الفلسطينيون يلاحقون بريطانيا لإصرارها على الاحتفال بمئوية «وعد بلفور»

حمّلوها مسؤولية أي خطوات تصعيدية يتخذونها واتهموها بـ{الانصياع لسلطات الاحتلال}

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي (غيتي)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي (غيتي)
TT

الفلسطينيون يلاحقون بريطانيا لإصرارها على الاحتفال بمئوية «وعد بلفور»

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي (غيتي)
وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي (غيتي)

هاجمت السلطة الفلسطينية بقوة، إصرار رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، على إحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور، على الرغم من التحذيرات السابقة، بأن السلطة ستذهب إلى مقاضاة بريطانيا إذا لم تتراجع عن مثل هذه الاحتفالات، وتقدم اعتذارا عن الوعد.
ووصفت السلطة تصميم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على الاحتفال بمرور مائة عام على وعد بلفور، «تكراراً للجريمة السياسية الأكبر في التاريخ الإنساني، ومواصلة للخروج على كل التقاليد الدبلوماسية».
وأعلن وزير شؤون الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية، رياض المالكي، أن السلطة ستقاضي بريطانيا على خلفية عزمها إحياء مئوية وعد وزير الخارجية البريطاني الأسبق، آرثر بلفور، في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1917. لزعيم الجالية اليهودية، آنذاك، ليونيل روتشيلد، يتعهد فيه بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، الذي مهد لقيام دولة إسرائيل في فلسطين.
وكانت ماي فاخرت في الجلسة الأسبوعية أمام مجلس العموم البريطاني، بدور بريطانيا في إقامة «دولة إسرائيل»، وأكدت أنها ستحتفل بهذه الذكرى مع العمل المتواصل من أجل حل الدولتين.
وجاء الموقف البريطاني على الرغم من مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، شخصيا، بإلغاء هذه الاحتفالات وتصحيح الموقف بدلا من ذلك.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين موقف ماي، وعدته تأكيدا بريطانيا جديدا على عدم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني، حتى بعد مرور 100 عام على وعد بلفور، «وكأن هذا الوعد ما زال قائماً بنفس النهج والتفكير والعقلية، وكأننا أيضا نقف أمام بريطانيا اليوم كامتداد للعقلية البريطانية الاستعمارية العنصرية».
وحمل وزير الخارجية رياض المالكي، الحكومة البريطانية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن أي تصعيد، سيجري بناء على خطوات مقبلة، في إشارة إلى مقاضاة بريطانيا، «لأنها هي التي اختارت التصعيد وتجاهلت الحق الفلسطيني، وقررت عدم احترام مشاعر الشعب الفلسطيني، ولم تأخذ بالمناشدات والنداءات للتراجع عن تلك الاحتفالات الاستفزازية»
وأكد المالكي أن الفلسطينيين سيفكرون في طبيعة الإجراءات الواجب اتخاذها لحماية حقهم والدفاع عنه، بعدما أصرت بريطانيا على الاحتفال بمئوية بلفور، ورفضت حتى الاستماع لمناقشة الطلبات الفلسطينية بإلغاء هذه الاحتفالات والاعتذار عنها.
وكان المالكي، التقى أكثر من مرة نظيره البريطاني في مقر وزارة الخارجية البريطانية، وقدم له مقترحات عملية لتحاشي مثل هذا التصعيد. لكن الوزير البريطاني «رفض وبتعنت واضح، مناقشة هذا الموضوع، على اعتبار أن فلسطين ليس لها الحق في مساءلة بريطانيا بأي شيء، وليس من حق أحد أن يسائلها على ما أقدمت عليه من جرائم في تاريخها الاستعماري، لأنها فخورة به» بحسب ما جاء بيان رسمي.
وقالت الخارجية مستهجنة «وكأن الخطيئة ارتكبناها نحن الفلسطينيين من خلال طرح موقفنا الداعي لمراجعة وعد بلفور، ومطالبة بريطانيا بالاعتذار عنه، وتحمل مسؤولياتها التاريخية عن تداعياته ونتائجه، ومطالبتنا على الأقل، بتعديل موقفها من خلال الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
واستغربت الخارجية أن دولاً استعمارية كثيرة قامت بمراجعة نفسها وتحملت مسؤولية أخطائها التاريخية، وقدمت الاعتذار، كسلوك سياسي وأخلاقي، فيما تصر بريطانيا على وعد بلفور. وقالت: «يبدو أن النظرة الاستعمارية لا تزال تحجب عن بريطانيا رؤية جرائمها بحق شعب يعيش في وطنه فلسطين ويملك أرضه، منذ أن أصدرت وعدها المشؤوم في عام 1917 ومنحت، دون وجه حق أو ملكية أياً كانت، أرضنا لشعب آخر لا يملكها».
