اشتداد المعارك بين {البيشمركة} و{الحشد الشعبي} جنوب أربيل

بعد دخولها إلى مدينة كركوك في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وسيطرتها على المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد، تسعى القوات العراقية للتمركز على خط التماس الذي كانت قوات الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين متمركزة فيه قبل عام 2003، وهو الخط 36 الذي حددته قوات التحالف الدولي للنظام العراقي إبان احتلاله دولة الكويت وانتفاضة الشعب الكردي ضده في ربيع عام 1991، وعُرفت المناطق الواقعة داخل الخط المتمثلة بمحافظات أربيل والسليمانية ودهوك بمناطق حظر الطيران.
وتمكن «الحشد الشعبي» والقوات العراقية المتمثلة بالجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية خلال الأيام القليلة الماضية من الوصول إلى حدود هذا الخط في المناطق المحاذية لحدود محافظة السليمانية، بينما ما زال عدد من مناطق هذا الخط المحاذية لمحافظة أربيل خاضعة لقوات البيشمركة.
إلى ذلك، نفى محافظ أربيل نوزاد هادي، أمس، وجود أي خطر على أمن مدينة أربيل على خلفية تقدم القوات العراقية جنوب المدينة. وقال هادي في مؤتمر صحافي إن «الاتصالات جارية من أجل إيقاف تقدم القوات العراقية عند حدود ناحية ألتون كوبري التابعة لمحافظة كركوك». وأضاف أن «القوات الأمنية والبيشمركة في حالة تأهب تام، ونأمل أن تتوقف المواجهات المسلحة بين الطرفين». وحسب وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، طمأن هادي الأهالي قائلاً إن «الاشتباكات التي رصدت صباح اليوم (أمس) في ناحية ألتون كوبري جنوب أربيل دارت خارج حدود محافظة أربيل»، وأن قوات البيشمركة «متمسكة بالدفاع عن حدود المحافظة».
وبحسب البيشمركة، فإن قواتها تصدت أمس لهجوم قالت إن مسلحي الحشد الشعبي، يدعمهم «الحرس الثوري»، شنوه على مواقعها في ناحية بردي الواقعة بين مدينتي أربيل وكركوك، وأعلنت تدمير أكثر من 12 عجلة مدرعة ودبابة من نوع ابرامز تابعة للحشد خلال المعارك. وفيما أعلنت القوات العراقية أنها استعادت بلدة ألتون كوبري، آخر بلدات محافظة كركوك من البيشمركة، أعلن رئيس مجلس محافظة كركوك ريبوار طالباني أن المحافظة محتلة من قبل الحشد الشعبي، وأن غالبية أعضاء مجلس المحافظة من كتلة التآخي (الكتلة الكردستانية) هربوا من المدينة بعد سيطرة الحشد عليها في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
واندلعت صباح أمس معارك ضارية بين البيشمركة وقطعات الحشد الشعبي التي شنت هجوماً موسعاً من عدة محاور على البيشمركة المتمركزين قرب مدينة ألتون كوبري، وبدأ الحشد الشعبي هجومه بقصف مكثف على مواقع البيشمركة استخدم خلالها المدفعية الثقيلة والدبابات الأميركية المتطورة وقذائف الهاون والصواريخ، وردت البيشمركة عليها بأسلحتها واستمرت المعارك حتى مساء أمس، ولم يحرز الجانبان أي تقدم في المعارك، وحافظت البيشمركة على مواقعها وأكدت إحباط الهجوم.
وقال ردلان خسروي، القيادي في قوات البيشمركة، الذي شارك في معارك أمس قرب ألتون كوبري ضد مسلحي الحشد، لـ«الشرق الأوسط»: «أحبطنا هجوم مسلحي الحشد والحرس الثوري الإيراني على مواقعنا، ولم ندعهم يتقدموا خطوة إلى الأمام، ودمرنا أكثر من 12 عجلة مدرعة من نوع همر ودبابة من نوع أبرامز أميركية الصنع كان التحالف الدولي قد زود بها الجيش العراقي لقتال مسلحي (داعش)، لكن اليوم استخدمها الحشد ضد قوات البيشمركة»، لافتاً إلى أن العشرات من مسلحي الحشد قتلوا خلال معارك أمس دون أن يحدد أعدادهم، لأن المعارك كانت مستمرة.
وحسب خسروي، فإن الهجوم الذي شنه «الحشد» أمس كان «بقيادة وإشراف قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني»، مشيراً إلى أن عناصر الحرس الإيراني «كانوا يشرفون على المدفعية والدبابات التي تقصف البيشمركة، وكان هناك وجود كثيف لضباط من فيلق القدس والحرس الثوري بين مسلحي الحشد». وحسب معلومات «الشرق الأوسط»، شارك أمس نحو 14 فصيلاً من فصائل الحشد الشعبي في الهجوم على ألتون كوبري.
إلى ذلك، قال الأمين العام لحزب الحرية الكردستاني (الإيراني) وقائد قوات الحزب، حسين يزدان بنا، لـ«الشرق الأوسط»، إن اللواء الأول التابع لمعسكر رمضان (أحد تشكيلات الحرس الثوري الإيراني)، المؤلف من أكثر من 3 آلاف ضابط وجندي، «انتقل بأكمله إلى داخل الأراضي العراقية، وبدأ بالانتشار في المناطق المتنازع عليها من قضاء خانقين إلى سنجار،
وفتحوا عدداً من المقرات تحت اسم الحشد الشعبي في كركوك والموصل والمناطق الأخرى ويديرون العمليات العسكرية ضد إقليم كردستان»، مضيفاً أن «أحد قادة فيلق القدس وهو محمد رضا شهلائي يشرف حالياً على وجود هذا اللواء في المناطق المتنازع عليها، ويتلقى هو الآخر الأوامر مباشرة من الجنرال سليماني الذي يتنقل بين كركوك وبغداد».
وأصدرت القيادة العامة لقوات بيشمركة كردستان أمس بياناً عن المعارك التي خاضتها البيشمركة في ألتون كوبري جاء فيه: «شنت ميليشيات الحشد الشعبي هجوماً واسعاً على قوات البيشمركة في ألتون كوبري، واستخدمت هذه الميليشيات خلال الهجوم أسلحة أميركية بمشاركة الرصد المدفعي الإيراني»، مشيرة إلى أن الهدف من الهجوم هو عودة الحكومة العراقية إلى الحدود الإدارية لمحافظة كركوك.
وتزامناً مع معارك أمس، عقد رئيس مجلس محافظة كركوك ريبوار طالباني في أربيل مؤتمراً صحافياً سلط خلاله الضوء على الأوضاع في كركوك، وأوضح طالباني أن «الحشد الشعبي يحتل كركوك حالياً،
ويعتدي على مكونات المدينة من الكرد والعرب والتركمان»، مضيفاً أن مسلحين من عصائب أهل الحق المنضوية في الحشد استولوا على منزله في المدينة، كاشفاً أن غالبية أعضاء مجلس المحافظة من كتلة التآخي الكردستانية تركوا المدينة هرباً من مسلحي «الحشد».