صحة الرئيس السبسي محور جدل في تونس

50 نائباً يشكلون تحالفاً ضد الائتلاف الحاكم

TT

صحة الرئيس السبسي محور جدل في تونس

أثارت حالة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الصحية جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية التونسية، بعد أن أفادت تقارير بأنه تعرّض لوعكة حادّة استوجبت نقله إلى إحدى المستشفيات في العاصمة تونس، ونقله بعد ذلك إلى مصحة خاصة بفرنسا لمواصلة العلاج.
وطالب محمد عبو، مؤسس حزب التيار الديمقراطي المعارض، بالملف الطبي للرئيس، مما أثار انتقادات حادّة من طرف سعيدة قراش، المتحدثة باسم رئاسة الجمهورية التونسية، أمس.
ووصفت قراش، في تصريح إذاعي، طلب عبو بـ«الخطاب والسلوك غير المسؤولين من طرف شخص يقدم نفسه أمام التونسيين على أنه بديل سياسي»، وأضافت أن «هجوم» عبو على «خصمه السياسي» وصل حدّ الاستفزاز وقلة الاحترام، على حد تعبيرها. وأكدت قراش أن الجميع يشهد بكفاءة رئيس الجمهورية، وتساءلت: «بأي قانون يريد محمد عبو الحصول على الملف الطبي لرئيس الجمهورية؟».
ومن جانبه، نفى مصدر مسؤول برئاسة الجمهورية (دائرة الإعلام والاتصال)، في تصريح إعلامي، ما تداولته تقارير إعلامية حول الوعكة الصحية التي تعرض لها الرئيس التونسي منذ يوم الثلاثاء.
وفي المقابل، أكد مصدر أمن تونسي أن الوضع الصحي للرئيس التونسي، البالغ من العمر نحو 91 سنة، تدهور مساء الثلاثاء الماضي، ما استوجب نقله إلى المستشفى العسكري بالعاصمة، ورجح أن يكون قد توجه إلى فرنسا لمواصلة العلاج.
ويعود آخر نشاط رسمي معلن لرئيس الجمهورية إلى مساء الثلاثاء الماضي، حين التقى في قصر قرطاج أليساندرو باجنو، رئيس مجلس الدولة الإيطالي، قبل أن يعود يوم أمس إلى سالف نشاطه، ويستقبل رئيس الحكومة، ويتسلم أوراق اعتماد عدد من السفراء.
وهذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها موضوع صحة الرئيس الباجي، إذ صرح عمر صحابو، القيادي في حزب النداء، قبل انتخابات سنة 2014، بأن صحة السبسي لا تسمح بقيامه بمهام الرئاسة. وأدّت تصريحات صحابو إلى تعرّضه لحملة من الانتقادات من داخل حزب النداء وخارجه، وأعلن الحزب عن فصله.
وفي السياق ذاته، طالب كمال النابلي، المرشح السابق في الانتخابات الرئاسية التي أجريت سنة 2014، بضرورة اطلاع الباجي التونسيين على ملفه الطبي قبل خوض منافسات الرئاسة. ولا يشترط قانون الانتخابات في تونس تقديم المرشحين للرئاسة كشفاً طبياً للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلا أن الإفصاح عن الوضع الصحي للمرشحين قد يكون من بين العناصر التي تدعم حظوظهم في الانتخابات.
وعلى صعيد آخر، يستعد نواب الكتلة البرلمانية لحركة مشروع تونس، التي يتزعمها محسن مرزوق (الأمين العام السابق لحزب النداء)، وحزب آفاق تونس، التي يترأسها ياسين إبراهيم (وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي السابق)، ونواب الكتلة البرلمانية الوطنية السبعة، علاوة على مجموعة من البرلمانيين المستقلين، لعقد مؤتمر صحافي للإعلان عن تحالف برلماني جديد، استثنى حركة النهضة الإسلامية بالكامل، وضمّ بعض نواب حزب النداء.
ويقود نحو 50 برلمانياً تونسياً، ما يمثل نحو 23 في المائة من أعضاء البرلمان، «ثورة» ضد حزبي الائتلاف الحاكم، ممثلاً في حزبي النداء والنهضة، الحليفين الأساسيين اللذين يسيطران على القرار السياسي، اعتماداً على مبدأ أغلبية الأصوات التي يحظون بها (125 صوتاً في برلمان يتطلب 109 أصوات لتمرير معظم القوانين المعروضة عليه).
ويهدف هذا التحالف البرلماني إلى تنسيق المواقف، والتصويت داخل البرلمان التونسي بين نواب هذه الكتل البرلمانية الثلاث، إضافة إلى التشاور مع تحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، الذي يقوده حمة الهمامي، وهو ما سيكون له تأثير مهم على تصويت أحزاب المعارضة داخل البرلمان التونسي.
وكانت ريم محجوب، القيادية في حزب النداء، قد دعت خلال شهر أبريل (نيسان) 2016 إلى تشكيل جبهة برلمانية تضم آفاق تونس وحزب النداء وحزب الاتحاد الوطني وعدداً من المستقلين، وتم تأويل تلك الدعوة على أساس أنها تهدف إلى عزل حركة النهضة عن المشهد السياسي.
وفي هذا الشأن، أكدت محجوب لـ«الشرق الأوسط» أن التحالف البرلماني الجديد سيعلن عنه بداية الأسبوع المقبل، وقالت إن هدفه الأساسي إعادة التوازن إلى المشهد البرلماني، وإخراجه من سيطرة حزبي النداء والنهضة، وتنسيق مواقف أحزاب المعارضة خلال جلسات التصويت على مختلف القوانين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.