الشرق الأوسط بعيون أجنبية

هناك فئات من السياح الأجانب تعشق السياحة إلى بلدان الشرق الأوسط ومنطقة الخليج وتعتبر أن بعضها يوفر مناخا سياحيا جاذبا لا يتاح في أي موقع آخر من العالم. ورغم بعض المخاطر المفترضة، التي تبدو في مجملها مبالغاً فيها، مقارنة بما يحدث في دول ومدن أخرى، فإن الإقبال على السياحة في المنطقة العربية مستمر ومتزايد في بعض الأحيان. ولا ينقص دول الشرق الأوسط السياحية سوى اتباع استراتيجيات متناسقة في التسويق السياحي وتوفير مستويات الخدمات التي يتوقعها السياح ويجدونها في مواقع أخرى في العالم.
وفي عام 2017 يتجدد الإقبال على عدة دول عربية يراها الأجانب ساحرة وتستحق الزيارة وأحيانا المخاطرة لزيارتها. ومن هؤلاء من يتردد على المنطقة العربية عاما بعد عام وتربطهم بمناطق سياحية عربية روابط نفسية عميقة تجعلهم يشدون الرحال إليها كلما سنحت لهم الفرصة. وتظهر على قائمة السياحة الشرق أوسطية هذا العام دول مثل لبنان والأردن والإمارات وسلطنة عمان ومصر بالإضافة إلى المغرب.

لبنان

في لبنان يعشق السياح زيارة بيروت على رغم متاعب سبعينات القرن الماضي والمخاطر السياسية التي تطل عليها بين الحين والآخر. ولكن من الأجانب من يراها بمثابة ريفيرا الشرق خصوصا مواقع الأندية الصيفية على شاطئ البحر مثل بلاج «كافيه دو أورينت» ونادي «سان جورج» لليخوت، بالإضافة إلى الأندية الليلية المتعددة مثل «كريستال» أو مقهى «بلو نوت» الذي يوفر سهرات على موسيقى الجاز.
ولا تقتصر السياحة إلى لبنان على العاصمة بيروت وإنما تشمل الكثير من المدن الأخرى مثل بيبلوس وأسواقها، وجونيه ونزهة بالتلفريك فيها. وفي الشمال يذهب البعض إلى مدينة طرابلس القديمة المشهورة بالمساجد التاريخية ومتاجر الحلوى.
ولا ينسى السياح المناطق الأثرية في بعلبك والقرى المتناثرة فيها مثل قرية دير القمر التي يحلو فيها الجلوس على المقاهي وتناول المشروبات الباردة مع الجبن والزيتون. ويشهد الصيف الحالي الكثير من الحفلات والمهرجانات التي تجري في المنطقة.
ورغم المتاعب تسير الحياة في بيروت على قدم وساق ويتم افتتاح الفنادق الجديدة على نحو أسبوعي ويعم المدينة الكثير من التفاؤل في المستقبل مما يجعل البعض يؤكد أن الصيف الحالي هو أفضل وقت لزيارة لبنان. أما من الناحية الأمنية فإن وزارة الخارجية البريطانية تحذر من السفر إلى مناطق جنوب نهر الليطاني وتنصح السياح بمتابعة الوضع السياسي عن كثب. ويفرض لبنان تأشيرات دخول على الأوروبيين قيمتها في بريطانيا عشرة جنيهات (12.5 دولار).

الأردن

الاهتمام السياحي الأجنبي بالأردن يتركز أحيانا على الجوانب الأثرية والطبيعية، حيث يقول الأثري أندرو أبليارد أنه عندما يطير إلى عمان فإنه يتوجه فورا إلى الصحراء التي تمتد شرقي العاصمة نحو العراق. وهي منطقة قلما يزورها السياح ولكنها تشمل شبكة طرق ممتازة وقصورا تاريخية يعود تاريخ بعضها إلى القرن الثامن الميلادي. وبعضها يشتهر بحمامات وزخارف من الموزايك قلما وجدت في أية مواقع تاريخية أخرى.
من أشهر القلاع الصليبية في المنطقة قلعة الكرك، وهي الأحق بالزيارة في المنطقة. ومن هناك يمكن التوجه شمالا إلى إربد على نهر الأردن، وهناك يمكن التجول في المنطقة بالدراجات الهوائية أو بالسيارة على طرق صحراوية ذات مشاهد جذابة. ويمكن في المنطقة ذاتها استكشاف مدينة جرش التي تشتهر بآثارها الرومانية.
ولا يفوت السائح إلى الأردن فرصة الطفو على مياه البحر الميت وزيارة أشهر المواقع السياحية على الإطلاق في الشام وهي مدينة البترا. ولكن الأثري أبليارد يصطحب السياح الأجانب إلى موقع فوق قصر البترا تنتشر فيه المسلات ويتم الصعود إليه من خلف الواجهة التي يراها السياح. وهو يقول إن هذا الموقع كان يتم فيه تقديم الذبائح تاريخيا ويجاوره موقع آخر كان مخصصا للنساء ويحتوي على بعض أجمل رسوم الحوائط التاريخية.
وهي يرى أن وادي رم يعد من أجمل المواقع السياحية التاريخية في الأردن، فالمنطقة وإن كانت صحراوية إلا أنها ظلت مأهولة لآلاف السنين بمرور سكاني مستمر لأغراض التجارة. وأفضل وسيلة لتجربة كرم الضيافة البدوية هو الإقامة في معسكرات وخيام في الوادي. وهو يرى أن الأردن لم يأخذ ما يستحقه من الوعي السياحي الأجنبي حيث يراه السياح موقعا جيدا لتراث الحضارات الرومانية والنبطية ولكنهم لا يقدرون فنون حقبة ما قبل التاريخ المنتشرة على الصخور. وهناك كثير من الرحلات الدورية إلى الأردن بعضها يوفر يومين فقط لزيارة بترا وأخرى تمتد لأسابيع. ولا توجد أي محاذير أمنية من وزارة الخارجية البريطانية حول السفر إلى الأردن وتجري كل الرحلات السياحية بلا متاعب من أي نوع. ويحتاج حامل جواز السفر الأوروبي إلى تأشيرة دخول.

مصر

قبل أزمة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء كان الإقبال السياحي على مصر يتركز على الأهرامات والآثار القديمة ورحلات الكروز النيلية في الأقصر وأسوان بالإضافة إلى شواطئ البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء. وكل هذه الجوانب السياحية المهمة تأثرت سلبيا بسبب المحاذير الأمنية رغم أن بعض السياح الأجانب ما زال يقبل على القاهرة وعلى الرحلات النيلية.
ولكن مصر تزخر أيضا بالكثير من الجوانب السياحية التي تبدو للوهلة الأولى مجهولة للسياح الأجانب. ففي الصحراء التي تمتد جنوب واحة سيوة تمتد ربوات الرمال إلى الحدود الليبية على مساحة توازي مساحة سويسرا، وفيها توجد أعلى نقطة صحراوية، وهي جبل العوينات، على ارتفاع 1998 مترا. وحتى واحة سيوة نفسها يعتبرها بعض الأجانب مزارا سياحيا متميزا حيث ظلت معزولة عن العالم الخارجي لقرون ولها ثقافتها ولغتها المختلفة بخلاف أي منطقة أخرى في مصر.
هناك أيضا ما يسمى الصحراء البيضاء التي تشبه في مظهرها الأصقاع الجليدية البيضاء، وبها الكثير من النحوت الصخرية المكونة عبر آلاف السنين على أشكال مثل الفطر والقباب والأعمدة. وأفضل وقت لزيارة هذه المواقع يكون عند غروب الشمس. وينصح خبراء السياحة أن تكون الجولات الصحراوية من هذا النوع بصحبة أهل سيوة أنفسهم الذين يعرفون مسالك وطرق المنطقة أكثر من غيرهم ويستطيعون حماية السياح من الكثير من المخاطر ومنها فقدان طريق العودة.
ويختار السياح الأجانب مدينة العلمين على الساحل الشمالي وكانت موقعا لمعركة برية مصيرية بين دبابات القائد الألماني روميل وبين الجنرال البريطاني مونتغمري أثناء الحرب العالمية الثانية. وتوجد في المدينة مقابر لنحو 11 ألف جندي كما يمكن زيارة كهف روميل بالقرب من مرسى مطروح حيث كان مقر القيادة الألماني. وكما هو الحال في صحراء الرم في الأردن كذلك في صحراء سيناء حيث أفضل إقامة سياحية هناك تكون في خيام البدو حيث يمكن النوم تحت السماء الصافية ليلا، وأثناء النهار يمكن زيارة الكثير من المناجم والآثار القديمة التي يعود بعضها إلى العصور الفرعونية.
وفي جنوب البلاد يقبل السياح على زيارة بحيرة ناصر مع رحلات كروز نيلية. وهي بالطبع منطقة آثار ثرية بعضها معروف للسياح في الأقصر وبعضها يحتاج إلى مرشد سياحي متمرس.
ومن الناحية الأمنية لا تنصح وزارة الخارجية البريطانية ضد السفر إلى أي منطقة في مصر ولكنها تشير إلى خطر عام من الإرهاب. وتفرض مصر تأشيرة دخول على الأجانب يمكن الحصول عليها من المطار.

الإمارات وعمان

توفر مدن الإمارات، خصوصا دبي وأبوظبي، فرص سياحية متنامية يزداد الإقبال عليها في فصل الشتاء، وهي تعكس الوجه الحديث والأمن للشرق الأوسط. وهي تركز على توفير أرقى الخدمات السياحية من فنادق ومنتجعات فاخرة لفئات عليا من السياح. وتعد المدينتان من أهم الوجهات السياحية العصرية في العالم بما تقدمه من مزيج من القديم والحديث والشواطئ والأسواق والمناخ العام الذي يجمع في وئام الكثير من الأجناس واللغات في بوتقة واحدة. وتعد أبوظبي الآن مركزا ثقافيا حيويا في المنطقة مع استضافة متاحف اللوفر وغوغنهايم. وهي أيضا تستضيف مسجد الشيخ زايد، وهو أحد أكبر المساجد في العالم يمكن لغير المسلمين زيارته.
من ناحية أخرى بلغت شهرة سلطنة عمان السياحية إلى القارة الأميركية بعد أن احتكرها الأوروبيون لأنفسهم لفترات طويلة. وهناك كثير من الفنادق والمنتجعات الجديدة في عمان التي توفر أجواء خلابة قلما توفرت في مواقع أخرى. وتقدم عمان خدمات سياحية من الطراز الأول سواء في منشآتها الحديثة أو في الأسواق التقليدية مثل سوق مطرح وسوق نزوة. وهناك بالطبع منطقة صلالة السياحية الفريدة.
وتحاول عمان أن تكون السياحة إليها على مدار العام حيث يقام مهرجان مسقط خلال فصل الشتاء بينما يجري المهرجان السياحي في صلالة خلال فصل الصيف. ومن نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى مارس (آذار) تكون درجات الحرارة ملائمة من أجل عطلة استرخاء من الطراز الأول. ويمكن الحصول على تأشيرات لدخول سلطنة عمان من المطار كما لا توجد محاذير أمنية بريطانية على السفر إليها مع الإشارة إلى أن الدخول إلى السلطنة من الإمارات من أحد المنافذ الحدودية البرية يتطلب العودة من المنفذ نفسه حيث تحفظ سجلات المسافرين.
تتميز المغرب بقربها من أوروبا مما يسهل السفر إليها ويجعلها بديلا جذابا ورخيصا لدول جنوب أوروبا مثل إسبانيا. وهي توفر للسائح الشواطئ والجبال والصحراء والثقافة الشمال أفريقية والأسواق الشعبية. وهي تناسب السياحة النشيطة لمن يريد أن يتجول في الداخل المغربي ويختلط بأهل القرى والمدن وجبال أطلس.
ومع ذلك فلا بد من إتاحة بعض الوقت للاسترخاء والاستمتاع بما تقدمه المغرب خصوصا الهدايا السياحية ومشغولات اليد والأقمشة والجلود. ولا بد من تجربة الاستمتاع بشرب الشاي بالنعناع على المقاهي البلدية ومشاهدة العروض الاستعراضية في الميادين بالإضافة إلى تذوق الوجبات المغربية التي أخذت تشتهر أوروبيا في السنوات الأخيرة.
من الأنشطة السياحية الشبابية في المغرب تسلق الجبال والرحلات الصحراوية على ظهور الجمال والخيل. كما يمكن القيادة على الطرق الجبلية بين المدن وهي طرق آمنة وتوفر مشاهد سياحية بانورامية. ويعتبر فصل الشتاء هو فصل الذروة السياحية في المغرب وإن كانت العروض الصيفية مغرية ورخيصة للأوروبيين. ويستخدم السياح أحيانا المواصلات العامة من باصات وقطارات للتنقل بين المدن المغربية المختلفة. ولا توجد محاذير أمنية أوروبية من أي نوع على السفر إلى المغرب.