ومع إصرار بريطانيا على الاحتفال بمئوية بلفور، يفترض أن يصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى لندن في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، للمشاركة في تلك الاحتفالات التي تبدأ بحفل عشاء يحضره نتنياهو وماي.
وحذرت حركة فتح من أن موقف ماي سيجعل بريطانيا تدفع الثمن غالياً من سمعتها وصورتها، وسيؤسس لعزلها أمام المجتمع الدولي والمنطقة كلها.
وقال منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم، «إن تصريحات تيريزا ماي تعبر عن انحياز حقيقي لدولة الاحتلال العنصرية، وتكمن خطورته في تشريعه للاحتلال الذي يستهدف الأرض والإنسان الفلسطيني وتنصل بريطانيا من مسؤوليتها ومما يترتب لشعبنا عليها من حقوق».
وأضاف الجاغوب، «إن ما صرحت به ماي هو بمثابة إعلان رفض لما جاء في خطاب السيد الرئيس أبو مازن في الجمعية العامة، ومطالبته للحكومة البريطانية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية والقانونية والسياسية والمادية والمعنوية لنتائج وعد بلفور، والاعتذار للشعب الفلسطيني لما حل به من نكبات وظلم، وتصحيح هذه الكارثة التاريخية، ومعالجة نتائجها، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
وكان عباس، قال أمام الجمعية العمومية في خطابه الشهر الماضي، إن الحكومة البريطانية لم تحرك حتى الآن ساكنا، إزاء مطالبتنا لها بتصحيح خطئها التاريخي بحق شعبنا، وهو أن تعتذر عن الخطأ وتقدم لنا التعويضات وتعترف بدولة فلسطين، مضيفا: «تحدثنا معهم طويلا، للآن لم يستجيبوا، والأنكى من ذلك والأسوأ من ذلك، أنهم يريدون في نوفمبر أن يحتفلوا لمناسبة مائة سنة على جريمتهم هذه بحقنا».
وقال الجاغوب إن موقف ماي يشكل موقفا سلبيا، «أمام الإنسانية والشرعية الدولية التي لا تعترف بالاحتلال الإسرائيلي على أراضي دولة فلسطين في حدود عام 1967، ولا يعبر عن دولة كبيرة مثل بريطانيا».
وطالبت حركة فتح في بيانها بريطانيا بالتراجع عن تصريحاتها المشرعنة للاحتلال، واستعادة فرص البناء الحقيقية والجادة، في دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة، والسعي في إلزام الاحتلال ومحاسبته على انتهاكاته وجرائمه بحق الفلسطينيين.
وفي إسرائيل، دعا السفير البريطاني ديفيد كووري، إلى احتفال خاص في بيته بمناسبة وعد بلفور، سيشارك فيه العديد من كبار المسؤولين. ورفض المطالبات إليه من القيادة السياسية لفلسطينيي 48 (المواطنين العرب في إسرائيل) بإلغاء الحفل. وقال إن بلاده تعتز بدورها في إقامة إسرائيل. ولكنه أضاف: «نحن واعون إلى وجود إشكاليات معينة في الموضوع بالنسبة للطرف الفلسطيني. ولذلك فإن بريطانيا تؤيد حل الدولتين حتى يوضع حد لمأساة الشعب الفلسطيني».
وكانت القيادات العربية في إسرائيل قد قررت تنظيم مظاهرة احتجاج على وعد بلفور أمام السفارة البريطانية في تل أبيب، والمشاركة في النشاطات الفلسطينية العديدة في هذا المجال، ومنها إرسال عريضة، بمناسبة مرور 100 عام على وعد بلفور، تحمل توقيع 100 ألف شاب فلسطيني، يحتجون على هذا الوعد وتبعاته، ويطالبون بريطانيا بأن تصحح خطيئتها وتعتذر، وتساند كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال والتشريد وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ويتعرض قادة فلسطينيي 48 للتحريض من قوى اليمين الإسرائيلي بسبب هذه النشاطات. وقد حاول نائب من الليكود الحاكم، هو أورن حزان، الاعتداء على عضو الكنيست عايدة توما، من «القائمة المشتركة»، لأنها شاركت في اجتماع اللجنة الفلسطينية التحضيرية التي تقود نشاطات الاحتجاج ضد وعد بلفور، والتي التأمت في مقر الرئاسة الفلسطينية في المقاطعة في رام الله. وقال حزان إنه لا يوجد مكان للنائب توما وأمثالها في البرلمان الإسرائيلي. ودعاها إلى البقاء في رام الله أو الذهاب إلى غزة حتى يفرضوا عليها ارتداء الحجاب، علما بأنها مسيحية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.