لبنان: مقاطعة الكتل المسيحية و«المستقبل» تطيح بالجلسة التشريعية.. وبري يحدد موعدا جديدا

مرجع دستوري: غياب النواب بعد فتح دورة استثنائية غير مبرر

لبنان: مقاطعة الكتل المسيحية و«المستقبل» تطيح بالجلسة التشريعية.. وبري يحدد موعدا جديدا
TT

لبنان: مقاطعة الكتل المسيحية و«المستقبل» تطيح بالجلسة التشريعية.. وبري يحدد موعدا جديدا

لبنان: مقاطعة الكتل المسيحية و«المستقبل» تطيح بالجلسة التشريعية.. وبري يحدد موعدا جديدا

لم تنعقد الجلسة النيابية التشريعية التي دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري أمس لاستكمال بحث سلسلة الرتب والرواتب، تمهيدا لإقرار زيادة على رواتب موظفي القطاع العام والمدرسين، نتيجة مقاطعة نواب الكتل المسيحية وتيار المستقبل بذريعة أنه «لا يمكن للبرلمان التشريع في ظل الشغور الرئاسي».

وكان فريق «14 آذار» اتبع التكتيك ذاته، أي مقاطعة جلسات البرلمان، بعد استقالة حكومة الرئيس السابق نجيب ميقاتي وقبل تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، بذريعة أنه «لا يمكن للبرلمان التشريع بغياب الحكومة». ويعتبر الأفرقاء المسيحيون أن شغور منصب الرئاسة، وهو المنصب المسيحي الأول، يشكل ضربا لـ«الميثاقية» التي ترتكز عليها الصيغة اللبنانية، وبالتي ينبغي أن يقتصر التشريع على القضايا الاستثنائية والملحة.

ورغم إجماع عدد من النواب المسيحيين من مختلف الاتجاهات السياسية، ممن حضروا أمس إلى البرلمان من دون الدخول إلى قاعة الاجتماعات فيه، على أن «التشريع غير جائز»، فإن خبراء دستوريين ينتقدون امتناع النواب عن المشاركة في جلسات البرلمان ويعتبرون أن ذريعتهم «تنم عن خطأ وجهل في قراءة الدستور اللبناني».

وفي هذا السياق، يرى المرجع الدستوري حسن الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» أنه «على البرلمان التشريع ومن الخطأ أن يمتنع عن ذلك». ويوضح أنه «عندما يعقد البرلمان جلسة انتخاب، فهو لا يتعاطى في أي أمر آخر، ولكن بعد اختتام جلسات الانتخاب، فيحق له التشريع، خصوصا بعد فتح الرئيس السابق ميشال سليمان دورة استثنائية، مما يعني أن التشريع بات مبررا بعد 31 مايو (أيار)، وما عدا ذلك جهل في قراءة الدستور».

وكانت الأمانة العامة لمجلس النواب اللبناني تسلمت أمس مرسوم فتح دورة استثنائية للبرلمان اللبناني، جاء فيها أن «رئيس الجمهورية، بناء على الدستور، لا سيما المادة 33 منه، وبناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء، يدعو مجلس النواب إلى عقد استثنائي يفتتح بتاريخ الثاني من يونيو (حزيران) المقبل ويختتم بتاريخ 20 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وحدد المرسوم برنامج أعمال هذا العقد الاستثنائي بـ«مشاريع الموازنات العامة المحالة إلى مجلس النواب والتي ستحال إليه؛ مشاريع القوانين المحالة إلى مجلس النواب والتي ستحال إليه؛ وسائر مشاريع القوانين والاقتراحات والنصوص التي يقرر مكتب المجلس طرحها على المجلس»، على أن «ينشر المرسوم ويبلغ حيث تدعو الحاجة».

ويشدد الرفاعي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» على أن «تغيب النواب عن جلسات انتخاب أو تشريع غير مبرر وهو مخالف للدستور، باعتبار أن من واجب النائب الحضور وفقا لأحكام وكالته».

وأثار النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي وجهة نظر أخرى أمس بتشديده على وجوب أن «يستمر مجلس النواب بعمله كسلطة تشريعية، لأن هذه السلطة التشريعية تحمل أيضا سلطة أخرى أساسية ومركزية هي سلطة الرقابة على الحكومة، وبالتالي إذا فقدت الرقابة في ظل فقدان المجلس دوره فيصبح عمل الحكومة مشوبا بشائبة عدم قدرتها على العمل، إلا تحت سقف تصريف الأعمال».

وأشار الفرزلي بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري أمس إلى أن «هذا الأمر تنبهت له القوى السياسية، بدليل أن كل البيانات التي صدرت والتي أكدت الضغط والحض من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، أكدت أيضا مسألة المشاركة في الجلسات التشريعية على قاعدة الضرورات وعلى قاعدة ما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا وما تقتضيه القوانين التي تؤدي إلى إعادة تكوين السلطة، بدءا برئيس البلاد، وهذا يترتب عليه، ونحن مشرفون على انتخابات نيابية، إيجاد قانون انتخابي جديد وتوفير كل الظروف الملائمة لذلك».

وشدد الفرزلي على أهمية «استمرارية الحراك التشريعي للمجالس النيابية، وأنا شخصيا من مؤيدي هذه الفكرة لأن هذه المسألة تحمل في طياتها استمرارية الرقابة وعمل المجلس النيابي كدور مراقب وكسلطة مراقبة على الحكومة».

ونتيجة تغيب عدد من الكتل النيابية عن الجلسة التشريعية أمس، بموازاة حضور نواب كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة بري ونواب كتلة اللقاء الديمقراطي برئاسة وليد جنبلاط ونواب من كتلة حزب الله، أرجأ نبيه بري الجلسة التشريعية إلى العاشر من يونيو المقبل، أي بعد يوم واحد من الموعد الذي حدده بري لانتخاب رئيس لبناني جديد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان.

وفي سياق تبرير إحجام بعض الكتل عن حضور الجلسة التشريعية، قال النائب في كتلة «القوات اللبنانية» جورج عدوان: «إننا جئنا إلى مجلس النواب لنؤكد الموقف المبدئي الذي أعلناه من المجلس والذي يؤكد أن التشريع في ظل الشغور الرئاسي غير جائز إطلاقا». وطالب بـ«حصر التشريع بالضرورة الاستثنائية القصوى، وهي إما إعادة تكوين المؤسسات أو المصلحة الوطنية العليا».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.