«لم يعد بإمكاننا العودة مرة أخرى إلى طوزخورماتو؛ فبيوتنا فُجّرت وحرقت من قبل عدد من فصائل الحشد الشعبي»... هذا ما يقوله غالبية النازحين الكُرد من قضاء طوزخورماتو جنوب كركوك التي سيطرت عليها الحشد الشعبي في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بعد انسحاب قوات البيشمركة منها.
ورغم التطمينات التي منحتها الحكومة العراقية للأكراد في طوزخورماتو، وتأكيدها لهم أن حياتهم وممتلكاتهم ستكون مصونة من قبل الجهات الأمنية الحكومية، فإن عمليات الحرق والتفجير والاعتقال والقتل التي يقول النازحون منها إن فصائل من «الحشد» مارستها في المدينة إبان سيطرتها عليها دفعت بسكانها الكرد إلى الهرب منها، تاركين خلفهم كل ما يمتلكون، منتشرين في غالبية مدن الإقليم كنازحين ينتظرون المجتمع الدولي أن يمد لهم يد المساعدات، ويقدم لهم الدعم كي يتمكنوا من العودة مرة ثانية إلى المدينة.
ويقول النازح كاروان حبيب، الذي نزح الأسبوع الماضي من طوزخورماتو لـ«الشرق الأوسط»: «نزحت بسبب المعارك وسيطرة الحشد الشعبي والقوات العراقية على طوزخورماتو أكثر من 15 ألف عائلة كردية»، لافتا إلى أن فصائل «الحشد» أقدمت خلال الأيام الماضية على نهب وحرق وتفجير منازل المواطنين ومقاتلي البيشمركة وقوات الآسايش (الأمن الكردي) والموظفين الأكراد في القضاء.
ويروي حبيب قصة مواطن من طوزخورماتو يدعى سعيد صالح، انتحر هو وعائلته بالكامل بعد أن تعرضوا للإهانة والاعتداء من قبل مسلحي «الحشد» على خلفية عودتهم إلى المدينة، كاشفا عن أن الحشد نفذ عملية تغيير ديموغرافية في طوزخورماتو من خلال إخراج العوائل الكردية، وتحويل المدينة إلى مدينة شيعية يسكنها المتطرفون، لافتا إلى أن «الحشد» استخدم خلال العامين الماضيين الطريقة نفسها في الاستيلاء على أراضي القرى العربية السنية في حدود القضاء بعد تحريرها من «داعش».
بدوره، أوضح المواطن زانيار رشاد فاتح، النازح من قضاء طوزخورماتو: «ما تعرضنا له كارثة إنسانية حقيقية، والنازحون يعيشون ظروفا إنسانية صعبة، المساعدات الموزعة على النازحين حتى الآن تتمثل بوجبة من المواد الغذائية التي لا تكفي سوى عشرة أيام، وهناك حاجة إلى مساعدات أكبر»، داعيا حكومة الإقليم والمجتمع الدولي إلى نجدة النازحين وتقديم المساعدات اللازمة لهم، مبينا أن فصل الشتاء على الأبواب والنازحون في حاجة إلى مخيمات ووسائل التدفئة والملابس، إضافة إلى ضرورة حل مشاكل الطلبة النازحين وتوفير التعليم لهم كي لا تفوتهم سنة دراسية.
وتزامنا مع الأحداث التي تشهدها المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، كشف رئيس اللجنة العليا للمتابعة والرد على التقارير الدولية التابعة لحكومة الإقليم ديندار زيباري، في مؤتمر صحافي عقده أمس في أربيل، عن إحصائيات بأعداد المدنيين، وقال: إن قوات «الحشد» في المناطق المتنازع عليها بعد مرور أسبوع من فرضها السيطرة على هذه المناطق: «قتلت نحو 400 مدني في كركوك و200 في قضاء طوزخورماتو، ومثلت بجثث القتلى، واعتقلت هذه القوات نحو 50 شخصاً في حي رحيماوة في كركوك دون مذكرة اعتقال من أي محكمة»، لافتا إلى أن «الحشد» أحرق 1200 منزل في طوزخورماتو، مؤكدا أن «كردستان وثقت جرائم الحشد الشعبي بالفيديوهات والوثائق».
في غضون ذلك، أشار رئيس حكومة الإقليم، نيجيرفان بارزاني، أمس، في حديث للصحافيين في أربيل، إلى أعداد نازحي أربيل وطوزخورماتو في الإقليم، وقال «بلغ عدد النازحين من كركوك وطوزخورماتو منذ بدء الأزمة وحتى الآن نحو 150 ألف مواطن»، مضيفا أن حكومة الإقليم تجري اتصالاتها مع الأمم المتحدة لتقديم المساعدات اللازمة للنازحين.
أربيل تتهم «الحشد» بقتل 600 مدني في كركوك وطوزخورماتو
نازحون أكراد يناشدون المجتمع الدولي حمايتهم
أربيل تتهم «الحشد» بقتل 600 مدني في كركوك وطوزخورماتو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة