تحظر فيتنام، التي تحكمها حكومة شيوعية وفقاً لنظام الحزب الواحد، المعارضة، وتجرم أحزابها، وتسجن نشطاء مؤيدين للديمقراطية. وقد تم إلقاء القبض على 12 معارضاً سياسياً، ووجهت لهم اتهامات أو تمت إدانتهم في جرائم مناهضة للدولة منذ يونيو (حزيران)، كما ذكرت كثير من وسائل الإعلام الغربية، في واحدة من أكثر الحملات القمعية كثافة في فيتنام على المعارضة منذ أعوام.
وطبقاً لتصريحات كارل ثاير، الأستاذ بجامعة «نيو ساوث ويلز» في أستراليا وأحد خبراء فيتنام، للوكالة الألمانية، يمكن للحكومة الفيتنامية أن تبدأ حملات قمعية قبل قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك)، التي تعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في مدينة دا نانغ الساحلية. ومن المقرر أن يضم الاجتماع زعماء من مختلف أنحاء منطقة المحيط الهادي، بالإضافة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ومع تركيز الأنظار على فيتنام، تريد الحكومة التأكد من أن النشطاء لا يستغلون الفرصة للفت الانتباه لقضاياهم.
وقال فيل روبرتسون، نائب مدير منظمة «هيومان رايتس ووتش» لشؤون آسيا، ومقرها نيويورك: «يبدو أن الحكومة الفيتنامية تشعر بأنها مهددة بالمزيد من الحملات المنسقة المنظمة... والتأثير المتزايد لاتصالات الإنترنت التي تمكن الناس من تنظيم أنفسهم بطرق جديدة».
نجوين فيت هونغ غير متأكد من كيفية مساعدته لابنه، فقد تردد أن الشرطة ألقت القبض عليه في مسقط رأسه في شمال فيتنام، في 27 سبتمبر (أيلول)، وقت الغداء. ومنذ ذلك الحين، لا أسرته ولا محاميه قادرون على رؤيته. واتهم دونغ (31 عاماً) بـ«الدعاية ضد الدولة»، وهو اتهام تصل عقوبته إلى السجن 20 عاماً. وقال هونغ، في مقابلة هاتفية من منزله في إقليم نجي آن مع الوكالة الألمانية: «كان دونغ يمضي قدماً في طريقه. وبالتالي، عاجلاً أم آجلاً، كان سيتم إلقاء القبض عليه. عندما تم إلقاء القبض عليه، لم أكن مندهشاً ولا مصدوماً، لكني كنت غاضباً جداً». وقصة دونغ ليست فريدة، فقد تم سحب الجنسية من معارض آخر كان يحمل جنسية مزدوجة فرنسية وفيتنامية، وترحيله إلى باريس.
وذكرت فام دوان ترانغ، التي كانت تعمل صحافية لدى وسائل إعلام تسيطر عليها الدولة في فيتنام، وهي الآن ناشطة حقوقية، أن الوضع بالنسبة للحركة المعارضة يبدو كئيباً. وأضافت في تصريحات للوكالة الألمانية: «لن تتوقف قوات الأمن، ولن يمتنع عناصرها عن ممارسة العنف أيضاً. لذلك، فإن هذه السنوات ستكون مظلمة جداً بالنسبة لفيتنام». ويضطلع النشطاء المناهضون للحكومة، الذين ينشرون بالدرجة الأولى رسائلهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بقضايا تتراوح بين حماية البيئة والسيادة الفيتنامية في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه. وشكل دونغ حزبه الجمهوري غير المعترف به، وجماعة يطلق عليها اسم «الرابطة الموالية للجيش في جمهورية فيتنام»، وكلاهما يشير إلى نظام «سايغون» القديم، الحليف للولايات المتحدة، الذي هزمه الشيوعيون في حرب فيتنام.
ونشر صوراً لنفسه وهو يرتدي ملابس عسكرية، جنباً إلى جنب مع علم فيتنام الجنوبية القديم، وهو رمز يعتبر محرماً في فيتنام الحديثة. ووصف والد دونغ ابنه بأنه رجل، فعال في مجتمعه، من خلال مساعدة المحتاجين، وقال: «كان يساعد الناس لبناء مدارس وطرق، وكان يساعد الأسر التي لديها صعوبات، لكن الحكومة تعتقد أنه كان يحرض الناس»، وأضاف أن القرويين يواصلون غلق أفواههم منذ اعتقال ابنه «لتفادي المشكلات».
ويقول كوانغ إيه، وهو خبير اقتصادي متقاعد ورجل أعمال، وهو الآن واحد من أبرز النشطاء المؤيدين للديمقراطية في فيتنام، إنه «اعتماداً على ما تدعمه، يمكن أن تكون مستهدفاً بسبب المعارضة».
وأضاف كوانغ إيه، في تحقيق للوكالة الألمانية: «إذا رفعت صوتك لدعم النظام القديم، عندئذ قد يرون أنك أكثر خطورة من الآخرين». وقد تم اعتقال سجناء سياسيين آخرين، مثل نجوين نجوك نهو كوينه، المعروفة أيضاً باسمها المستعار «الأم مشروم»، بسبب انتقادها للحزب الشيوعي في المدونات الفيتنامية.
وقال ثاير: «يشير توقيت الاعتقالات والمحاكمات إلى أنها (الحكومة) تتخذ إجراءً وقائياً، قبل وقت كبير من انعقاد قمة (أبيك)، لتخويف نشطاء آخرين من تنظيم احتجاجات شعبية على الإنترنت أو مظاهرات في الشوارع»، وأشار أيضاً إلى أن نشطاء حاولوا استغلال مؤتمر «أبيك» عام 2006، في هانوي، للفت أنظار زعماء العالم والإعلام.
ويقول كوانغ إيه إنه رغم أن الحملة القمعية التي تشنها الحكومة الحالية مثيرة، فإنها لا تردع النشطاء الملتزمين بمبادئهم من مواصلة عملهم، ويضيف: «إذا أصبحت عضواً من أجل الكفاح أو من أجل الديمقراطية أو من أجل حقوق الإنسان، ستضطر لمواجهة جميع العواقب، وأعتقد أنه بالنسبة لهؤلاء النشطاء، المحتجزين، فإنهم لا يخافون من أي شيء»، مستطرداً: «بالتأكيد، مع مثل هذه الإجراءات الصعبة، يمكنهم أن يثيروا بعض الخوف لدى الناس، لكنكم ترون أن تلك المشاعر مؤقتة».
وتعتقد الصحافية السابقة فام دوان ترانغ أنه «سيكون هناك ضوء في نهاية النفق لفيتنام، على الرغم من التحديات الحقوقية الحالية التي تؤثر على البلاد في المستقبل المنظور»، مضيفة: «إنها فقط مسألة وقت، ويجب أن نحاول أن نعيش لكي نروي القصة».
حضور ترمب قمة «أبيك» فرصة لنشطاء الديمقراطية في فيتنام لإعلاء صوتهم
حضور ترمب قمة «أبيك» فرصة لنشطاء الديمقراطية في فيتنام لإعلاء صوتهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة