نمو الاستثمارات الأجنبية في تونس 13.6 في المائة منذ بداية العام

TT

نمو الاستثمارات الأجنبية في تونس 13.6 في المائة منذ بداية العام

كشفت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي في تونس (هيكل حكومي) عن أحدث الإحصائيات المتعلقة بنسق الاستثمارات الخارجية المقبلة على تونس، فأكدت على تسجيلها نمواً بنسبة 13.6 في المائة حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأكد خليل العبيدي، المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، أن قيمة تلك الاستثمارات الأجنبية بلغت أكثر من 1.6 مليار دينار تونسي (نحو 667 مليون دولار) منذ بداية السنة حتى سبتمبر، ومن المنتظر أن تتطور خلال الفترة المقبلة بإقرار ميزانية الدولة لسنة 2018 والإفصاح عن مجموع المشاريع الحكومية التي تحتاج لتمويلات مالية محلية أو دولية.
ووفق العبيدي، فقد نمت الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال تلك الفترة بنسبة 13.2 في المائة، مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، واستحوذت هذه النوعية من الاستثمارات على النصيب الأكبر من الاستثمارات الأجنبية المقبلة على السوق التونسية، وذلك بما لا يقل عن 1.59 مليار دينار. وأيضا خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية، تطور حجم الاستثمارات في المحافظ بنسبة 27.7 في المائة، وذلك باستثمار نحو 56.4 مليون دينار.
وبشأن توزيع هذه الاستثمارات حسب القطاعات والأنشطة الاقتصادية، فقد تقلصت قيمة الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة بما يناهز 9.3 في المائة، لتقدر بنحو 707 ملايين دينار تونسي. ووفق خبراء في المجال الاقتصادي، يعود ذلك بالأساس إلى تراجع عمليات منح تراخيص التنقيب والكشف عن المحروقات في تونس، وإلى تراجع أسعار النفط على المستوى العالمي.
وفي مقابل تراجع استثمارات قطاع الطاقة، سجل الاستثمار الخارجي في المجال الصناعي نموا كبيرا قدر بنحو 41.3 في المائة، بما يعادل في قيمته 706 ملايين دينار تونسي.
وبدورها وخلال الفترة نفسها، عرفت الاستثمارات الأجنبية في قطاع الخدمات نسقا تصاعديا بنسبة 39.7 في المائة، ويبقى تدفق الاستثمارات الأجنبية في قطاع الزراعة ضعيفا رغم ارتفاعه بنسبة 47.1 في المائة، وذلك مقارنة بسنة 2016. ويترجم هذا الضعف بحجم التمويلات الخارجية الذي لا يتجاوز حدود 15.8 مليون دينار تونسي، وهذا مبلغ ضئيل بالنظر إلى الإمكانيات العريضة المتاحة أمام المستثمرين في القطاع الفلاحي التونسي.
وبشأن مستقبل الاستثمارات الأجنبية في تونس، قال عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادي التونسي، إن تونس تعول على إيفاء عدد من هياكل التمويل الدولية بوعودها الاستثمارية التي قدمتها خلال المنتدى الدولي للاستثمار «تونس 2020» الذي عقد خلال نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهي الوعود المقدرة بصفة إجمالية بنحو 34 مليار دينار تونسي (نحو 14 مليار دولار).
واعتبر سعيدان أن مناخ الاستثمار في تونس تطور خلال السنوات الأخيرة بإقرار قانون جديد للاستثمار وتجاوز عدد من المعوقات الإدارية، ومن شأن هذه التطورات أن تزيح شبح التهديدات التي كانت موجهة إلى الاقتصاد التونسي، خاصة بضرب السياحة وتعطيل محركات الإنتاج.
وطالب سعيدان رؤوس الأموال المحلية بالتوجه إلى المناطق الداخلية في تونس وتوفير فرص العمل هناك، واعتبر أن نجاحها في تلك الجهات من شأنه أن يشجع رؤوس الأموال التونسية على القدوم إلى تونس على حد تعبيره.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.