تعجّ بحيرة بعيدة عن الأنظار في خليج هالونغ بشمال فيتنام بعد الظهيرة بالسائحين فيما تصطف العشرات من قوارب التجديف وسط القمم الصخرية المدببة للجزيرة. ورغم ذلك، فإن القفز في الماء ممنوع منعاً باتّاً.
وتختلف مياه البحيرة عن غيرها من المياه المالحة إذ إنها أكثر لزوجة.
ويقول نغوين فان هونغ (21 عاماً)، الذي عمل كبحار في الماضي على واحد من مئات القوارب السياحية الكبيرة التي تجوب الخليج يوميّاً «عندما يرتفع المد، فإن المياه تبدو نظيفة، ولكن عندما يتراجع، تبدو قذرة».
ويعد خليج هالونغ، المدرج ضمن مواقع التراث العالمي في منظمة اليونيسكو، موطناً لنحو 2000 جزيرة صغيرة. كما أنه من أكثر مناطق الجذب السياحي خارج المدن الرئيسية في فيتنام. ويزور الموقع يوميّاً نحو 10 آلاف سائح.
وفي الوقت الذي يبدو فيه الخليج جميلاً ونظيفاً من أسطح السفن السياحية، لكنه يخفي في طياته كارثة بيئية، يقول عنها الخبراء إنه لا يمكن إصلاحها جزئيّاً.
وتقول نيهجا ليونارد، مديرة مشروع «كات با لانجور لحفظ الطبيعة» في جزيرة كات با القريبة، إن النظام الإيكولوجي البحري في خليج هالونغ دُمر وفقدت أو تضررت الشعاب المرجانية وأحواض الأعشاب البحرية وأشجار المنجروف.
وقبيل الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها فيتنام في تسعينات القرن الماضي، التي فتحت البلاد أمام السياحة، كان خليج هالونغ في حالته البكر ولم يمسسه سوء تقريباً.
وخلال الحرب الفيتنامية والخلاف اللاحق مع الصين في ثمانينات القرن الماضي، كان الخليج يستخدم من قبل كثير من الصيادين والجنود المزودين بالمدافع، بالإضافة إلى المدافع المضادة للطائرات المنصوبة على قمم الجبال.
ولكن في التسعينات بدأ تدفق السياح الأجانب على البلاد، ورافق ذلك طفرة تعدين الفحم في مناطق متاخمة للخليج.
ومع تسرب الوقود من القوارب وإلقاء نفايات الصرف الصحي غير المعالجة من الزوار في المياه، بالإضافة إلى الفحم، تسبب كل ذلك في تدمير النظام الإيكولوجي.
وتقول هوانغ ثي لوان، صاحبة مطعم في مدينة هالونغ، تعيش في المنطقة منذ 40 عاماً: «في التسعينات، كان بإمكاني رؤية المرجان بالقرب من هذا الشاطئ، من خلال المياه الزرقاء النظيفة جدّاً، فضلاً عن كثير من الأسماك». وتضيف: «لكن ما يؤسفني أنني لا أراهم الآن».
وتقول ليونارد إن اللوائح والممارسات الحالية لم تتمكن من عكس اتجاه الدمار... وتضيف: «رغم وجود تدابير قوية لمكافحة التلوث بشكل متزايد، لكنها غير كافية».
وترى أنه «دون حدوث تغييرات ضخمة في السياسات والصناعات ليس في فيتنام فحسب، ولكن في الدول المجاورة والدول الأخرى التي تتقاسم المحيط الهادي، سيكون من المستحيل الحفاظ على خليج هالونغ». وتشير إلى أنه يتعين على القوارب وفقاً للقانون التخلص من نفاياتها بشكل صحيح، لكن هونغ يقول إنه وغيره من البحارة يتخلصون من القمامة غير المعالجة بطبيعة الحال في مياه الخليج.
وتضيف أنه «من الصعب للغاية اكتشاف الانتهاكات لأننا غالباً ما نفعل ذلك عندما تكون القوارب بعيدة عن الشاطئ»، مضيفاً أن مالكي القوارب يترددون في دفع ما يصل إلى 50 دولاراً كرسوم لتنظيف خزانات الصرف الصحي الخاصة بهم بشكل صحيح.
ويشير إلى أن المشكلة الأسوأ هي تسرب الوقود الذي لم يسبق له مثيل من القوارب. ويقول إنه «من الصعب السيطرة على هذه التسريبات، ولهذا يمكنك أن ترى بعض الوقود العائم على مياه البحيرة».
ويقولون إن السلطات المحلية منهكة وتفتقر إلى القوى العاملة الكافية لمنع الانتهاكات أو ملاحقة مرتكبيها. ويقول فونج دوك تين، الرئيس السابق لمجلس إدارة خليج هالونغ: «إن تفريغ القمامة ونفايات المياه غير المعالجة مباشرة في البحر ما زال يحدث، لأننا لا نملك موظفين للإشراف على أكثر من 500 قارب يعمل في الخليج».
ويتابع دوك تين: «سنعاقب بشدة أي مخالفين والغرامة المالية ليست كبيرة، ولكننا سنمنع هذا القارب من العمل لمدة 10 أيام»، مشيراً إلى صعوبة السيطرة على التسرب الآتي من مناجم الفحم.
ويقول: «إن خليج هالونغ هو أدنى نقطة في المنطقة، وإن الانهيارات الطينية السامة والمياه المنبعثة من كل مكان، بما في ذلك من مناجم الفحم، تتدفق هناك وتهدد البيئة». ويقول تران دينه لان، عالم البيئة ومدير معهد البيئة البحرية والموارد البحرية، إن إجراءات الحماية ليست كافية. ويؤكد: «الحكومات المحلية والمركزية بذلت جهودا كبيرة لحماية البيئة لكن النتائج لم تسفر عن الكثير». ويضيف: «يمكننا تحقيق أهدافنا اعتماداً على مواردنا لكننا بحاجة إلى دعم دولي».
خليج هالونغ الساحر في فيتنام يعاني من كارثة بيئية
خليج هالونغ الساحر في فيتنام يعاني من كارثة بيئية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة