وزير المالية السعودي: «حساب المواطن» سيواجه الارتفاع التدريجي لأسعار الطاقة

الجدعان أكد أن الاقتصاد العالمي في نمو وتحسن

صورة جماعية لوزراء مالية مجموعة العشرين وقادة البنوك المركزية ورئيسة صندوق النقد الدولي  في اجتماعات الخريف بالعاصمة الأميركية واشنطن ({الشرق الأوسط})
صورة جماعية لوزراء مالية مجموعة العشرين وقادة البنوك المركزية ورئيسة صندوق النقد الدولي في اجتماعات الخريف بالعاصمة الأميركية واشنطن ({الشرق الأوسط})
TT

وزير المالية السعودي: «حساب المواطن» سيواجه الارتفاع التدريجي لأسعار الطاقة

صورة جماعية لوزراء مالية مجموعة العشرين وقادة البنوك المركزية ورئيسة صندوق النقد الدولي  في اجتماعات الخريف بالعاصمة الأميركية واشنطن ({الشرق الأوسط})
صورة جماعية لوزراء مالية مجموعة العشرين وقادة البنوك المركزية ورئيسة صندوق النقد الدولي في اجتماعات الخريف بالعاصمة الأميركية واشنطن ({الشرق الأوسط})

أكد محمد الجدعان وزير المالية السعودي أن المملكة تبنت برنامج «حساب المواطن» لمساعدة المستحقين من أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط على مواجهة التكاليف الإضافية الناجمة عن الارتفاع التدريجي لأسعار الطاقة.
وفي إطار منفصل، أوضح الجدعان أن الاقتصاد العالمي في نمو وتحسن، مؤكداً في الوقت ذاته أن مستوى الثقة بالأسواق المالية العالمية في ارتفاع.
واستعرض الجدعان خلال كلمته أمام اللجنة النقدية والمالية الدولية التابعة لصندوق النقد الدولي خلال ترؤسه لوفد المملكة المشارك في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين التي عُقدت في مدينة واشنطن، استعرض التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، وتجدد تقلبات تدفق رؤوس الأموال.
وشدد وزير المالية السعودي خلال حديثه، على أهمية تعزيز المرونة الاقتصادية وبناء الاحتياطيات، وكذلك أهمية تكثيف الجهود لتعزيز التعاون الدولي.
وأكد الجدعان أهمية استمرار العمل على تعزيز اقتصاد عالمي أكثر شمولية للجميع من خلال الاستفادة من جميع الأدوات الاقتصادية المتاحة، لضمان استدامة وشمولية النمو، مشيداً بدور صندوق النقد في دعم السياسات، التي يمكن أن تعزز الثقة، ومرحباً في الوقت ذاته بعمل الصندوق في تعزيز إدارة المالية العامة، والشفافية المالية، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي شأن متصل، استعرض وزير المالية آخر تطورات الاقتصاد السعودي وجهود المملكة في تنفيذ رؤية المملكة 2030 وبرامجها التنفيذية، وتحديداً من خلال الدور الفعال الذي تقوم به السياسات المالية والنقدية والإصلاحات الهيكلية في ضمان نمو القطاع غير النفطي وتعزيز متانته، مبرزاً الجهود المبذولة في تحسين البيئة الاستثمارية ودعم القطاع الخاص وتعزيز ثقة المستثمرين، من خلال عدد من الإجراءات، بما فيها رفع مستوى الشفافية وتسهيل الإجراءات الحكومية، إلى جانب الدور الذي تقوم به برامج الخصخصة في تحسين إطار المالية العامة، ورفع مستوى المساءلة وتحقيق أعلى مستويات الحوكمة.
وتطرق الجدعان إلى الإجراءات المتخذة لضمان النمو الشامل، منوهاً في هذا الصدد بأهمية برنامج «حساب المواطن»، الذي تبنته حكومة المملكة لمساعدة المستحقين من أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط على مواجهة التكاليف الإضافية الناجمة عن الارتفاع التدريجي لأسعار الطاقة.
