تونس: السبسي يقر قانون المصالحة مع رموز النظام السابق

TT

تونس: السبسي يقر قانون المصالحة مع رموز النظام السابق

صادق الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أمس، على القانون الأساسي المتعلق بالمصالحة في المجال الإداري مع رموز النظام السابق، لينهي بذلك الجدل الذي أحالته إليه هيئة مراقبة دستورية لمشاريع القوانين، بعدما فشلت في التوصل إلى قرار.
وأيد ثلاثة أعضاء في الهيئة الطعن في هذا القانون، فيما أجازه ثلاثة أعضاء، فأحالته الهيئة على رئيس الجمهورية الذي كان بإمكانه إعادته إلى البرلمان الذي صادق عليه الشهر الماضي. إلا أن السبسي اتخذ قرارا بإجازة القانون، وهو ما ستكون له تداعيات على المشهد السياسي، خصوصا في علاقة المعارضة بالائتلاف الحاكم.
وقال المحلل السياسي، جمال العرفاوي، إن «تمرير هذا القانون تم باتفاق بين حزب النداء وحركة النهضة»، معتبرا أن «غايات انتخابية تكمن وراء الإصرار على هذا القانون الذي من الصعب أن يتمخض عن تغييرات ملحوظة على المستوى الاقتصادي أو على مستوى الاستثمارات المقبلة على تونس».
وشهد هذا القانون تطورات وتقلبات عدة منذ اقترحه الرئيس على البرلمان في يوليو (تموز) 2015، ووجهت المعارضة انتقادات عدة إلى الاقتراح، واعتبرته «محاولة للإفلات من العقاب والمساءلة، وتعطيلا لقانون العدالة الانتقالية الذي يتضمن مراحل المساءلة والمصارحة قبل المصالحة».
وفي محاولة لتفكيك الملف وإقناع أطراف سياسية معارضة بجدوى التصديق على هذا القانون، تم الفصل بين المصالحة الإدارية والمصالحة مع رجال الأعمال، خصوصا فيما تعلق بمخالفة قوانين صرف العملة الأجنبية.
واتهمت أحزاب معارضة الرئيس بـ«رد الجميل» لمجموعة من رجال الأعمال مولوا حملة حزبه «نداء تونس» في انتخابات 2014، فيما دافعت قيادات «نداء تونس» عن القانون، وقالت إنه يهدف إلى «تهيئة مناخ ملائم يشجع على تحرير روح المبادرة في الإدارة والنهوض بالاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة في مؤسسات الدولة».
وبحسب نص القانون، سيتمتع بالعفو العام عن قضايا الفساد التي تلاحقهم «الموظفون وأشباههم الذين تمت مؤاخذتهم على أفعال متصلة بمخالفة التراتيب أو الإضرار بالإدارة لتحقيق منفعة لا وجه لها للغير»، ويُستثنى من هذا العفو «من كانت الأفعال المنسوبة إليهم تتعلق بقبول رشى أو الاستيلاء على أموال عمومية».
على صعيد آخر، أكدت «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» تقدم 27 مرشحا لخوض الانتخابات البرلمانية الجزئية الخاصة بمقعد برلماني وحيد يمثل التونسيين المقيمين في ألمانيا. وقال عضو الهيئة، عادل البرينصي، إن المرشحين يمثلون 11 قائمة حزبية و15 قائمة انتخابية مستقلة وقائمة ائتلافية واحدة.
وتجرى هذه الانتخابات منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل، للفوز بمقعد النائب حاتم الفرجاني (حزب «نداء تونس») الذي بات وزير دولة مكلفا الدبلوماسية الاقتصادية في التعديل الوزاري الأخير.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».