سلامة يبحث حل عُقد «الصخيرات» في ليبيا

لجنة حقوقية تطالب بتحقيق دولي في «تورط قطر في تمويل الإرهاب»

مهاجرون أفارقة في مدينة مصراتة الساحلية في انتظار فرص عمل في المدينة (رويترز)
مهاجرون أفارقة في مدينة مصراتة الساحلية في انتظار فرص عمل في المدينة (رويترز)
TT

سلامة يبحث حل عُقد «الصخيرات» في ليبيا

مهاجرون أفارقة في مدينة مصراتة الساحلية في انتظار فرص عمل في المدينة (رويترز)
مهاجرون أفارقة في مدينة مصراتة الساحلية في انتظار فرص عمل في المدينة (رويترز)

للمرة الثانية في أقل من شهر، وصل المبعوث الأممي لدي ليبيا غسان سلامة إلى طرابلس، أمس، للقاء رئيسي المجلس الرئاسي فائز السراج، والمجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن السويحلي، في محاولة للوساطة والتوافق على الصياغة النهائية لتعديل «اتفاق الصخيرات»، قبل أن ينتقل إلى طبرق (شرق البلاد) للقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
واستهل سلامة لقاءاته بالاجتماع مع وزير الخارجية في حكومة الوفاق محمد طاهر سيالة. وقالت بعثة الأمم المتحدة في تغريدة عبر «تويتر» أمس، إن اللقاء «ناقش العملية السياسية، ونتائج اجتماعات لجنة الصياغة المشتركة».
وفي تصريحات لوسائل الإعلام على هامش لقاءاته في طرابلس، أمس، قال المبعوث الأممي إن «محادثات تونس لم تكن أبداً حواراً، وأنا لم أسمّها كذلك، فالحوار له شروط، وهي أن تضع له برنامج عمل، كما أن عليك أن تختار بنفسك الحلفاء المتحاورين كي يكونوا ممثلين لمختلف الشعب الليبي». وأشار إلى أن «ما جرى هو إنشاء لجنة صياغة مشتركة من المجلسين (النواب والأعلى للدولة) بهدف التوصل إلى صياغة مشتركة للتعديلات قبل إقرارها من البرلمان».
وأضاف سلامة: «أنا مسرور لأنه بعد نحو سنتين على اتفاق الصخيرات للمرة الأولى، تنشأ لجنة مشتركة وفقاً للاتفاق، وهذه سابقة جيدة للمستقبل، لأن هناك مواد عدة في الاتفاق السياسي تدعو بوضوح إلى التشاور». وأشار إلى أن وفدي المجلسين «وجدا أن من واجبهما استشارة المجلسين في كل من طبرق وطرابلس قبل أن يعودا إلينا بجواب سلبي أو إيجابي حول النقاط الخلافية».
وقال عضو مجلس النواب عن طرابلس سعد المريمي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اجتماعات أعضاء لجنتي الحوار الممثلتين لمجلسي النواب والأعلى للدولة في تونس، تمحورت حول بقاء شخصيات بعينها في السلطة»، مشيراً إلى أن «التيار الذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين في الحوار يريد أكبر قدر من مكاسب السلطة».
وذهب المريمي إلى أن «السويحلى والسراج وصالح، جميعهم يريدون البقاء في المشهد السياسي». ورأى أن لجنة الحوار «انطلقت في أعمالها للإبقاء على هذه المجموعة، لا للتحاور من أجل حل إشكاليات تتعلق بالمشهد السياسي الليبي المعقد».
وكشف مصدر مطلع على اجتماعات لجنة الصياغة، أن المادة الثامنة المتعلقة بالمناصب العسكرية والأمنية من «اتفاق الصخيرات» لا تزال هي العائق الحقيقي أمام فريقي الحوار، مشيراً إلى أن «كل فريق يتمسك بمكتسباته في السلطة، ولا يريد التنازل عنها».
واختتمت لجنة الصياغة المشتركة لمجلسي النواب والأعلى للدولة جولتها الثانية من الاجتماعات حول صيغ التعديلات على الاتفاق السياسي الليبي، السبت الماضي، بحضور سلامة. وقالت البعثة الأممية حينها إن طرفي الحوار «توافقا على تحديد نقاط عدة، بينما لا تزال نقاط الاختلاف قائمة»، مشيرة إلى أنها تعمل على صياغة ذلك في تقرير لعرضه على طرفي الحوار.
كان المبعوث الأممي قد التقى مطلع الشهر الجاري السراج والسويحلي وصالح وحفتر لبحث تعقيدات تعديل الاتفاق. وبدأت اللجنتان الممثلتان لمجلسي النواب والأعلى للدولة أولى جولات المفاوضات في تونس في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي لتعديل الاتفاق الموقّع في المغرب نهاية 2015، وفقاً لخطة سلامة.
وكان السويحلي قد رفض «عسكرة ليبيا تحت أي ذريعة»، في كلمة أول من أمس، مشيراً إلى أن «نجاح خريطة الطريق الأممية مرهون بتعهد الأطراف كافة بالامتناع عن استخدام العنف أو الاحتكام إلى منطق القوة كوسيلة لتحقيق المصالح السياسية».
وشدد على «رفض ارتهان مصير الوطن لأي شخص مهما كان دوره، لأن في ذلك إهانة للشعب الليبي، واستخفافاً بكرامته التي استعادها في ثورة السابع عشر من فبراير (شباط)». وأعرب عن «استعدادي الدائم للتنازل وتغليب المصلحة الوطنية العليا على أي مصالح ضيقة أخرى». ودعا الليبيين «على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم» إلى «طي صفحة الماضي والتسامي على الجراح، ونبذ الفرقة والخلاف، وتغليب الصالح العام على المصالح الجهوية والحزبية الضيقة».
يأتي ذلك في وقت طالبت فيه «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، محكمة الجنايات الدولية، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ولجنة مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن، بـ«فتح تحقيق دولي شامل حيال تورط السلطات القطرية في دعم التنظيمات الإرهابية في ليبيا وتمويلها تحت غطاء المساعدات الإنسانية».
وقالت اللجنة في بيان، أمس، إن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني «أقر في حوار مع مجلة (جون أفريك) الناطقة الفرنسية، بوصول تمويل من بلاده لجماعات إرهابية في ليبيا والساحل الأفريقي، عندما قال إن المستهدف كان تمويل نشاطات خيرية قبل أن يصل بالخطأ إلى جيوب الإرهابيين»، معتبرة أن «ما ذهب إليه ادعاء».
وأشارت إلى أن «التمويل القطري للإرهاب في ليبيا أدى إلى تفاقم خطر وتهديد التنظيمات والجماعات الإرهابية، وأسهم في سقوط عديد من الضحايا والمصابين من المدنيين والعسكريين، جراء العمليات الانتحارية والهجمات والاغتيالات في مناطق كثيرة من البلاد بينها بنغازي ودرنة وبراك الشاطئ ومنطقة الهلال النفطي خليج السدرة».
ورأت أن التحركات القطرية في ليبيا «تعد خرقاً وانتهاكاً للقوانين الدولية»، متهمة الدوحة بـ«استغلال الهلال الأحمر القطري، وتوظيف العمل الإنساني والخيري لصالح دعم التنظيمات الإرهابية في البلاد، في جريمة نكراء وعمل غير أخلاقي يتنافى مع القيم الإنسانية». ولفتت إلى أن «المتعارف عليه أن الهلال الأحمر في العالم يقدم مساعدات إنسانية لإنقاذ حياة المواطنين بإرسال الدم والدواء والغذاء والغطاء، أما الهلال الأحمر القطري فأرسل الرصاص والقنابل والمال لقتل الليبيين».
ودعت إلى «تحرك عملي لإلزام قطر بتعويض ضحايا الإرهاب، وأن يتضمن التعويض الحق الجنائي والمدني الذي يجب الحصول عليه من الداعمين للجماعات الإرهابية من خلف الستار بدعوى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».