عون: لن ننتظر التسوية السورية لحل أزمة النازحين

TT

عون: لن ننتظر التسوية السورية لحل أزمة النازحين

أكد الرئيس اللبناني ميشال عون أنه «لا بد من أن تكون مصلحة لبنان هي الأساس في مقاربتنا لموضوع النازحين»، مشدداً على «إننا لن ننتظر الحل السياسي أو الأمني في سوريا، بل واجب علينا أن ندافع عن مصلحة وطننا»، في حين أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أن «المهم بالنسبة إلينا أن نتعامل مع العبء الناتج عن قضية النازحين بشكل تُحفظ فيه مصالح لبنان».
وجاءت تصريحات الرئيس عون والرئيس الحريري، خلال جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في القصر الجمهوري في بعبدا، وعينت فيها الحكومة مجالس إدارة لـ6 مستشفيات حكومية. واستهل عون، الجلسة، بالحديث عن «إنجازي إقرار الموازنة العامة لعام 2017 للمرة الأولى منذ 2005»، مشدداً على «ضرورة الإسراع في درس وإقرار الموازنة العامة لعام 2018، أما الإنجاز الثاني فهو صدور التشكيلات والمناقلات القضائية التي شملت ما يزيد على 532 قاضياً للمرة الأولى منذ 1999». وقال إن «هذين الإنجازين يضافان إلى إنجازات أخرى من التشكيلات الدبلوماسية والتعيينات».
وتحدث عون عن قضية النازحين السوريين، وأطلع مجلس الوزراء على اللقاء الذي عقده مع سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية وممثلي الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والأمم المتحدة والشروحات الموثقة التي قدمها لهم، ودعا إلى تفعيل عمل اللجنة الوزارية الخاصة بالنازحين واتخاذ المزيد من الإجراءات لضبط الحدود، مشيراً إلى أن تداعيات أزمة النازحين تتفاقم، وأن اللقاء الذي عقده مع السفراء هدف إلى استنهاض المجتمع الدولي والأمم المتحدة للبدء بمعالجة الأزمة.
وقال عون: «لا بد من أن تكون مصلحة لبنان هي الأساس في مقاربتنا لموضوع النازحين، وموقفنا يجب أن يكون موحداً. لن ننتظر الحل السياسي أو الأمني في سوريا، بل واجب علينا أن ندافع عن مصلحة وطننا».
ثم تحدث رئيس الحكومة سعد الحريري، وقال: «إن مقاربة موضوع النازحين ستكون موضوع متابعة خلال الاجتماع المقبل الذي تعقده اللجنة الوزارية لدرس ورقة العمل المعدة في هذا الإطار». وأضاف: «إن العبء الذي تشكله قضية النازحين ينسحب على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والمعيشية والسياسية. ولكن المهم بالنسبة إلينا أن نتعامل مع هذا العبء بشكل تُحفظ فيه مصالح لبنان، لأنني قلت وأكرر أن شعاري هو لبنان أولاً ودائماً، رغم كل ما أسمعه من ملاحظات، وأن اللجنة الوزارية ستبحث عن حلول مناسبة لهذا الموضوع».
وهنأ الحريري بإقرار الموازنة لعام 2017، واعتبر ذلك «إنجازاً للبنان وللعهد وللحكومة، يضاف إلى إنجازات أخرى تحققت خلال الأشهر الماضية مثل التشكيلات القضائية والدبلوماسية وقانون الانتخاب، وهذا كله لمصلحة البلد». وأشار إلى أن «هناك من سيبقى يشكك ويوجه الانتقادات، ولكن هذا أمر طبيعي في بلد ديمقراطي مثل لبنان، غير أن اللبنانيين يلمسون هذه الإنجازات لمس اليد ويدركون أن الدولة تعمل من أجل مصلحتهم».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.