الأمم المتحدة «غاضبة من مشاهد الموت» في غوطة دمشق

قوات النظام تقصف محيط العاصمة

فتى يستخرج المياه من مضخة في غوطة دمشق (إ.ب.أ)
فتى يستخرج المياه من مضخة في غوطة دمشق (إ.ب.أ)
TT
20

الأمم المتحدة «غاضبة من مشاهد الموت» في غوطة دمشق

فتى يستخرج المياه من مضخة في غوطة دمشق (إ.ب.أ)
فتى يستخرج المياه من مضخة في غوطة دمشق (إ.ب.أ)

شهد الريف الجنوبي والشرقي للعاصمة السورية قصفاً عنيفاً بالمدفعية والصواريخ والبراميل المتفجرة، مستهدفاً بشكل مباشر ناحية بيت جنّ، وحذّرت «تنسيقيات الثورة» المعارضة من محاولات النظام لاقتحام هذه المناطق، عبر استقدام تعزيزات عسكرية إلى تلك الجبهات، فيما يواصل النظام حصاره المطبق على الغوطة الشرقية، حيث ترتفع نسبة الوفيات يومياً نتيجة الجوع وفقدان المواد الغذائية والطبية. وأطلقت الأمم المتحدة صرخة مدوية، معتبرة أن «مشاهد موت الأطفال في الغوطة الشرقية يثير الغضب».
وارتفعت في الساعات الماضية وتيرة القصف المدفعي والصاروخي على الريف الجنوبي الغربي لدمشق، وأعلن عضو «مجلس الثورة» في ريف دمشق، إسماعيل الداراني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القصف المتزايد على بيت جنّ وبيت سابر والمناطق المحيطة بها بالمدفعية والصواريخ والبراميل المتفجرة خلّف مزيداً من الضحايا والأضرار»، وأكد أن «الهدف من حملة النظام على المنطقة السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية التي تشكّل حلقة الوصل بين القنيطرة ودرعا، حيث مناطق سيطرة الثوار». واستعبد الداراني أن «يغامر النظام بهجوم بري على المنطقة، بالنظر لصعوبتها الجغرافية، ولكونها منطقة جبلية ستستنزف قواته لوقت طويل».
وتقع ناحية «بيت جن» جنوب غربي دمشق، وتتبع إدارياً لمنطقة قطنا، ويبلغ عدد سكانها بحسب إحصاء 2004 أكثر من 15 ألف نسمة، وهي تبعد 50 كيلومتراً عن مركز مدينة دمشق، ويحدها من الشرق قرية «مغر المير»، ومن جهة الغرب جبل الشيخ. أما من الجنوب، فيحدها قرية «حرفا». ومن الشمال، تحدها سفوح جبل الشيخ.
والتصعيد في جنوب العاصمة انسحب أيضاً على شرقها، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 11 مدنياً قتلوا خلال الساعات الـ24 الماضية، داخل مدينة دوما في الغوطة الشرقية التي يسيطر عليها «جيش الإسلام»، وفي مدينة سقبا وبلدة عين ترما اللتين يسيطر عليهما «فيلق الرحمن»، نتيجة قصف هذه المناطق بالقذائف المدفعية والصاروخية من قبل قوات النظام.
وعلى وقع القذائف والصواريخ، يستمرّ الوضع الإنساني بالتدهور في الغوطة الشرقية، حيث توفي أمس (الجمعة) الطفل محمد عبد السلام في مدينة سقبا في الغوطة، بسبب الجفاف الناتج عن نقص التغذية والدواء، ليضاف إلى من سبقوه موتاً من الأطفال والنساء بسبب الجوع، الناتج عن حصار خانق يمنع دخول الغذاء والدواء لأكثر من 350 ألف مدني شرق دمشق.
وقال ناشطون إن الطفل محمد عبد السلام، البالغ من العمر 3 سنوات، تدهورت حالته الصحية، مساء الخميس، ونقل إلى مستشفى سقبا الجراحي، وهو يعاني نقصاً حاداً في التغذية، لم يستطع الأطباء تقديم أي علاج له بسبب عدم توفر الإمكانيات الطبية، فكان الموت أقرب إليه.
إلى ذلك، أعلن مسؤول حقوقي بارز في الأمم المتحدة، أمس، أن «وضع 350 ألف مدني، على الأقل، محاصرين في منطقة تخضع لسيطرة المعارضة، بالقرب من العاصمة السورية دمشق، يدعو للغضب».
وقال زيد رعد الحسين، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إن الصور الصادمة لما يبدو أنها لأطفال يعانون بشدة من سوء التغذية، التي ظهرت في الأيام الأخيرة، هي مؤشر مخيف للمحنة التي يواجهها المواطنون في الغوطة الشرقية، التي تواجه الآن حالة إنسانية طارئة.
وأضاف الحسين، في بيان: «أذكر جميع الأطراف بأن التجويع المتعمد للمدنيين كوسيلة للحرب يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي، وقد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب».
وكان طفل لم يبلغ الشهر من عمره قد توفي بسبب الحصار الخانق الذي يفرضه نظام الأسد على الغوطة الشرقية منذ 5 أعوام، فيما تم نقل طفلة إلى مركز طبي في الغوطة بسبب تدهور حالتها الصحية. ونشر ناشطون صورة للطفل «عبيدة» بعد وفاته، إثر معاناة مع سوء التغذية الذي أصابه نتيجة الحصار المفروض، كما نشروا صورة لطفلة من الغوطة تدهورت حالتها الصحية، وتم نقلها لأحد المراكز الطبية، حيث تعاني من سوء التغذية أيضاً.
ووثّقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، في تقرير لها، استشهاد «ما لا يقل عن 397 مدنياً، بينهم 206 أطفال و67 سيدة، بسبب الجوع ونقص الدواء تحديداً، منذ بداية الحصار على الغوطة الشرقية في أكتوبر (تشرين الأول) 2012 حتى 22 أكتوبر 2017»، ونوّهت إلى أن «معظم الوفيات حصلت بين الفئات الهشَّة، كالأطفال الرضع وكبار السن والمرضى والجرحى».



غوتيريش يطالب بـ«محاسبة» المسؤولين عن العنف في سوريا

غوتيريش يوجه رسالة بمناسبة الذكرى الـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ (أ.ف.ب)
غوتيريش يوجه رسالة بمناسبة الذكرى الـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ (أ.ف.ب)
TT
20

غوتيريش يطالب بـ«محاسبة» المسؤولين عن العنف في سوريا

غوتيريش يوجه رسالة بمناسبة الذكرى الـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ (أ.ف.ب)
غوتيريش يوجه رسالة بمناسبة الذكرى الـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ (أ.ف.ب)

عبَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه من أن تصير تطلعات السوريين إلى ﻣﺳﺗﻘﺑل أفضل «ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣك»؛ بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدت مقتل المئات في منطقة الساحل، مطالباً بوﻗف «كل أﻋﻣﺎل اﻟﻌﻧف»، داعياً إلى إﺟراء «ﺗﺣﻘﯾﻘﺎت ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﻧزﯾﮭﺔ وذات ﺻدﻗﯾﺔ» ﻓﻲ اﻻﻧﺗﮭﺎﻛﺎت، تمهيداً لـ«ﻣﺣﺎﺳﺑﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋﻧﮭﺎ».

وكان غوتيريش يتحدَّث في الذكرى السنوية اﻟـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ؛ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ، ومواجهته «اﻟﻘﻣﻊ اﻟوﺣﺷﻲ» من نظام الرئيس السابق بشار الأسد. إذ قال إن «ﻣﺎ ﺑدأ بوصفه ﻧداءً ﻟﻠﺗﻐﯾﯾر اﻟﺳﻠﻣﻲ ﺗﺣوَّل لأحد أﻛﺛر اﻟﻧزاﻋﺎت ﺗدﻣﯾراً ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم»، مشيراً إلى «التكاليف البشرية التي ﻻ ﯾُﻣﻛن ﺣﺻرھﺎ»، إذ «ﺷُرِّد اﻟﻣﻼﯾﯾن» وﺗﻌرَّض «ﻣﺋﺎت اﻵﻻف ﻟﻠﻘﺗل واﻻﺧﺗﻔﺎء اﻟﻘﺳري واﻟﺗﻌذﯾب، وقُتلوا ﺑﺄﺑﺷﻊ اﻟطرق». وأضاف أن اﻟﺣرب ﻓﻲ ﺳورﯾﺎ «ﺷﮭدت اﺳﺗﺧدام اﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﻛﯾﻣﺎوﯾﺔ واﻟﺑراﻣﯾل اﻟﻣﺗﻔﺟرة اﻟﺗﻲ ﻗﺗﻠت اﻟرﺟﺎل واﻟﻧﺳﺎء واﻷطﻔﺎل من دون ﺗﻣﯾﯾز». وذكَّر بأن «ﺣﺎﻻت اﻟﺣﺻﺎر اﻟطويل أدت إﻟﻰ ﺗﺟوﯾﻊ سكان ﻣﻧﺎطﻖ ﺑﺄﻛﻣﻠﮭﺎ، وﺣوَّﻟت اﻟﻐذاء واﻟدواء إﻟﻰ أﺳﻠﺣﺔ ﺣرب»، كما «محا اﻟﻘﺻف اﻟﻛﺎﺳﺢ ﻟﻠﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت واﻟﻣدارس واﻟﻣﻧﺎزل أي ﻣظﺎھر للحياة اﻟطﺑﯾﻌية»، ملاحظاً أنه «على الرغم من ذلك فإن اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري لم يتراجع ﻗط ﻋن ﻧداءاﺗﮫ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ واﻟﺷﺟﺎﻋﺔ ﻣن أﺟل اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﻛراﻣﺔ واﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻌﺎدل».

وكذلك عدّ كبير الموظفين الدوليين أنه «منذ 8 دﯾﺳﻣﺑر (ﻛﺎﻧون اﻷول) الماضي، ﺗﺟدَّد اﻷﻣل ﻓﻲ إﻣكان ﻗﯾﺎم اﻟﺳورﯾﯾن ﺑرﺳم ﻣﺳﺎر ﻣﺧﺗﻠف، وﺣﺻوﻟﮭم ﻋﻠﻰ ﻓرﺻﺔ ﻹﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء واﻟﺗﺻﺎﻟﺢ، وﺗﺄﺳﯾس وطن ﯾﻌﯾش ﻓﯾﮫ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺳﻼم وﻛراﻣﺔ». ولكنه أضاف أنه «ﻣن اﻟﻣﺛﯾر ﻟﻠﻘﻠﻖ أن ﯾﺻير ھذا اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻣﺷرق اﻟذي ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ اﻟﺳورﯾون وﺑﺷدة اﻵن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣك»، لأن «لا ﺷﻲء ﯾُﺑرر ﻗﺗل اﻟﻣدﻧﯾﯾن ﻛﻣﺎ أﻓﺎدت اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟواردة ﺧﻼل اﻷﯾﺎم اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ». وقال: «ﯾﺟب أن ﺗﺗوﻗف كل أﻋﻣﺎل اﻟﻌﻧف، وﻻ ﺑد ﻣن إﺟراء ﺗﺣﻘﯾﻘﺎت ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﻧزﯾﮭﺔ وذات ﺻدﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺗﮭﺎﻛﺎت، وﻻ ﺑد ﻣن ﻣﺣﺎﺳﺑﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋﻧﮭﺎ»، مشيراً إلى أن ﺳﻠطﺎت ﺗﺻرﯾف اﻷﻋﻣﺎل ﻋبَّرت ﺗﻛرراً ﻋن «اﻟﺗزاﻣﮭﺎ ببناء ﺳورﯾﺎ ﺟدﯾدة ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﺳورﯾﯾن ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ أﺳس ﺟﺎﻣﻌﺔ وذات ﺻدﻗﯾﺔ». وأضاف أنه «آن اﻷوان ﻟﻠﺗﺣرك» لأن «هناك ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻠﺣﺔ إلى اﺗﺧﺎذ ﺗداﺑﯾر ﺟرﯾﺋﺔ وﺣﺎﺳﻣﺔ ﻟﺿﻣﺎن أن ﯾﺗﻣﻛَّن اﻟﺳورﯾون، ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن اﻟﻌرق أو اﻟدﯾن أو اﻻﻧﺗﻣﺎء اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ أو اﻟﻧوع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ، ﻣن اﻟﻌﯾش ﺑﺄﻣﺎن وﻛراﻣﺔ ودون ﺧوف».

وأكد غوتيريش أن الأمم اﻟﻣﺗﺣدة «ﻣﺳﺗﻌدة ﻟﻠﻌﻣل جنباً إﻟﻰ ﺟﻧب ﻣﻊ اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻟدﻋم ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻧﺗﻘﺎل ﺳﯾﺎﺳﻲ ﺗﺷﻣل اﻟﺟﻣﯾﻊ، وﺗﺿﻣن اﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ، وﺗﻌزز اﻟﺗﻌﺎﻓﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟوطﻧﻲ، وﺗﺿﻊ اﻷﺳﺎس ﻟﺗﻌﺎﻓﻲ ﺳورﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدى اﻟطوﯾل، وإﻋﺎدة إدﻣﺎﺟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ». وشدَّد على أنه «لا ﺑد من ضمان ﺧروج ﺳورﯾﺎ ﻣن ظﻼل اﻟﺣرب ﻧﺣو ﻣﺳﺗﻘﺑل ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻛراﻣﺔ وﺳﯾﺎدة اﻟﻘﺎﻧون، ﯾُﺻﻐﻰ ﻓﯾﮫ إﻟﻰ كل اﻷﺻوات ولا ﯾُﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣﻧﮫ أﺣد».