قبل أربعة أشهر تقريباً من فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة في مصر، بدت مواقع التواصل الاجتماعي، ساحة لطرح المرشحين المحتملين والتفاعل معهم إيجابياً وسلبياً من قبل المؤيدين والمعارضين.
ووفق الدستور القائم فإنه من المقرر فتح باب المنافسة على رئاسة مصر في فبراير (شباط) 2018، على أن تُجرى الانتخابات وتعلن النتائج بحد أقصى مايو (أيار) من العام نفسه.
وتحولت الحسابات الإلكترونية للمرشحين المحتملين وأنصارهم إلى ما يشبه أداة لجس النبض، بعدما أقدم عليه الناشط السياسي حازم عبد العظيم (الداعم للمرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق)، الذي نظّم تصويتاً عبر حسابه على موقع «تويتر»، وجاء فيه: «بفرض وجود مرشحين فقط أمامك السيسي وشفيق... من ستنتخب؟»، وأظهرت النتائج بعد مشاركة 20 ألف شخص، أن 61 في المائة مؤيدون للسيسي، و13 في المائة داعمون لشفيق، بينما قرر 26 في المائة المقاطعة.
وكما كانت حسابات الداعمين لشفيق منصة للهجوم، باغتها مختلفون حول الرجل بـ«هجوم تغريدات مضاد»، كان في مقدمته تعليق لصاحبة حساب تحت اسم عزة محمد، التي قررت مخاطبة المرشح المحتمل بالقول: «أنا انتخبتك لما كنت نازل قدام المعزول (تقصد محمد مرسي) لكن دلوقتي (الآن) عندنا رئيس أنقذ البلد من السقوط في الهاوية وهننتخبوا تاني»، وتواصلت «تغريدات الكر والفر» بتعليق مؤيد من يوسف عثمان، الذي علق: «بتهاجموا شفيق دلوقتي الله يرحم أيام زمان، وأنتم جاهزون لتشويه أي حد».
ولا يعتبر الدور المتصاعد لـ«السوشيال ميديا» في الحياة السياسية مستحدثاً أو وليد المنافسة الانتخابية الرئاسية المرتقبة، إذ استخدمت حملة «تمرد» الداعية إلى عزل جماعة الإخوان عام 2013 أدوات مواقع التواصل لجمع توقيعات المواطنين، وخلال الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2012 كانت الصفحات الرسمية للمرشحين الرسميين مثل (حمدين صباحي، وعمرو موسى، وعبد المنعم أبو الفتوح، وأحمد شفيق، وغيرهم) في أقصى درجات الفاعلية، إلى حد استخدامها في تنظيم أنشطة انتخابية، والاعتماد عليها وسيلة إعلامية لنقل وقائع المؤتمرات واللقاء للمتنافسين.
ولم يقتصر استخدام مواقع التواصل على المتنافسين ممن يقفون الآن في جانب المعارضة، بل إن حملة «علشان تبينها» الداعية إلى ترشح الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي إلى فترة رئاسية ثانية، دشنت مبكراً صفحة رسمية على موقع «فيسبوك» وذلك بالتزامن مع بدء حملات جمع توقيعات المواطنين، وتجاوز عدد متابعيها 400 ألف شخص. وتنشط صفحة «علشان تبنيها» في نشر صور الشخصيات العامة والفنانين المؤيدين، فضلاً عن وقائع لافتة كان من بينها توقيع عروسين في ليلة زفافهما على استمارة الحملة، وراجت صور العروسين بشكل واسع على صفحات الـ«سوشيال ميديا»، وعلى الجانب الآخر، رصدت «الشرق الأوسط» نحو 4 صفحات مناوئة للحملة على «فيسبوك» أيضاً.
المستشار السياسي السابق لرئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور، الدكتور مصطفى حجازي، دخل بدوره ساحة «رئاسيات السوشيال ميديا» رغم أنه لم يعلن نيته في هذا الشأن صراحة، وانتشرت على صفحات مختلفة صور لملصقات دعائية تحمل صورته، فيما لم يرفض الرجل أو يؤيد، غير أنها كانت فرصة ليبدي مؤيدون تشجيعهم مثل رانيا جاد التي علقت عبر «فيسبوك»: «لديه برنامج ومشروع أشبه بسفينة نوح (...) وضع خطط ومشروعات بدراسات جدوى من علماء مصريين في شتي المجالات والتنفيذ سيكون بيد الشباب». وكما هي العادة، فتح باب الهجوم ضد حجازي، لكنه هذه المرة من مؤيدين لجماعة الإخوان، لم ينسوا مشاركته في النظام السياسي الذي تشكل بعد «ثورة 30 يونيو (حزيران)» التي أطاحت حكم الجماعة، ومنهم رشا إسماعيل التي غردت في «تويتر» مستنكرة ترشحه: «مصطفى حجازي كان مستشار الرئاسة وقت فض رابعة».
مستشار علمي أسبق للرئاسة المصرية، هو عصام حجي، كان محوراً في بورصة الترشيحات، خاصة أنه طرح مبادرة «الفريق الرئاسي» قبل نحو عام لكنه تراجع بسبب ما اعتبره «أجواء لا تسمح بالدفع بمرشح»، ونال حجي نصيبه من التأييد والهجوم على حد السواء.
وبين الحين والآخر، يبث المرشح الرئاسي السابق خالد علي، رسائل إلى متابعيه على «السوشيال ميديا» تتعلق بانتخابات الرئاسة المقبلة، وكان آخرها ما نشره من تصريح جاء على لسانه في حوار صحافي تضمن قوله إنه «سيحدد موقفه من الترشّح للرئاسة قبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، الجاري».
وتقول أستاذ الإعلام، الدكتورة إيناس أبو يوسف، لـ«الشرق الأوسط»، إن التوجه لساحة مواقع التواصل الاجتماعي للتنافس على منصب الرئيس، يرجع إلى «سيطرة خطاب واحد على غالبية المنصات الإعلامية»، فضلاً عن «تراجع دور الأحزاب السياسية».
وأوضحت أن «ميزة عدم خضوع الـ(سوشيال ميديا) للرقابة، تدفع بقوة لصالح تنامي دورها في (التعبير الحر) سياسيا واجتماعياً عن الأفكار التي قد تصدم أو تخالف قطاعات بالمجتمع»
وتعتبر أبو يوسف أن «حالة التنافسية المشروعة استعداداً للانتخابات الرئاسية عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، محاولة لخلق متنفس أوسع للتعبير في المجال العام»، وأضافت: «طالما أن ما يقدم من آراء بين المؤيدين والمعارضين لم يرق إلى درجة العنف والتحريض والتخوين، فنحن بصدد ظاهرة صحية».
الطريق إلى رئاسة مصر يبدأ من مواقع التواصل
الطريق إلى رئاسة مصر يبدأ من مواقع التواصل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة