قتلى في غوطة دمشق بقصف لقوات النظام

TT

قتلى في غوطة دمشق بقصف لقوات النظام

أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس مقتل 9 مدنيين بقصف طال مدينة دوما التي تعد معقل «جيش الإسلام» في الغوطة الشرقية كما مدينة سقبا وبلدة عين ترما، فيما نفذت فرق الدفاع المدني في المنطقة وقفات احتجاجية طالبت بالضغط لإنهاء القصف والحصار عن الغوطة.
وقال «المرصد» إن «انفجارات متتالية هزت غوطة دمشق الشرقية الخميس ناجمة عن سقوط 4 قذائف أطلقتها قوات النظام على أماكن في مدينة دوما التي تعد معقل جيش الإسلام في الغوطة الشرقية، ما أسفر عن وقوع مجزرة راح ضحيتها 5 شهداء بينهم طفل، إضافة لإصابة آخرين بجروح متفاوتة». وأفاد «المرصد» بـ«سقوط قذيفة أطلقتها قوات النظام على منطقة في بلدة سقبا، ما تسبب بمقتل رجل وسقوط 5 جرحى»، ليعود في وقت لاحق ليتحدث عن ارتفاع عدد القتلى في القصف على مناطق الغوطة إلى 9.
وأعلنت «قوات الدفاع المدني» في ريف دمشق عن «سقوط شهداء وجرحى في مدينة دوما جراء القصف العنيف»، لافتا إلى أن فرقا منه عمدت إلى تفقد الأماكن المستهدفة للاستجابة العاجلة وإخلاء المصابين إلى المراكز الطبية. وأشارت أيضا إلى «قصف عشوائي» تعرضت له سقبا وبلدة عين ترما، كما حي جوبر الدمشقي، فيما أفاد ناشطون عن إلقاء الطيران المروحي عدة براميل متفجرة، على مناطق في أطراف مزرعة بلدة بيت جن بريف دمشق الجنوبي الغربي، حيث استهدفت المنطقة بـ12 برميلاً متفجراً.
وتقصف قوات النظام منذ أسابيع مدن وبلدات الغوطة الشرقية بالصواريخ التي يعتقد أنها من نوع أرض - أرض، وبقذائف المدفعية والهاون والدبابات، ما تسبب بمزيد من الدمار في البنية والتحتية، وبمزيد من الخسائر البشرية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مراسلها في الغوطة أنّه شاهد في أحد مستوصفات مدينة دوما مدنيين ينقلون الجرحى، وآخر يبكي قرب أحد معارفه ويمسح يديه على وجهه، وطبيبا يعالج طفلة أصيبت في رجلها.
وتشكل الغوطة الشرقية واحدة من أربع مناطق سورية تم التوصل فيها إلى اتفاق «خفض توتر» في مايو (أيار) الماضي في إطار محادثات آستانة، برعاية كل من روسيا وإيران وتركيا. وتحاصر قوات النظام منذ أربع سنوات الغوطة الشرقية حيث يعيش نحو 400 ألف شخص في ظل ظروف إنسانية صعبة للغاية. ويعاني أكثر من 1100 طفل في الغوطة الشرقية من سوء تغذية حاد، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). وقد توفي طفلان رضيعان نهاية الأسبوع الماضي جراء إصابتهما بسوء التغذية الحاد أو مضاعفاته.
إلى ذلك، أفاد قائد عسكري بالمعارضة السورية بمقتل 13 عنصرا من قوات النظام في كمين مسلح شرق العاصمة دمشق الخميس. وقال القائد في «فيلق الرحمن» لوكالة الأنباء الألمانية إن «13 عنصرا من القوات الحكومية السورية قتلوا في كمين نفذه عناصر الفيلق خلال المعارك على جبهة عين ترما شرق دمشق»، موضحا أن «قوات النظام تحاول، ومنذ الإعلان عن مقتل 20 من عناصرها بتفجير شبكة الأنفاق يوم الأربعاء، التقدم على محور عين ترما إلا أن مقاتلي الفيلق تصدوا لها وأوقعوها في كمين، حيث قتل جميع عناصر مجموعتين حاولتا التقدم من خلال التفجير وإطلاق الرصاص المباشر».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم