باسيل في الشوف الأحد تمهيداً لمعركة انتخابية ضد الثنائي جنبلاط ـ الحريري

معطيات لإمكانية خوضها مع وزير المهجّرين طلال أرسلان

TT

باسيل في الشوف الأحد تمهيداً لمعركة انتخابية ضد الثنائي جنبلاط ـ الحريري

يحط وزير الخارجية اللبناني ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل يوم الأحد المقبل، رحاله في قضاء الشوف، وهو أحد أقضية محافظة جبل لبنان، استكمالاً لجولاته الانتخابية على المناطق، والتي انطلق بها باكراً للوقوف على الوضع الداخلي لحزبه في عدد من المدن والقرى، استعداداً للمرحلة المقبلة التي من المفترض أن تظهر خلالها صورة التحالفات الانتخابية.
وتُعتبر دائرة الشوف – عاليه، معقل الزعيم الدرزي، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وتضم 132 ألف ناخب درزي من أصل 325 ألفاً، 39% منهم مسيحيون. ويلعب الصوت السُّني في الدائرة المذكورة دوراً أساسياً بحسم المعركة النيابية، إذ يصوت فيها نحو 60 ألف ناخب سُني مقابل 9 آلاف ناخب شيعي.
ويدفع جنبلاط باتجاه تشكيل لائحة ائتلافية تضم ممثلين عن جميع القوى الرئيسية في المنطقة، لتجنيب الجبل معركة انتخابية مع ما يرافقها من تشنج وعمليات شد عصب حزبي وطائفي، إلا أنه حتى الساعة لا يبدو أن «التيار الوطني الحر» الذي تجمعه بالحزب التقدمي الاشتراكي علاقة أقل من عادية، قد حسم قراره في هذا المجال، وإن كانت المعطيات الحالية تشير إلى إمكانية خوضه المعركة يداً بيد مع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجّرين طلال أرسلان بوجه تكتل (الاشتراكي – المستقبل – القوات – الكتائب).
وأوحت الخطوة التي قام بها «التيار الوطني الحر»، أمس، بإيفاد ممثلين عن هيئة الشوف إلى منزل النائب جنبلاط لدعوته للمشاركة في الغداء الذي يُقام الأحد المقبل في المنطقة على شرف الوزير باسيل، بإمكانية حصول خروقات ما على صعيد التقارب بين الفريقين السياسيين اللذين ساءت العلاقة بينهما مجدداً منتصف الشهر الحالي، على خلفية انتقاد باسيل مؤخراً ما يُسمى «مصالحة الجبل» التي تمت بين الدروز والمسيحيين ورعاها البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير عام 2001.
وأفاد بيان لمفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، أول من أمس، بأن الوفد العوني «نقل دعوة للنائب جنبلاط واللقاء الديمقراطي، للمشاركة في زيارة الوزير باسيل للشوف، مبدياً كل الحرص على أن تكون هذه الزيارة جامعة لكل أطياف الجبل». ولفت البيان إلى أن «الوفد الاشتراكي (الذي استقبل الوفد العوني) نقل عن جنبلاط ترحيبه بهذه الزيارة والمشاركة فيها من قبل أبناء المنطقة بما يعزز ويكرس المصالحة».
وحثّ القيادي في «التيار الوطني الحر» الوزير السابق ماريو عون على عدم تحميل خطوة التيار أكثر مما تحتمل، لافتاً إلى أن «هناك سعياً لتمثيل كل القوى الرئيسية في الغداء الذي يُقام في المنطقة على شرف الوزير باسيل، ومن هنا كان من الواجب دعوة النائب جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي للمشاركة فيه». وقال عون لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أنه وصلنا تمني جنبلاط تشكيل لائحة ائتلافية في دائرة الشوف – عاليه، إلا أن صورة التحالفات وتركيب اللوائح لا تزال بالنسبة إلينا غير واضحة، باعتبار أننا لا نزال نركز على تنظيم وضعنا الداخلي». وإذ وصف عون العلاقة مع «التقدمي الاشتراكي» بـ«العادية»، نافياً أن يكون هناك أي عداء معه، أشار إلى أن العلاقة لا تقارن بعلاقته مع «القوات اللبنانية»، مشيراً إلى أن انتقاد الوزير باسيل أخيراً لـ«مصالحة الجبل»، يندرج تحت إطار «الحث على استكمالها بخطوات أكثر فعالية على الصعيد الإنساني والاقتصادي، وبالتحديد ما يتعلق بالعودة».
من جهته، أكد أمين السر العام في «الحزب التقدمي الاشتراكي» ظافر ناصر، أن النائب جنبلاط عمّم على القياديين في الحزب وجمهوره «التفاعل بإيجابية والترحيب بزيارة الوزير باسيل إلى الشوف حتى قبل توجيه الدعوة من هيئة التيار الوطني الحر»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الدعوة التي وُجّهت بمثابة رسالة على حرص التيار على أن تكون الزيارة جامعة، وقد تلقفناها بإيجابية، ونحن جاهزون للبناء عليها». وأشار ناصر إلى أن جنبلاط يتمسك بطرحه تشكيل لائحة ائتلافية في الجبل «من منطلق أن من شأن ذلك أن يشكل مدماكاً إضافياً لعملية تحصين المصالحة وإعطائها بُعدها الحقيقي»، لافتاً إلى أنه «حتى الساعة لا أجوبة نهائية من القوى السياسية، ولا مفاوضات مباشرة بعد بشأن التحالفات واللوائح الانتخابية». وأضاف: «أما بخصوص العلاقة مع التيار، فلا ننكر أنه يشوبها شيء من اللا إيجابية في بعض المحطات، لكن حرصنا دائم على التعاون والشراكة لإيجاد قواسم مشتركة مع (الوطني الحر) ومختلف القوى الأخرى».
وتضم دائرة الشوف – عاليه 13 نائباً موزعين ما بين: 8 للشوف و5 لعاليه، 5 منهم موارنة، و4 دروز، و2 سُنة، ونائب عن الروم الكاثوليك، ونائب عن الروم الأرثوذكس. وحسب الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، فإنه ووفق القانون الانتخابي الأكثري الذي جرت على أساسه انتخابات عام 2009، كان النائب جنبلاط وبتحالفه مع تيار «المستقبل» قادراً على الفوز بكل المقاعد، أما وفق القانون النسبي الجديد، فإن التحالفات تلعب دوراً أساسياً لحسم عدد المقاعد التي قد يحصل عليها الزعيم الدرزي. وأشار شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بات من شبه المؤكد أنه سيكون هناك تحالف بين جنبلاط والحريري في الدائرة المذكورة، على أن ينسحب إلى البقاع الغربي وبيروت»، لافتاً إلى أن «الموقع الذي سيتخذه حزب (القوات) إلى جانب جنبلاط أو باسيل سيكون مؤثراً، وإن كانت الإحصاءات ترجح حصول الثنائي جنبلاط – الحريري وحلفائهم على ما بين 10 و11 مقعداً مقابل 3 أو 4 مقاعد لتحالف باسيل – أرسلان».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.