أزمة مغربية ـ جزائرية بعد اتهام مساهل للرباط بتبييض أموال المخدرات

المغرب يستدعي سفيره في الجزائر للتشاور

وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل خلال إلقائه كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي (رويترز)
وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل خلال إلقائه كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي (رويترز)
TT

أزمة مغربية ـ جزائرية بعد اتهام مساهل للرباط بتبييض أموال المخدرات

وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل خلال إلقائه كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي (رويترز)
وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل خلال إلقائه كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر الماضي (رويترز)

قرر المغرب استدعاء سفيره بالجزائر للتشاور، إثر تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل حول السياسة الأفريقية للمغرب، وهي تصريحات اعتبرها بيان لوزارة الخارجية المغربية «خطيرة وغير مسؤولة».
وكان مساهل قد هاجم المغرب بشدة، خلال ملتقى لرجال الأعمال نُظّم أول من أمس في الجزائر، رافضاً وصف تجربة المغرب في مجال الاستثمار والاقتصاد بـ«النموذجية» على المستوى الإقليمي.
وبعدما قال إن «الجزائر ليست المغرب»، أضاف أن المغرب لا يستثمر في أفريقيا، وأن ما تقوم به البنوك المغربية في القارة السمراء هو مجرد «إعادة تدوير أموال الحشيش وتبييضها»، وأن شركة الطيران المغربية «تنقل إلى أفريقيا أشياء أخرى غير المسافرين». كما انتقد مساهل السياسة الاقتصادية للمغرب، التي وصفها بأنها حوّلت البلاد إلى منطقة حرة مفتوحة أمام الاستثمارات الأجنبية.
وختم مساهل خطابه بالدعوة إلى الترويج للاستثمار في الجزائر، وإبراز جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية، باعتبارها من أكثر البلدان «جمالاً واستقراراً» في العالم، على حد قول وزير الخارجية الجزائري.
وعلى أثر هذه التصريحات، استدعت وزارة الخارجية المغربية، مساء أول من أمس، القائم بالأعمال بسفارة الجزائر بالرباط «لإبلاغه بالطابع غير المسؤول، بل و(الصبياني) لهذه التصريحات التي صدرت، فوق ذلك، عن رئيس الدبلوماسية الجزائرية الذي يفترض فيه التعبير عن المواقف الرسمية لبلاده على الصعيد الدولي».
وأشارت الخارجية المغربية، في بيانها، إلى أن «هذه التصريحات التي لا تستند إلى أي أساس، ليس من شأنها المساس بصدقية، ولا بنجاح، تعاون المملكة المغربية مع الدول الأفريقية الشقيقة، الذي حظي بإشادة واسعة من لدن قادة الدول الأفريقية، وبتقدير السكان والقوى الحية بالقارة».
وأضاف البيان: «إن هذه المزاعم الكاذبة لا يمكنها تبرير الإخفاقات، أو إخفاء المشكلات الحقيقية، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لهذا البلد، التي تمس شرائح عريضة من الجزائريين، خصوصاً الشباب».
وأشار بيان الخارجية المغربية إلى أن «الانخراط لفائدة أفريقيا لا يمكن اختزاله في مجرد مسألة موارد مالية، وإلا لحققت الجزائر، بإيراداتها النفطية، نجاحاً بهذا الصدد»، مبرزاً أن «الأمر يتعلق برؤية واضحة إرادية وفاعلة، تؤمن بالدول والشعوب الشقيقة في أفريقيا، وتستثمر في مستقبل مشترك إلى جانبها».
وتابع البيان أنه «في الوقت الذي تصل فيه المؤسسات، كما الشعوب، للمعلومة بكل حرية، لا يمكن لأي كان التمادي إلى ما لا نهاية في الافتراء وتغليط الرأي العام أو الفاعلين الاقتصاديين، ولا استغبائهم على مدى طويل».
وأعرب البيان عن الأسف لكون الأقوال التي أدلى بها الوزير الجزائري، والتي صدرت بشأن مؤسسات بنكية مغربية والشركة الوطنية للنقل الجوي «تنم عن جهل تام، وعميق بشكل لا يغتفر، بالمعايير الأساسية لاشتغال النظام البنكي ونظام الطيران المدني، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي».
ونوّه بيان الخارجية المغربية بأن «المبادرات الفعالة والمجهودات الكبيرة التي تقوم بها المملكة المغربية، خصوصاً في مجال محاربة الاتجار بالمخدرات، بما فيها بالأساس المؤثرات العقلية الآتية من الجزائر، معروفة بشكل كبير على الصعيد الدولي، كما تعترف بها المؤسسات الدولية المتخصصة».
وأبرز البيان أن «المملكة المغربية وهي تدين هذه الافتراءات الباطلة التي تنم عن مستوى غير مسبوق من عدم المسؤولية في تاريخ العلاقات الثنائية، تسجل أنها تتزامن مع الجولة الإقليمية التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، وكذلك مع التحضيرات لقمة الاتحاد الأوروبي وأفريقيا المزمع تنظيمها في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 بأبيدجان».
وخلص البيان إلى أنه إزاء هذا التطور غير المقبول، فإن المملكة المغربية «قررت استدعاء سفيرها بالجزائر للتشاور، دون المساس بما يمكن أن تتخذه المؤسسات الاقتصادية الوطنية التي تعرضت للتشهير من طرف الوزير الجزائري من إجراءات».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».