الجزائر: نجل بوضياف يحتج على «منعه» من تأسيس حزب

TT

الجزائر: نجل بوضياف يحتج على «منعه» من تأسيس حزب

احتج ناصر بوضياف، نجل الرئيس الجزائري السابق محمد بوضياف الذي اغتيل في 1992 على «تجاهل» الحكومة ملفاً أودعه لدى وزارة الداخلية، لإطلاق حزب قال إنه «مكمل لحزب الثورة الاشتراكية» الذي أطلقه والده في 1963 حين كان معارضاً للرئيس أحمد بن بلة.
وكشف بوضياف للصحافة، أمس، عن رسالة رفعها إلى وزير الداخلية نور الدين بدوي، يبدي فيها استياءه من «مماطلة إدارة الداخلية في الرد على طلبي، وهذا الرفض يعطينا فكرة عن حال ممارسة الديمقراطية في بلادي». وقال إنه أطلق اسم «الجزائر أولاً وقبل كل شيء» على حزبه، وهو شعار كان رجل الثورة بوضياف يردده كثيراً.
وأوضح ناصر أن وزارة الداخلية استقبلت طلبه «برد مختصر لا يليق بمقام مشروع بوضياف السياسي، إذ طلب مني موظف أخذ موعد عبر اتصال هاتفي، وكما كنت أتوقع لا أحد رد علي». وأشار إلى أن الحزب الذي يسعى إلى إطلاقه «يبتغي لم شمل الشعب الجزائري حول مشروع مجتمع، سينجزه رجال ونساء غير معروفين، تتوفر فيهم ميزة الإخلاص والنزاهة». وقال إن «الجزائر في حاجة ماسة إلى نفس جديد، وخطاب جديد لاستعادة الأمل... خطاب له مصداقية هدفه استعادة الشعب ثقته في الطبقة السياسية. خطاب بسيط وواضح كالذي كان يستعمله محمد بوضياف خلال الأيام القصيرة التي قضاها على رأس الدولة، قبل أن يسقط ضحية الاغتيال الجبان». وتناولت رسالة بوضياف تصريحات لرئيس الوزراء أحمد أويحيى الأسبوع الماضي، جاء فيها أن «الديمقراطية في الجزائر متطورة قياساً ببقية بلدان شمال أفريقيا». وساق هذا التصريح في محاولة للتأكيد على أن الواقع لا يعكس تعهدات كبار المسؤولين.
وأضاف أن «الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في وطننا تدعو أصحاب الضمائر الحية إلى التجند لمواجهة المخاطر الداخلية والخارجية، وللأسف فالطبقة السياسية لا تقترح شيئا جاداً للتصدي للأخطار، خصوصاً الأمنية منها، زيادة على الأزمة المالية الحادة التي تعاني منها البلاد».
وأوقف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تأسيس أحزاب عندما وصل إلى الحكم في 1999 لكنه تخلى عن هذا القرار في 2012 تحت ضغط من الانتفاضات العربية، ما سمح بإنشاء نحو 20 حزباً جديداً.
وقُتل بوضياف الأب بالرصاص عندما كان يلقي خطاباً في قاعة فسيحة بمدينة عنابة (600 كلم شرق العاصمة) في يونيو (حزيران) 1992 وكان الملازم لمبارك بومعرافي، وهو أحد الضباط المكلفين بحراسته، وراء الرئيس الراحل، وهو من أطلق النار عليه بسلاحه الرشاش. ودانته محكمة الجنايات في العاصمة بالإعدام، لكن الحكم لم ينفذ بسبب تخلي الجزائر عن تطبيق هذا النوع من الأحكام منذ 1993 فتحولت عقوبته إلى السجن مدى الحياة. ولم ينطق بومعرافي بكلمة واحدة خلال المحاكمة التي جرت في 1994 ودامت 15 يوماً.
والرواية الرسمية للاغتيال تواجه بتشكك واسع. وما هو شائع أن مسؤولين بارزين قتلوه، بحجة أنه أبدى عزماً على محاسبتهم لضلوعهم في فضائح فساد خطيرة. وصرح نجله في وقت سابق بأنه يشعر «بعدم جدوى البحث عن المجرمين الحقيقيين، بسبب أوضاع البلاد المتردية سياسيا واقتصاديا».
وقال ناصر للصحافة المحلية العام الماضي إنه لا يعترف بفرضية «العمل المعزول» التي تفيد بأن الملازم بومعرافي هو من دبَر ونفذ الاغتيال، وأنه لا يوجد من حرضه ولا من ساعده على ارتكاب الجريمة. وطالب من الرئيس بوتفليقة «فتح تحقيق جاد» في حادثة الاغتيال، واعتبر أن «القضاء عليه أن يستمع إلى شهادة رئيس المخابرات السابق الجنرال محمد مدين لأنه على علم بكل شيء».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».