«المقترحات المكتوبة» تعيد أطراف الصراع الليبي لاستكمال «تعديل الصخيرات»

السراج يؤكد أن الوطن لم يعد يتحمل المساومات... والسويحلي: حريصون على إنجاح المفاوضات

جندي يحرس مدخل منشأة للبترول والغاز في مدينة زوارة بعد اعتقال مافيا تتاجر في البترول المهرب من ليبيا (رويترز)
جندي يحرس مدخل منشأة للبترول والغاز في مدينة زوارة بعد اعتقال مافيا تتاجر في البترول المهرب من ليبيا (رويترز)
TT

«المقترحات المكتوبة» تعيد أطراف الصراع الليبي لاستكمال «تعديل الصخيرات»

جندي يحرس مدخل منشأة للبترول والغاز في مدينة زوارة بعد اعتقال مافيا تتاجر في البترول المهرب من ليبيا (رويترز)
جندي يحرس مدخل منشأة للبترول والغاز في مدينة زوارة بعد اعتقال مافيا تتاجر في البترول المهرب من ليبيا (رويترز)

التأم اجتماع لجنة الصياغة الممثلة لمجلسي النواب والأعلى للدولة بليبيا أمس في العاصمة التونسية، بهدف استكمال محادثات الجولة الثانية لتعديل «اتفاق الصخيرات»، بعد أن تقدم ممثلو المجلس الأعلى بـ«مقترحات مكتوبة» للنقاط الخلافية، استجابة لمطالب فريق البرلمان، فيما قالت البعثة الأممية، التي ترعى الحوار، إن «اللجنة المشتركة بدأت مباشرة جلساتها لسد الثغرات المتبقية نحو وضع الصيغة النهائية لتعديلات الاتفاق السياسي».
وتحدثت البعثة الأممية عن أعمال اللجنة منذ انعقادها في تونس في 26 من سبتمبر (أيلول) الماضي، وقالت في بيان نشرته عبر صفحتها على «فيسبوك»، إن الاجتماعات «أظهرت تقدماً نحو وضع الصيغة النهائية للتعديلات على الاتفاق السياسي»، مشيرة إلى أن «الاجتماعات الثنائية والثلاثية التي كانت بحضور فريق بعثة الأمم المتحدة، فضلاً عن المشاورات الداخلية بين أعضاء الوفدين، التي جرت على مدى اليومين الماضيين، نجحت في التقريب بين الطرفين... وقد ظهر توافق في الآراء بين أعضاء اللجنة بشأن فصل السلطة التنفيذية إلى مجلس رئاسي ومجلس للوزراء، كما تم التوصل إلى تقارب بشأن تحديد اختصاصات وصلاحيات كل هيئة من هذه الهيئات»، مشيرة إلى أن اللجنة اتفقت على اختزال المجلس الرئاسي إلى ثلاثة أعضاء، ومعايير ترشيحهم، بالإضافة إلى آلية عملهم.
وانتهت البعثة الأممية قائلة إنه «لا يزال هناك المزيد من العمل الفني الذي يقتضي القيام به لتنقيح النصوص، التي لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها».
وأطلع عضو مشارك في الحوار «الشرق الأوسط» على تفاصيل الساعات الأولى للجنة الصياغة، وقال إنه «تم تقسيم جدول أعمال اللجنة من خلال لجان فرعية كي يتسنى لها إنجاز المهام الموكلة إليها في أقرب وقت».
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن «تلك اللجان ستتولى مناقشة تعقيدات المادة الثامنة من الدستور بعد موافقة مجلس النواب عليها، واعتراض البعض، بجانب بحث التعديلات على السلطة التنفيذية، وآلية عملها، بالإضافة إلى مناقشة بعض المطالب المرتبطة بتوسيع سلطات المجلس الأعلى للدولة، وبحث ما يتعلق بالأعضاء المقاطعين من مجلس النواب، والدولة معاً».
وكانت لجنة الصياغة الممثلة لمجلس النواب، قد علقت مشاركتها في جولات الاتفاق، وتقدمت بمطالبها مكتوبة إلى البعثة الأممية، وهي ضم جميع أعضاء المؤتمر العام المنتخبين في 7 يوليو (تموز) 2012 إلى مجلس الدولة، وحذف المادة الثامنة من الأحكام الإضافية، والتأكيد على تكون المجلس الرئاسي الجديد من رئيس ونائبين، على أن يرشح مجلس النواب اثنين منهم ليكون ثالثهم مرشح مجلس الدولة، على أن ينال جميعهم ثقة البرلمان. كما طالبت قائمة مجلس النواب بأن «تؤول صلاحيات القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى المجلس الرئاسي الجديد مجتمعا»، وأن تكون «القرارات الخاصة بالمؤسسة العسكرية والأمنية وقياداتها بالإجماع وبموافقة مجلس النواب»، إلى جانب «التأكيد على أن تنال الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب، لكونه صاحب الاختصاص الأصيل في ذلك وفقاً للإعلان الدستوري والاتفاق».
وجاءت عودة اللجنتين للاجتماع بعد نجاح جهود غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا، الذي اجتمع مع كل من عبد السلام نصية رئيس لجنة الحوار عن مجلس النواب، وموسى فرج رئيس لجنة الحوار المنبثقة عن مجلس الدولة، وهو ما نجم عنه إعلان لجنة الحوار الممثلة لمجلس النواب عن عودتها لاستئناف الجلسات من جديد.
ومن جهتها، عبرت البعثة الأممية المشرفة على المفاوضات بين الفرقاء الليبيين عن رضاها عن التقدم الحاصل في الاجتماعات التي عقدت أمس، وقالت إن الجولة الثانية من الحوار الليبي تسير بثبات نحو وضع الصيغة النهائية للتعديلات على اتفاق الصخيرات السياسي.
وفي السياق ذاته، كشف الليبي محمد بلخير، رئيس شؤون عمداء وأعضاء المحافظات والبلديات والمجالس المحلية في ليبيا، عن إطلاق مبادرة جديدة لتوافق ليبي من أجل مصالحة وطنية شاملة، برعاية خاصة من بعثة الأمم المتحدة. وأكد بلخير، الذي يتابع ما يجري في جلسات الحوار في تونس، أن المبادرة الجديدة ستنطلق خلال الفترة المقبلة بعد أن تم تسليم ملف المقترح إلى رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا، وكورا أندريوا المكلفة من قبل البعثة بملف المصالحة على حد تعبيره.
إلى ذلك، نفى المكتب الإعلامي بالمجلس البلدي غريان (شمالي غرب) الشائعات التي راجت أول من أمس، بخصوص تعرض موكب رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني فائز السراج لإطلاق نار أثناء زيارته إلى المدينة. وقال المجلس البلدي في بيان أمس، إن ما تناولته بعض «القنوات المغرضة» من تعرض السراج لإطلاق نار بمدينة غريان «خبر عار عن الصحة تماماً، ولا توجد أي اختراقات أمنية، والمدينة آمنة بشكل عام».
وخلال اللقاء أكد السراج أن «الوطن لم يعد يتحمل مزيدا من المساومات والتجاذب والمهاترات»، مشددا على أن الوقت قد حان لعودة الاستقرار إلى البلاد، والبدء في خطوات عملية ملموسة لبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تحتكم لصناديق الاقتراع.
في غضون ذلك، التقى عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة، أمس، السفير الهولندي لدى ليبيا إيريك ستراتينغ، داخل مقر المجلس بالعاصمة، وتناول اللقاء تطورات الوضع السياسي في ليبيا.
وقال المجلس الأعلى في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، إن السفير الهولندي «أكد عزم بلاده افتتاح سفارتها في العاصمة طرابلس، ودعمها الكامل لمسار مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، برعاية الأمم المتحدة، وفقا لخريطة الطريق المُعلنة في نيويورك»، معربا عن تطلعه إلى «تحقيق نتائج إيجابية سريعة من هذه المفاوضات لاستعادة الاستقرار في البلاد، وتحسين الأوضاع المعيشية».
ونقل البيان عن السويحلي تأكيده أهمية «إنجاح المفاوضات عبر الوصول إلى شراكة حقيقية مع مجلس النواب تضمن التوازن، وتؤدي إلى إنهاء الانقسام وتشكيل سلطة تنفيذية قوية تمثل جميع الأطراف، وقادرة على رفع المعاناة عن المواطنين، وتوحيد المؤسسات وتمهيد الطريق نحو إجراء الاستحقاق الدستوري والانتخابي».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.