الحكومة الفلسطينية تعقد أول اجتماع مشترك لها بين رام الله وغزة

وزراء يوقّعون قرارات... و{حماس} تشيد بتسلمهم وزاراتهم بسلاسة

فلسطينيون في غزة ينتظرون افتتاح المركز الرئيسي لشركة «الوطنية موبايل» (أ.ب)
فلسطينيون في غزة ينتظرون افتتاح المركز الرئيسي لشركة «الوطنية موبايل» (أ.ب)
TT

الحكومة الفلسطينية تعقد أول اجتماع مشترك لها بين رام الله وغزة

فلسطينيون في غزة ينتظرون افتتاح المركز الرئيسي لشركة «الوطنية موبايل» (أ.ب)
فلسطينيون في غزة ينتظرون افتتاح المركز الرئيسي لشركة «الوطنية موبايل» (أ.ب)

بدأ بعض وزراء حكومة التوافق الوطني الفلسطينية اتخاذ قرارات إدارية تخص تحسين العمل في وزاراتهم، وربطها بالدوائر الموجودة في الضفة الغربية، ووضع خطط لتحسين العمل الحكومي، في إطار مهمتهم الموكلة لهم ببسط سيطرتهم على الوزارات، وتمكينهم من العمل وفق اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس.
ويصل الآن بشكل شبه يومي كثير من الوزراء في الضفة إلى قطاع غزة، عبر معبر بيت حانون (إيرز)، برفقة وفود حكومية من وزاراتهم، ويعقدون اجتماعات مكثفة، ويتسلمون مكاتب ومقار تابعة لوزاراتهم. وبموازاة هذا، وصلت قيادات من المجلس الثوري لحركة فتح، في الساعات الأخيرة، إلى قطاع غزة، وعقدوا لقاءات تنظيمية في إطار العمل التنظيمي الجديد للحركة بغزة بعد إنهاء الانقسام.
وفي خطوة من شأنها تعزيز عمل المؤسسة الواحدة في الضفة وغزة، عقدت الحكومة الفلسطينية اجتماعها الأسبوعي عبر الـ«فيديو كونفرنس» بين رام الله وغزة، بمشاركة وزراء غزة من مقر الحكومة بالضفة، وبعض وزراء الضفة من مقر مجلس الوزراء بغزة، وذلك لأول مرة منذ 11 عاما. وقالت الحكومة في بيان لها عقب الاجتماع إنها تعكف على إعداد خطة لإنعاش قطاع الطاقة الكهربائية في قطاع غزة خلال العام الحالي، وإنها تعمل على توفير الإمكانات كافة، بما في ذلك الموارد المالية والخطط لزيادة مصادر الطاقة في القطاع.
وأكدت أنها تولي اهتماما كبيرا للاحتياجات والأولويات في قطاع غزة، كما أكدت استعدادها التام لتلبية كل ما هو مطلوب وفقا للإمكانات المتاحة، مشيرة إلى أنها بدأت العمل من خلال زيارات مستمرة ومكثفة لوزرائها لزيادة فعالية جميع الوزارات والدوائر الحكومية في القطاع، ودمجها وترتيب هيكلها الوظيفي، وتمكينها من استئناف علمها بالشكل المطلوب، وتحسين جودة الخدمات المقدمة لسكان القطاع، وذلك بانسجام تام مع الجهد الوطني المبذول لإعادة اللحمة للوطن، وفقا لبيانها.
وباركت الحكومة إطلاق عمليات شركة «الوطنية موبايل» في قطاع غزة، لما سيكون لذلك من أثر مباشر على الاقتصاد، ويساهم في إنعاشه في القطاع، سواء من خلال خلق الوظائف المباشرة وغير المباشرة، أو من خلال فتح آفاق الأعمال المرتبطة بتكنولوجيا الاتصالات، وفتح باب التنافس النزيه لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين، مشيرة إلى أن الحصار الإسرائيلي وسياسيات الاحتلال أدت إلى تأخر إطلاق الشركة لسنوات طويلة، مما أدى إلى خسائر مالية كبيرة.
ومن أبرز القرارات التي اتخذها الوزراء الذين وصلوا إلى قطاع غزة من الضفة، إعادة 151 مدرسا من موظفي السلطة الفلسطينية «المستنكفين» إلى المدارس، بقرار من وزير التربية والتعليم، صبري صيدم، ضمن مخطط لإعادة ما يلزم من المدرسين وموظفي وزاراته. فيما أصدر وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، علام موسى، خلال اجتماع عقده مع موظفي الوزارة بالضفة وغزة، توجيهاته بالعمل على توحيد الإدارات بين الجانبين، وتوحيد الرؤى والأهداف، والإعداد لخطة تشغيلية للعام المقبل تكون ذات طابع موحد، مشددا في قراراته على ضرورة العمل بفريق واحد ومواكبة التطور التكنولوجي في قطاع غزة، وتوحيد الوزارة فنيا وتكنولوجيا وإعلاميا. أما وزير النقل والمواصلات، سميح طبيلة، فوقع على مجموعة من التوصيات والقرارات لحل المشكلات المتعلقة بهذا القطاع، ومنها مسألة الازدواج الضريبي التي يعاني منها المواطنون والتجار في غزة، وذلك قبل نهاية العام الحالي، خصوصا فيما يتعلق بتراخيص السيارات.
وقال متحدث باسم حركة حماس، إنه بعد الزيارات اليومية المتواصلة للوفود الحكومية، فإن عددا من الوزراء والوكلاء أصبحوا على رأس أعمالهم في قطاع غزة، بعد تسلمهم مهامهم بسلاسة ودون أدنى معوقات.
وقال عبد اللطيف القانوع، الناطق الإعلامي باسم الحركة، في تصريح صحافي له، إن هذا يعكس مستوى التعاون العالي والجدية التامة من وزارات غزة لإنجاح عمل الحكومة وتحقيق المصالحة، مضيفا: «نتمنى أن تمارس الحكومة أعمالها وتقوم بدورها لتحسين الخدمات وحل الأزمات لأهلنا في قطاع غزة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.