روسيا تسعى لتوطين صناعة الأجبان بعد حظر الأوروبية

المنتجون الروس يسعون لشغل الفراغ في السوق الغذائية

روسيا تسعى لتوطين صناعة الأجبان بعد حظر الأوروبية
TT

روسيا تسعى لتوطين صناعة الأجبان بعد حظر الأوروبية

روسيا تسعى لتوطين صناعة الأجبان بعد حظر الأوروبية

ما زالت السلطات والشركات الروسية مستمرة في جهودها الرامية إلى تعويض السوق المحلية عن المنتجات الغذائية الغربية التي قررت روسيا حظر استيرادها من الدول الأوروبية وأميركا وكندا ودول أخرى، رداً على عقوبات تبنتها تلك الدول ضد روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا وضم القرم إلى الاتحاد الروسي. ومع أن تبادل العقوبات بين الجانبين حرم المواطنين الروس من قائمة كبيرة من المواد، بما في ذلك وبصورة خاصة المنتجات الغذائية، فإن هذا الوضع وغياب منتجات مستوردة منافسة، شكل للمنتجين المحليين فرصة ذهبية لعرض منتجاتهم البديلة وشغل الفراغ الذي خلفه غياب المنتجات الأوروبية والغربية. وكان الحليب ومشتقاته والأجبان من أهم المنتجات التي حظرت موسكو استيرادها من «دول العقوبات»، ويحاول المنتجون المحليون تأمين بديل حالياً، إلا أن محاولاتهم هذه لا تكلل دوماً بالنجاح لأسباب تقنية وأخرى طبيعية تعود إلى نوعية المواد الأولية المعتمدة في تصنيع الأجبان.
وفي خطوة يرى مراقبون أنها ستحدث تغييراً في الإنتاج المحلي للأجبان، أعلنت حكومة محافظة موسكو أمس إطلاق مشروع ضخم لتصنيع الأجبان، حيث قررت تشكيل مجموعة إنتاجية متكاملة في منطقة دميتريف، وقال أندريه رازين وزير الزراعة والاستهلاك في حكومة محافظة موسكو إن «حجم الاستثمارات المقرر ضخها لتنفيذ مشروع مجموعة تصنيع الأجبان يصل إلى قرابة ملياري روبل روسي، وستستثمر حكومة محافظة موسكو من ميزانيتها 292 مليون روبل لتشييد البنى التحتية للمشروع». وأشار إلى أنه من المخطط أن تبدأ المجموعة الإنتاجية الجديدة عملها العام المقبل 2018، وستمتد على مساحة 17 هكتاراً، تضم في المرحلة الأولى 7 مجمعات لتصنيع الأجبان، تسمح استطاعتها الإنتاجية بمعالجة 120 ألف طن من الحليب، أي إنتاج نحو 12 ألف طن من الأجبان سنوياً.
وما يميز مشروع تأسيس مجموعة تصنيع الأجبان عن محاولات سابقة، أن هذا المشروع يجمع في آن واحد بين كل العناصر الإنتاجية الضرورية لتحقيق إنتاج جيد وبأقل تكلفة، وما يضمن توفر المواد الأولية دوما ودون انقطاع، حيث تشمل هذه المجموعة مزارع أبقار لتأمين المادة الرئيسية وهي الحليب، ما يضمن للمجموعة استمرار عملها دون أي مخاطر. وتنوي سلطات محافظة موسكو افتتاح نقاط تجارية خاصة على الطريق الدائرية في محيط موسكو بهدف مساعدة المجموعة في تسويق منتجاتها. ومعروف أن تلك الطريق هي ممر تجاري استراتيجي في البلاد، ما سيسهم في انتشار سريع لمنتجات المجموعة في مختلف المناطق الروسية.
ومع أن تأسيس المجموعة الإنتاجية الجديدة خطوة مهمة مقارنة بمحاولات سابقة في روسيا، فإنها لن تكون قادرة، ومعها تجارب أخرى شبيهة، على تغطية كامل الفراغ الذي خلفه في السوق غياب صادرات الأجبان الأوروبية. وتجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت قبل إعلان الحظر تعتمد على أوروبا ودول غربية لتأمين نصف احتياجاتها تقريباً من الأجبان. وفي عام 2013، أي الأخير قبل حظر استيراد الأجبان الغربية، استهلكت السوق الروسية 850.5 ألف طن من الأجبان، 48 في المائة محلية المصدر أو إنتاج محلي، بينما غطت الصادرات 52 في المائة من تلك الكمية. وتشير دراسة على موقع «سوق الإنتاج الزراعي» إلى أن روسيا في تلك الفترة كانت تحتل المرتبة الأولى عالمياً بين الدول المستوردة للأجبان، وكانت تستورد سنوياً أكثر من 400 ألف طن أجبان؛ 60 في المائة منها من الدول الأوروبية، وبصورة خاصة من فرنسا وهولندا وإيطاليا وإسبانيا وليتوانيا وبولندا، ونحو 25 في المائة من بيلاروسيا، و10 في المائة من أوكرانيا.
ويعود اعتماد روسيا خلال السنوات الماضية على المنتجين الخارجيين لتأمين الجزء الأكبر من احتياجات السوق المحلية من الحليب ومنتجاته إلى جملة أسباب؛ في مقدمتها تراجع الإنتاج الزراعي، وتراجع عدد الأبقار خلال العقد الأخير، وبقاء إنتاج الحليب عند مستويات 30 طن سنوياً، كافية لتغطية 35 أو 40 في المائة من احتياجات السوق المحلية. ومنذ عام 2014، أطلقت روسيا برنامج «التعويض عن الصادرات» الذي شمل بما في ذلك زيادة كمية وتحسين نوعية الإنتاج المحلي من الأجبان. وعلى الرغم من صعوبات واجهها مصنعو الأجبان الروس نظراً لعدم توفر التقنيات الضرورية محلياً واضطرارهم إلى الاعتماد على السوق الخارجية لتأمين تلك المعدات، فضلاً عن بعض المواد الأولية للتصنيع، فقد تمكنوا خلال عام 2015 من تحقيق زيادة في الإنتاج بنسبة 18 في المائة مقارنة بعام 2014. إلا أن زيادة الإنتاج في السنوات التالية لم تلغِ حاجة السوق المحلية باستيراد الأجبان، وما زالت روسيا تعتمد على السوق الخارجية لتأمين نحو 15 في المائة من إجمالي ما تستهلكه السوق المحلية من أجبان، وتتعاون في هذا المجال مع دول لم تشملها العقوبات مثل بيلاروسيا وصربيا وغيرهما.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).