تهدئة جنبلاطية ـ عونية رافقت زيارة باسيل إلى الشوف اللبناني

رئيس التقدمي شدد على أن قانون النسبية يعطي كل ذي حق حقه

TT

تهدئة جنبلاطية ـ عونية رافقت زيارة باسيل إلى الشوف اللبناني

قام رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بجولة ذات طابع انتخابي في منطقة الشوف في جبل لبنان، لحض مسيحيي المنطقة التي ضربتها أزمة تهجير واسعة في السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية اللبنانية، ولم تكتمل عودة مسيحييها إليها على الرغم من «مصالحة الجبل» الشهيرة في العام 2001 التي رعاها البطريرك الماروني نصر الله صفير ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط.
وتميزت هذه الجولة بأجواء تهدئة بين جنبلاط وباسيل الذي كان أثار حفيظة جنبلاط بكلام له خلال جولة سابقة على منطقة عالية التي عاشت ظروفا مشابهة، ومطالبته بـ«معرفة الحقيقة» والتي اعتبرها فريق جنبلاط وبعض الأطراف المسيحية على أنها مس بمصالحة الجبل. وبدا لافتا حضور النائب أكرم شهيب والنائب نعمة طعمة في استقبال باسيل في بلدة معاصر الشوف، فيما رحب به جنبلاط عبر «تويتر» قائلا: إن «زيارة الوزير باسيل لمنطقة الشوف جدا مهمة لتثبيت الحوار والانفتاح والتأكيد على المصالحة». وأضاف في عبارة لا تخلو من دلالات: «وقانون النسبية يعطي كل ذي حق حقه بعيدا عن الاستئثار». فرد باسيل في إحدى كلماته مؤكدا على الموقف نفسه، في إشارة تهدئة بين الطرفين، بعد أن كان خطاب التيار الوطني الحر يشكو من «تسلط جنبلاط على المسيحيين انتخابيا»، فيما كان فريق جنبلاط يتخوف من محاولات «الحر» تحجيم تمثيل جنبلاط في الشوف وعالية، حيث الحضور الدرزي الأساسي المشترك مع قاعدة مسيحية كبيرة.
وجال باسيل أمس في عدد من قرى وبلدات منطقة الشوف في جبل لبنان، واستهلها في دير الناعمة حيث أقيم له استقبال من قبل أهالي البلدة، وشملت هذه الجولة بلدات مسيحية في المنطقة وأخرى مختلطة، فزار بلدات الدامور، دير القمر، معاصر بيت الدين، مجد المعوش، الباروك - الفريديس، معاصر الشوف، حصروت وشحيم.
وفي دير القمر شدد باسيل على أهمية البلدة «الذي رفض الرئيس (اللبناني السابق) كميل شمعون تسميتها بلدة أو مدينة، بل عاصمة بمحوريتها وبتاريخها وبما أعطته للبنان من درس كبير، ونحن التيار الوطني الحر ورثة الإرث الوطني الكبير وإحدى جذوره الشمعونية، التي أعطت للبنان الازدهار والعزة اللذين عملا وطننا وأعطوه معناه ودوره ورسالته»، معتبرا أن أكثر ما يعطي البلدة حقها هو قانون الانتخاب لأن الشوف تحديدا لم يقم إلا على التوافق، مشددا على أنه عندما اختل التوازن فيه اختل الشوف، واليوم يعود الشوف إلى قوته ووحدته عندما يعود التوازن الطبيعي إليه، وقانون الانتخاب يعطيكم حقكم في التمثيل، «وهذا التوازن لا يصنعه فريق ولا فريقان بل الجميع، وهنا أهمية قانون النسبية مشاركة الجميع ودخولهم بشكل طبيعي في خيارات الناس، بحسب تمثيلهم في دير القمر والشوف عامة، وهذه هي المصالحة الحقيقية بين الناس والسياسيين التي تأتي بشكل طبيعي نتيجة خيارات الناس التي ندعوها فيها على التلاقي والمحبة والتفاهم».
أضاف: «صحيح أن الذين تقاتلوا تصالحوا، لكن المصالحة يجب أن تشمل أيضا من دفع الثمن والضحايا والذين تهجّروا وكل شخص حُرم من شيء في هذه الحياة. هؤلاء جميعا مشمولون بالمصالحة التي نعتبر زيارتنا إلى الشوف اليوم من أجل استكمالها وتعزيزها». وتابع: «لا تدخلوا في التفاصيل التقنية للجنة قانون الانتخاب، وما جرى أننا كسبنا أمرين، صحة التمثيل في الدوائر والنسبية التي جرت وما أعطيناه للمنتشرين، وكسبنا إصلاحات للناخب اللبناني وليس التيار الذي يصنعه الناخب، من خلال 3 أشياء يحاولون أخذهم. ونحن كتيار نواجه للمحافظة عليهم. وهم، أولا منع تزوير الانتخابات من خلال البطاقة. وثانيا، حرية الناخب التي تتأمن عندما تتركه بلا قيود من العازل للرشوة للرقابة والهيبة السياسية عليه أينما كان وأي طائفة عندما تسلط نظرات التهديد عليه وهو داخل إلى التصويت. وثالثا، رفع نسبة المشاركة وأنتم في الشوف تعلمون معنى دعوتنا لكم للتصويت مقيمين ومهجرين في المكان الذي تستطيعون الوصول إليه للانتخاب».
ومن بلدة معاصر الشوف، أكد باسيل أن المصالحة (المسيحية – الدرزية) «خط أحمر ولن يمس بها أحد». وأضاف: «تخيلوا أن الحرب انتهت والمصالحة عام 2001 التي دخلنا السجون لأجلها، تمت، ووزارة المهجرين قائمة، فيما الوزير أرسلان يعمل لإنهاء الملف». ورأى أنه «للعودة (المسيحية إلى القرى التي هجروا منها في الحرب الأهلية) مفاهيم كاملة والهدنة هي غير السلام الذي يستند إلى استعادة الحقوق»، مشددا على «نريد العودة الجسدية الدائمة والعودة نفسية أيضا وكذلك العودة السياسية، وأن ما قاله الوزير جنبلاط اليوم عن أن النسبية تمنع الاستئثار وتعطي الناس حقها، هو ما نقوله نحن». وتابع باسيل «نريد أيضا العودة في الإدارة في بيروت كما الجبل كما نريدها أيضا في العمل وهذا ما يتطلب الإنماء لتحقيق الازدهار وتأمين الفرص»، مؤكدا على أن «حقنا كفريق سياسي أن نفكر بتقوية عضلاتنا، لكن ليس لكسر الآخر بل ليقوى عضل الوطن وكل زيارة هدفها جمع اللبنانيين وتعزيز الثقة».
وخلال غداء مع فعاليات في بلدة الباروك شدد باسيل على أن العودة الحقيقية لا تكتمل إلا بالازدهار والإنماء بعد الأمن والأمان. وأشار إلى أن المصالحة حصلت منذ 16 عاماً ووزارة المهجرين لا تزال موجودة، واليوم وزير المهجرين طلال أرسلان طالب بمبلغ مالي كبير من أجل إقفال الوزارة، في حين أن الدولة اللبنانية دفعت ملياري دولار من أجل إقفال هذا الملف الذي لم يقفل بعد. ولفت إلى أن للعودة مفاهيم متكاملة وليس فقط بالعودة الجزئية، مشيراً إلى أن الكثير من المواطنين لم يعودوا بعد، قائلاً: «نعرف ذلك من خلال نسبة الاقتراع في الانتخابات».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».