من جهة أخرى شارك وزير المالية في اجتماع لجنة التنمية التابعة لمجموعة البنك الدولي، واجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول مجموعة العشرين، بحضور محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور أحمد الخليفي، ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري، ونائب الرئيس والعضو المنتدب للصندوق السعودي للتنمية المهندس يوسف البسام، وعدد من المسؤولين في وزارة المالية، ومؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة الاقتصاد والتخطيط والصندوق السعودي للتنمية.
وناقشت لجنة التنمية التابعة لمجموعة البنك الدولي هذا العام رؤية مجموعة البنك الدولي لعام 2030. بما في ذلك تعظيم التمويل من أجل التنمية، بالإضافة إلى مناقشة تقرير التنمية العالمي بعنوان «تعزيز التعليم من أجل تحقيق أهداف التعلم»، وانعكاساته على أنشطة مجموعة البنك الدولي.
وألقى وزير المالية كلمة في هذا الاجتماع رحب فيها بالتقدم المحرز في تنفيذ رؤية مجموعة البنك الدولي لعام 2030، لا سيما سبل تعظيم التمويل من أجل التنمية بشكل استراتيجي لتلبية الاحتياجات التنموية الملحة، مؤكداً أهمية أن تسهم هذه الرؤية في تحقيق الأهداف المؤسسية لمجموعة البنك الدولي المتمثلة في الحد من الفقر المدقع، وتعزيز الرخاء المشترك بالتركيز على الأولويات ذات الأثر التنموي العالي.
وفيما يتعلق بتقرير التنمية العالمي، عد الجدعان الاستثمار في رأس المال البشري أحد المحركات الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، مؤكداً أهمية تعزيز سبل التعليم لتكون متوائمة مع التطور التقني ومتطلبات سوق العمل.
وحث وزير المالية السعودي مجموعة البنك الدولي على تعزيز استثماراتها في رأس المال البشري كأداة لتحقيق أهدافها المؤسسية.
كما شارك الجدعان ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي في اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين. واستعرض الاجتماع آخر تطورات الاقتصاد العالمي وإطار النمو القوي والمستدام والمتوازن، والتقدم المحرز في عدد من الموضوعات من بينها الضرائب الدولية والتشريعات المالية والبنية المالية الدولية، بما في ذلك جهود مكافحة غسل الأموال، إلى جانب استعراض أولويات المسار المالي للمجموعة خلال الرئاسة الأرجنتينية.
وفي إطار آخر، شارك محمد الجدعان وزير المالية السعودي في اجتماع المائدة المستديرة لمجلس الغرف الأميركية، الذي عُقد في مدينة واشنطن يوم الخميس الماضي. وألقى الجدعان كلمة استعرض فيها الجهود التي قامت بها حكومة المملكة لتحقيق رؤية المملكة 2030، مؤكداً أن تلك الجهود تسهم في دعم نمو القطاع الخاص، بما في ذلك تحفيز استثمارات الشركات الأجنبية بالمملكة.
وبيّن الجدعان أن رؤية 2030 تشتمل على مبادرات متنوعة تهدف إلى تطوير المنشآت المتوسطة والصغيرة، وتعزيز فرص العمل للمواطنين، ورفع مستوى الخدمات الحكومية، وتحسين البيئة الاستثمارية، وتطوير الأسواق المالية، وتنويع النشاط الاقتصادي للمملكة على المدى المتوسط.
وتطرق الجدعان إلى الفرص المتاحة والقطاعات الواعدة للشركات الأميركية، مؤكداً أهمية مشاركة هذه الشركات في تحقيق رؤية 2030، خاصة في إطار العلاقة القوية والراسخة التي تربط بين المملكة والولايات المتحدة.
من جانب آخر؛ عقد وزير المالية اجتماعاً ثنائياً مع الدكتور جيم كيم رئيس مجموعة البنك الدولي؛ تم خلاله بحث سبل تعزيز التعاون بين المملكة ومجموعة البنك الدولي، لا سيما في مجال دعم التنمية المستدامة بالدول النامية، كما عقد عدد من الاجتماعات الثنائية مع رؤساء وكالات التصنيف العالمية، والمصارف الدولية لمناقشة تطورات الاقتصاد العالمي.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».