جدل في المغرب بشأن ارتداء النقاب في المدارس

مواقع التواصل الاجتماعي تداولت حالات منع منتقبات من دخول مؤسسات تعليمية

TT

جدل في المغرب بشأن ارتداء النقاب في المدارس

أكدت وزارة التربية والتعليم المغربية بشكل ضمني أنها لا تقبل بارتداء النقاب في المؤسسات التعليمية، إلا أنها نفت إصدارها مذكرة بهذا الشأن، وذلك على خلفية ما جرى تداوله في مواقع إلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن الجدل الذي أثارته مذكرة قيل إن الوزارة عممتها، وتقضي بمنع الطالبات من ارتداء النقاب داخل المدارس.
وأوضحت فاطمة وهمي، مسؤولة التواصل بوزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، في تصريح أورده موقع القناة التلفزيونية المغربية الثانية، أن المذكرة الوحيدة التي أصدرتها الوزارة كانت في شهر يوليو (تموز)، وتم التأكيد فيها على الحرص على العناية بالهندام وأناقة المظهر، قبل أن تضيف موضحة أن «كل ما يعيق التواصل بين التلميذ والأستاذ ولا يكشف عن ملامح أحدهما، فهو ممنوع بكل تأكيد».
وكانت الوزارة التي يرأسها محمد حصاد، وزير الداخلية السابق، قد دعت الأطر التربوية إلى ارتداء الوزرة البيضاء أثناء تأديتهم للحصص الدراسية، مشيرة إلى أن «ارتداء الوزرة البيضاء يساهم في الحفاظ على هندامهم وتوقيرهم،
ويمثل قدوة للتلميذات والتلاميذ في ارتداء اللباس المدرسي الموحد، وفي احترام النظام المدرسي».
واتصلت «الشرق الأوسط» بوهمي لمزيد من التوضيحات، إلا أن هاتفها لم يرد.
وكانت صحيفة «الأحداث» المغربية قد نقلت أن جدلا أثير حول الهندام المدرسي المفروض ارتداؤه من طرف الأطر الإدارية والتربوية، وذلك على خلفية تعميم مذكرة وزارية، يمنع بموجبها ارتداء «النقاب» بالنسبة للمدرسات، واللباس الفضفاض الخاص بالمدرسين.
وذكرت الصحيفة ذاتها أن هذه المذكرة أثارت نقاشا واسعا حول نوعية الزي المدرسي المحترم، ومواصفات اللباس الموحد بالنسبة لنساء ورجال التعليم، الذي لا يتعارض مع مذكرة الوزارة حول العناية بالهندام وأناقة المظهر، والذي يعد، حسب المذكرة، عنصرا من العناصر الأساسية، التي تساهم في تعزيز المكانة الاعتبارية لحاملي رسالة التربية والتكوين، وقدوة يحتذى بها من طرف التلميذات والتلاميذ.
وبحسب الصحيفة، فإن منع «النقاب» أثار موجة من الانتقادات بين معارضي ارتداء هذا الزي، لكونه لباسا غريبا عن الثقافة المغربية، وبين من يعتبرون اللباس حرية فردية، يخضع منعه لضوابط قانونية، فيما حث آخرون على ضرورة النأي بالمدرسة المغربية عن التجاذبات السياسية والآيديولوجية.
وكشفت الصحيفة أن مديري ومديرات المؤسسات التعليمية تلقوا تعليمات صارمة بمنع المدرسات من ارتداء النقاب، «حفاظا على حرمة المؤسسات ووظيفتها التربوية الصرفة، باعتبار أن النقاب لا يكشف عن هوية صاحبه، ولا يمكن أن يخدم الأهداف التربوية المبنية على التواصل مع التلاميذ».
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي حالات منع طالبات في عدد من المدن من دخول المدارس بسبب ارتدائهن النقاب، وإطلاق هاشتاغ «الانقطاع عن الدراسة أو خلع النقاب». وانقسم الشارع المغربي بين مؤيد ومعارض لمنع النقاب في مؤسسات التعليم.
لكن هذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها الجدل حول هذا الموضوع، إذ سبق أن أثارت مذكرة قيل إن وزارة الداخلية عممتها على التجار تطالبهم فيها بالتوقف عن بيع البرقع أو الخمار الذي يغطي كامل الوجه، جدلا واسعا.
وأثارت المذكرة التي صدرت بداية العام الحالي، من دون أن يعقبها توضيح رسمي من الوزارة، حفيظة عدد من الشيوخ المحسوبين على التيار السلفي، منهم الشيخ حماد القباج الذي قال آنذاك إن قرار المنع «غير مقبول في وقت يعتبر فيه ارتداء قميص السباحة الغربي على الشواطئ حقا لا يمس»، فيما اعتبر الداعية السلفي أبو النعيم في شريط فيديو أن «منع النقاب فيه إعلان حرب على الإسلام»، بينما أيد البعض القرار واعتبروه خطوة مهمة ضد التطرف الديني».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم