«أونروا» تنتقد «جماعات مسلحة» لحفر أنفاق تحت مدارسها

تكرار الانهيارات في غزة يثير غضب المنظمة الدولية... و«حماس» لا تعلق

TT

«أونروا» تنتقد «جماعات مسلحة» لحفر أنفاق تحت مدارسها

انتقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، تعمد جماعات مسلحة في غزة حفر أنفاق خاصة أسفل مدارس للأطفال في قطاع غزة.
وأعلن كريستوفر جانيس، المتحدث الرسمي باسم الأونروا، أمس، عن العثور على نفق أسفل مدرسة تابعة لها في منطقة بيت حانون شمال قطاع غزة، بتاريخ 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وقال جانيس في بيان وزع على الصحافيين في الأراضي الفلسطينية، إنه وفقا للإجراءات المعتمدة لدى الأونروا، فقد اتخذت التدابير الضرورية لضمان أمن المدرسة، وتضمنت إغلاق الفجوة تحت المبنى. مشيرا إلى أنه جرى استئناف النشاط في المدرسة في الخامس والعشرين من الشهر الحالي.
وأضاف: «لقد تدخلت الأونروا بقوة مع الأطراف المعنية للاحتجاج على انتهاك حرمة منشآتها، وعدم احترام حياد مقرات الأمم المتحدة»؛ معتبرا وجود نفق تحت إحدى منشآت الأونروا التي تتمتع بحرمة مبانيها بموجب القانون الدولي، أمرا غير مقبول، ويعرض الأطفال وموظفي الوكالة للخطر.
وجدد جانيس مطالبة الأونروا بمراعاة الاحترام الكامل للحياد وحرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات؛ مضيفا: «يجب التوقف عن أي أنشطة أو أي سلوك يعرض المنتفعين والموظفين على حد سواء للخطر، الذي من شأنه أن يقوض من قدرة موظفي الأونروا على تقديم المساعدة للاجئي فلسطين وضمان سلامتهم وأمنهم».
وكانت الأونروا قد أعلنت في التاسع من شهر يونيو (حزيران) الماضي، عن اكتشاف نفق أسفل مدرستين تابعتين لها في مخيم المغازي وسط قطاع غزة. وقالت إن النفق اكتشف في الأول من ذاك الشهر أسفل مدرسة المغازي الابتدائية للبنين، ومدرسة المغازي الإعدادية للبنين، اللتين تقعان في المكان نفسه.
وأشارت الأونروا حينها إلى أن عملية الاكتشاف تمت خلال العطلة الصيفية، حيث كانت المدارس فارغة، وجاءت خلال العمل في توسعة أحد المباني؛ مشيرة إلى أنه بعد تفتيش دقيق للموقع، تبين أن هذا النفق ليس لديه نقاط دخول أو خروج داخل الموقع، ولا يتصل بالمدارس أو المباني الأخرى بأي شكل من الأشكال.
وتدخلت الأونروا واحتجت بقوة لدى «حماس» في غزة، وأبلغتها بأنها تعتزم إغلاق أي نفق تحت مبانيها، مطالبة باحترام مبانيها والامتناع عن أي أنشطة أو سلوك يعرض خدماتها للخطر.
ولم تعلق «حماس» على الحادثة التي جرى الكشف عنها من قبل الأونروا حديثا؛ لكن الناطق باسمها فوزي برهوم، كان قد علق على النفق الذي اكتشف في شهر يونيو الماضي، واعتبر بيان الأونروا حينها «مزاعم هدفها تبرير جرائم الاحتلال، وتشجيعه على استهداف المدنيين العزل»، كما قال.
واستنكر برهوم ما ورد في بيان الأونروا حول إعلانها كشف النفق، مشيرا إلى أن الاحتلال يسعى لاستغلال هذه التصريحات لتبرير جرائمه بحق المدنيين؛ مشيرا إلى أن حركته تواصلت مع الفصائل وقوى المقاومة حول القضية، وأكدوا بكل وضوح أنه ليس لهم أي أعمال تخص المقاومة في تلك المنطقة.
وتحفر حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» الأنفاق لاستخدامها في تنفيذ هجمات ضد الاحتلال في أي مواجهة، وكذلك لإطلاق صواريخ منها، والدفاع عن أي محاولات توغل في أراضي قطاع غزة.
وقتل كثير من عناصر الحركتين في الأشهر والسنوات الأخيرة، جراء انهيار عدد من الأنفاق التابعة لهما. وكان آخر تلك الحوادث انهيار نفق في شمال قطاع غزة مساء يوم السبت 28 أكتوبر الحالي؛ ما أدى إلى إصابة اثنين من مقاتلي حركة حماس بجروح متوسطة، وإنقاذ آخرين، بعد لحظات من الانهيار دون أي ضرر جسدي.
واتهمت إسرائيل مسبقا حركة حماس باستخدام مدارس الأونروا في المواجهات معها، وإطلاق الصواريخ والقذائف منها، ووضع أسلحة داخلها، وهو ما كانت تنفيه الأونروا والحركة خاصة خلال حرب 2014 الأخيرة، التي استهدفت إسرائيل خلالها مدارس عدة تابعة للأونروا بشكل مباشر وغير مباشر، جراء عملياتها العسكرية في القطاع.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.