية علاقات الشعبين، وإزالة تأثيرات انفصال البلدين، بما يخدم مصالحهما المشتركة التي لا يمكن إغفالها.
وقالت أمينة أمانة العلاقات الاجتماعية بحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان مها أحمد عبد العال: «ما حدث بين البلدين انفصال سياسي وليس وجدانياً»، وتابعت: «مازلنا كياناً واحداً، لكن خلافات السياسة هي التي فرقتنا».
وقطعت عبد العال بأن التواصل الاجتماعي بين شعبي البلدين، يصعب قطعه، ودعت إلى تمتين التواصل الشعبي، والبحث عن مصالح شعبي البلدين، وأضافت: «علينا تحويل انفصال جنوب السودان السياسي إلى ميزة إيجابية»، وتابعت: «لابد من نواة شعبية لتقوية العلاقات بين البلدين».
وأبدى بروفسور العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الطيب زين العابدين، الذي يرأس في الوقت ذاته جمعية الصداقة السودانية الجنوب السودانية، أسفه لفشل ما أسماها «النخبة السياسية» في إدارة العلاقات بين البلدين، وانتقد بشدة الإجراءات التي اتخذتها حكومة السودان بطرد نواب البرلمان الجنوبيين، وإعفاء العسكريين الذين عملوا في جيش السودان، قبل إكمال الفترة الانتقالية.
وحمّل زين العابدين الحزبين الحاكمين في السودان وجنوب السودان المسؤولية عن توتر العلاقات بين البلدين عقب الانفصال، وقال: «النظامان يستندان على خلفية عسكرية؛ لذلك شابت القرارات التي اتخذاها الكثير من الاحتقان والتوتر».
ودعا إلى فتح الحدود بين البلدين من أجل تعزيز التواصل بين البلدين، وأضاف: «على النخب الحاكمة في البلدين تحويل الحدود المشتركة إلى حدود مرنة لأبعد مدى، لتكون حدوداً شبيهة بحدود دول الاتحاد الأوروبي».
وتابع: «أفسدت السياسة العلاقة بين الشعبين تماماً»، وقال إنها عزلت العلاقات بين البلدين عن أي بعد شعبي.
بدوره، قال الوزير السابق والخبير في قضايا مناطق التماس (الحدود)، يوسف تكنة، إن القبائل والمجموعات الإثنية والثقافية على طرفي الحدود البالغة 2000 كيلومتر لم تتأثر بالانفصال السياسي، وأن المجموعات القبلية على طرفي الحدود مارست حياتها الطبيعية دون التأثر بالتوتر السياسي.
ويقدر عدد السكان الذين يعيشون في الحدود المشتركة بين البلدين بنحو 13 مليون نسمة، من جملة عدد السكان المقدر بأكثر من 50 مليونا، في الوقت الذي يتجاوز فيه حجم التجارة الحدودية حسب الخبراء 6 بليون جنيه، أي ضعف إيرادات النفط المنتج في البلدين، والبالغة 3 مليارات جنيه.
وأوضح تكنة أن السلطات في البلدين لا تستطيع التحكم في حركة القبائل الرعوية في مناطق التماس الحدودية، وأضاف: «تاريخياً تتحرك قبائل رعوية سودانية صيفاً إلى عمق جنوب السودان بحثاً عن الماء والكلأ لماشيتها».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم