وزير المالية السعودي: رؤية المملكة جاءت استجابة لاحتياجات تنموية ولبناء اقتصاد متنوع المصادر

عقد اجتماعات جانبية على هامش مبادرة مستقبل الاستثمار

محمد الجدعان وزير المالية السعودي خلال مبادرة  مستقبل الاستثمار بالرياض (واس)
محمد الجدعان وزير المالية السعودي خلال مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض (واس)
TT

وزير المالية السعودي: رؤية المملكة جاءت استجابة لاحتياجات تنموية ولبناء اقتصاد متنوع المصادر

محمد الجدعان وزير المالية السعودي خلال مبادرة  مستقبل الاستثمار بالرياض (واس)
محمد الجدعان وزير المالية السعودي خلال مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض (واس)

بحث محمد الجدعان وزير المالية السعودي خلال اجتماعه بوزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين على هامش مبادرة مستقبل الاستثمار المقامة في العاصمة السعودية الرياض، الترتيبات المتعلقة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتقييم المتبادل للمملكة، بينما تبادل الجانبان وجهات النظر حول البنوك المراسلة.
كما تطرق الاجتماع الذي حضره الدكتور أحمد الخليفي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، للحديث عن تعزيز التعاون بين الجانبين في عدد من المجالات، ومنها تدريب الشباب السعودي من موظفي الوزارة وغيرها، وكذلك تنسيق المواقف بين البلدين في الشؤون الدولية والإقليمية.
وكان الوزير الجدعان عقد عدداً من الاجتماعات الجانبية على هامش المبادرة، حيث اجتمع في وقت لاحق بحضور رئيس مكتب إدارة الدين العام ومستشار وزير المالية فهد السيف؛ مع الرئيس التنفيذي لبنك «ستاندرتشارترد»، حيث ناقشا فرص الاستثمار وتطوير أسواق المال بالمملكة.
بينما اجتمع وزير المالية السعودي مع رئيس بورصة نيويورك للأوراق المالية. والرئيس التنفيذي لشركات «شل العالمية»، وجرى تبادل أوجه التعاون والفرص الاستثمارية المتاحة ضمن رؤية المملكة 2030.
كما عقد وزير محمد الجدعان عدة اجتماعات منفصلة مع رؤساء مؤسسات مالية عالمية، بحضور رئيس مكتب إدارة الدين العام ومستشار وزير المالية فهد السيف، حيث اجتمع مع بنائب رئيس «مجموعة سيتي»، لمناقشة التزامهم لبرامج رؤية المملكة 2030 وتطوير الكوادر السعودية في القطاع المالي. واجتمع برئيس مجموعة «إتش إس بي سي»، لبحث استمرار التزامهم تجاه ودعم خطط التحول وتطوير الكوادر السعودية بالقطاع المالي، وأيضاً اجتمع برئيس مجموعة «إس إم بي سي». لتطوير القطاع المالي والكوادر الوطنية، ورئيس مجلس إدارة شركة أطلس للخدمات المالية الأميركية.
وفي سياق متصل؛ عقد وزير المالية اجتماعات مماثلة بحضور وكيل وزارة المالية لشؤون المالية الدولية الدكتور خالد الخضيري، ووكيل الوزارة لشؤون التقنية والتطوير المهندس أحمد الصويان، حيث اجتمع مع عضو مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة (ساب) العالمية للبرمجيات، حيث قدمت الشركة عرضاً موجزاً عن نجاحات الحلول والتقنيات المقدمة للقطاعين الحكومي والخاص في المملكة، مستعرضة استثماراتها بالمملكة من خلال تأسيس مركز بيانات الذي يقدم عددا من الحلول السحابية لمختلف القطاعات، كما استعرضت (ساب) تجاربها الدولية في تطبيق حلول تقنيّة لمبادرات وزارة المالية في التحول إلى المحاسبة على مبدأ الاستحقاق المحاسبي والنظام المالي الموحد.
كما اجتمع مع وزير التجارة والسياحة والاستثمار الأسترالي. وجرى خلال الاجتماع بحث أوجه التعاون الاقتصادي والمجالات المشتركة بين المملكة وأستراليا، وإمكانية تبادل الخبرات بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بأعمال مجموعة دول العشرين.
وكان وزير المالية تحدث خلال مشاركته في جلسة نقاشية حول عصر تقلبات الأسواق بعنوان «بين المتوقع والمفاجئ.. هل انتهى عصر التقلب؟» ضمن جلسات مبادرة مستقبل الاستثمار الأربعاء الماضي، عن رؤية المملكة2030، ودورها المتوقع في المحافظة على استقرار الأسواق المحلية والعالمية، وما تشمله الرؤية من برامج ومبادرات تهدف إلى خلق بيئة استثمار مستقرة وجاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية.
وأكد الوزير السعودي أن التحول الذي تشهده المملكة في ظل الرؤية يسهم في دعم استقرار المنطقة بشكل عام، وأنها تعزز التوجه بجعل المملكة مركزاً للمنطقة وقلباً للعالم الإسلامي، مبيناً أن رؤية المملكة جاءت استجابة فعلية لاحتياجات تنموية داخلية، وتأكيداً لسياسة تسعى إلى بناء اقتصاد متنوع المصادر، وأنها لا تنحصر في إجراء إصلاحات اقتصادية فحسب، إنما تشمل أهدافاً تنموية في شتى المجالات، مشيراً إلى أن الرؤية جاءت أيضاً لمواجهة أي تقلبات قد تحصل في الأسواق العالمية.
وتعليقاً على التقلبات الحاصلة في الأسواق المالية ذكر الوزير محمد الجدعان أنها لم تفاجئه، منوهاً بوجوب أخذ الحيطة والترقب والاستعداد في حال مواجهة تقلبات غير معتادة، مؤكداً أن التقلبات جزء من نجاح الاقتصاد ومن دون التقلبات لا يمكن جني المال وهو أمر طبيعي، أما التقلبات غير الطبيعية فهي التي نحاول اجتنابها كما يفعل البنك المركزي والهيئات الرقابية المالية، مشيداً بالأنظمة البنكية المطبقة بالمملكة، كونها تُعد من الدول الخمسة التي لديها أفضل الأنظمة البنكية على مستوى العالم.
وكانت الجلسة النقاشية شارك فيها إلى جانب وزير المالية كل من؛ رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي ومؤسس شركة أبولو العالمية الأميركية ليون بلاك، وكبير المستشارين الاقتصاديين لمجلس إدارة شركة أليانز الأميركية محمد العريان، وكبير المستشارين الاقتصاديين لمجلس إدارة شركة أليانز الأميركية أندرو ستيليتو، ورأس الجلسة جون ديفتيريوس، محرر مهتم بالأسواق الناشئة، في قناة (سي إن إن) الإخبارية.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.